تحتفل منظمة الصحة العالمية، في 31 مايو من كل عام، باليوم العالمي للامتناع عن التدخين بغرض تسليط الأضواء على الأخطار الصحية الناجمة عن تعاطي التبغ والدعوة لوضع سياسات فعالة كفيلة بالحد من استهلاكه، ويمثّل تعاطي التبغ ثاني أهمّ أسباب الوفاة على الصعيد العالمي بعد فرط ضغط الدم، فهو يقف، حالياً، وراء عُشر الوفيات التي تُسجّل في أوساط البالغين في شتى أرجاء العالم. وأقرّت جمعية الصحة العالمية الاحتفال بهذا اليوم في عام 1987 لاسترعاء انتباه العالم إلى وباء التبغ وآثاره الفتاكة، ويتيح هذا اليوم فرصة سانحة لإبراز رسائل محدّدة ترمي إلى مكافحة التبغ، وتعزيز الامتثال لأحكام اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ. والجدير بالذكر أنّ التبغ يأتي في مقدمة ما يمكن توقيه من الأوبئة التي تواجهها الأوساط الصحية. ويعد التبغ ثاني أهمّ أسباب الوفاة في العالم، فهو يودي بحياة عُشر البالغين في شتى أنحاء العالم “ 5.4 ملايين حالة وفاة كل عام” جرّاء إصابتهم بسرطان الرئة أو أمراض القلب أو أمراض أخرى، وسيؤدي التبغ، إذا ما استمرت أنماط التدخين على حالها، إلى وفاة 10 ملايين نسمة سنوياً بحلول عام 2020. والجدير بالملاحظة أنّ نصف من يدخنون الآن أي نحو 650 مليون نسمة سيقضون نحبهم من جرّاء التبغ في نهاية المطاف، وتعاطي التبغ يؤدي إلى الإصابة بـ 6 أمراض من الأمراض الثمانية الأشد فتكاً بالناس في جميع أرجاء العالم. ومن المفجع انتقال الوباء إلى العالم النامي، حيث ستحدث 80% من الوفيات المتصلة بالتبغ في غضون بضعة عقود. وهذا التحوّل مردّه استراتيجية التسويق العالمية التي تنتهجها دوائر صناعة التبغ التي تركّز على الشباب والبالغين في البلدان النامية، كما أنّ تلك الدوائر تسعى، بشراسة، إلى التركيز على النساء بالنظر إلى امتناع معظمهن عن التدخين في الوقت الراهن، لأنّهن قد يمثّلن فئة قد يسهل تسويق التبغ بينها، كما إن وباء التبغ من الأوبئة التي تسبّب الإنسان في ظهورها والتي يمكن تجنبها على النحو الكامل. غير أنّ هناك 5% فقط من سكان العالم ممّن يعيشون في بلدان تحمي سكانها باتخاذ التدابير السياسية الرئيسية التي أسهمت في الحد بشكل كبير من تعاطي التبغ في البلدان التي نفذتها. وهناك 6 سياسات تضمن أكبر قدر من الفعالية وتمكّن من كبح جماح وباء التبغ ترد في برنامج السياسات الست التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، وهي: رصد تعاطي التبغ وسياسات توقي التبغ، وحماية الناس من دخان التبغ، وعرض المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ، والتحذير من أخطار التبغ، وحظر الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته، وزيادة الضرائب المفروضة على التبغ. 18% المدخنين بالبحرين وفيما يتعلق بإحصائيات التدخين في البحرين، أكد استشاري طب العائلة ورئيس عيادة الإقلاع عن التدخين د. كاظم الحلواجي أنه “وفقاً لتعداد 2001، فإن نسبة المدخنين البحرينيين يومياً للفئة العمرية 15 عاماً فما فوق تبلغ 17.7% من الذكور، و3.5% من الإناث، بينما تبلغ النسبة الإجمالية للمدخنين البحرينيين 10.7%، أما غير البحرينيين فإن نسبة التدخين بين الذكور 34.7% والإناث 7.3%، بينما نسبة إجمالي المدخنين غير البحرينيين 27%، ووفقاً للأرقام المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية فإن “نسبة المدخنين الذكور في البحرين، سواء المواطنين أو الأجانب أو المقيمين تبلغ 26.9%، وبين الإناث 4.7%، بينما تبلغ النسبة الإجمالية للمدخنين في البحرين بوجه عام 18%”. وذكر د. الحلواجي أن “عدد المراجعين لعيادة الإقلاع عن التدخين بمركز الحورة الصحي منذ بداية 2004 وحتى الآن بلغ 1320 مراجعاً، منذ تم العمل بهذه العيادة بصورة تجريبية بتاريخ 27 نوفمبر 2004، وبدأ يتعرف عليها المراجعون مع بداية 2005 حيث كانت العيادة تعمل يوم الأحد من كل أسبوع صباحا في مركز الحورة الصحي وهي الآن تعمل بمعدل 3 مرات في الأسبوع وذلك أيام الاثنين والأربعاء من الساعة الخامسة وحتى التاسعة مساءً ويوم الأربعاء صباحاً أيضاً”. وأشار إلى أن “العيادة تدار الآن من استشاري طبيب عائلة وأخصائي تثقيف صحي وممرضة وبدعم من طاقم الكتاب والصيدلية ويتوفر لدى العيادة جهاز لقياس وظيفة الرئة وآخر لقياس نسبة أول أكسيد الكربون في الرئة، وكذلك بعض الوسائل المساعدة من علكة ولصقات النيكوتين ويتم تقييم المدخن الذي يطلب المساعدة من خلال استبيان وكذلك تقييم نسبة إدمانه للنيكوتين، كما تعقد جلسة إرشادية للمدخن يتم فيها وضع برنامج خاص له ويتفق على الوسيلة المساعدة، وكذلك ترتيب زيارات أسبوعية على مدى 4 أسابيع ثم بعد ذلك كل 3 و6 شهور وسنة ثم سنتان”، موضحاً أن “الإقبال يتزايد على عيادة الإقلاع عن التدخين في مركز الحورة الصحي”. وفي رد على سؤال حول عدد الوفيات جراء مضاعفات التدخين حول العالم، أوضح د. الحلواجي أن “تقارير منظمة الصحة العالمية أكدت أن عدد الوفيات السنوي في العالم وصل إلى 6 ملايين شخص نصفهم من العالم الثالث والدول الفقيرة أي بمعدل كل 5 ثوان هناك شخص يموت بسبب التدخين، علاوة على الذين يموتون بسبب استنشاق الدخان وهم بمئات الآلاف من خلال التدخين السلبي”. 25 مرضاً خطيرة وأوضح د.الحلواجي أنه “وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فهناك 25 مشكلة خطيرة تنجم عن التدخين واستخدام التبغ وهي سقوط الشعر لقلة المناعة، والإصابة بالماء الأبيض بالعين، وزيادة التجاعيد مبكراً، وفقدان السمع، والإصابة بسرطان الجلد، وضعف الشم والتذوق، وانتفاخ الحويصلات بالرئتين، والإصابة بالتهابات شعبية مزمنة، والإصابة بسرطان الرئة، وهشاشة العظام وآلام الظهر، والإصابة بأمراض القلب والأوعية، والإصابة بقرحة المعدة، والصداع، والأرق، والكسل، وتلون الأصابع بالقطران، والإصابة بسرطان الرحم وعنقه، وتقليل نسبة الأستروجين “اليأس”، ومضاعفات بالحمل والولادة، والعقم والضعف لدى الرجال والنساء، والصدفية بالجلد، وقصور الدم “الغرغرينا”، وتلون وسقوط الأسنان، والإصابة بسرطان الفم واللسان، وسرطان الحلق والبلعوم، وسرطان المثانة والكلى، وسرطان البنكرياس”. وأضاف د. الحلواجي أن “هناك أضرار خاصة أيضا بالنسبة للمرأة المدخنة، خاصة أثناء فترة الحمل تتمثل في ولادة طفل ناقص الوزن بسبب نقص الزنك وقصور المشيمة، أو الولادة المبكرة، مع احتمال الوفاة في الشهر الأول، أو حدوث نزيف ما بعد الولادة، وربما زيادة مخاطر الإجهاض التلقائي، إضافة لزيادة ضربات قلب الجنين، مع نقص الإيقاعات التنفسية لمدة ساعتين مؤدياً إلى التشوهات، ولا شك في أن الإقلاع عن التدخين قبل الشهر الرابع يحسن من صحة الطفل”. وأوضح د. الحلواجي أن “الأطفال المولودين لأمهات مدخنات يكونوا أقل طولاً من أمثالهم ممن ولدوا لأمهات غير مدخنات، ويكون المستوى العقلي والدراسي أقل من أمثالهم، كما أن النيكوتين سبب رئيس في حدوث التشوهات، وتكون الحوامل المدخنات أكثر عرضة للقيء والتشنجات، ونلاحظ أن مقدار النقص في نمو الجنين يتناسب مع استهلاك السجائر”. الأطفال والتدخين السلبي وتطرق د. الحلواجي للحديث عن آثار التدخين التي تصل إلى الصغار، موضحاً أن “الأطفال يدخنون ربع ما ينفثه الوالدان في المنزل، وأثبتت الدراسات أن الأطفال يمكنهم استنشاق ما يعادل 102 علبة سجائر حتى سن الخامسة نتيجة التدخين السلبي الذين يتعرضون له من خلال الهواء الحامل للنيكوتين مما يعرضهم إلى أمراض تنفسية وربو، كما إن ثلث حالات الصمم في الأطفال ترجع لتدخين الوالدين، فضلاً عن أن تدخين أحد الوالدين يعرض الرضيع للنزلات الشعبية، إضافة إلى أن النيكوتين في حليب الأم يؤدي لتقليله وتغييره، كما إن النيكوتين في حليب الأم المدخنة يسمم الرضيع ببطء وتقول الدراسات أن حالات التدخين تزداد بين هؤلاء الأطفال، كما إن تدخين الوالدين يضعف مناعة الطفل ويسبب الأمراض”. وفي رد على سؤال يتعلق بالسن المعينة التي يبدأ فيها الشخص في ممارسة التدخين، أفاد د. الحلواجي أنه “في الغالب 80 % من المدخنين يبدؤون التدخين في سن أقل من 18 سنة وبالتحديد بين 13 إلى 15 سنة”. وأوضح أن “الأسباب التي تقود الشباب لهذه العادة السيئة غالبيتها فردية، وهي تقليد الآخرين من البالغين أو مجاراة لمجموعة الرفقاء وتجريب الشيء أو اللهو أو الفراغ و الملل أو الشعور بالرجولة أو لترويج فكرة أنها تساعد على المذاكرة وهذه كلها أسباب واهية، أما على مستوى انتشار هذه الظاهرة الخطيرة فورائها الدعاية و الترويج من قبل شركات صناعة التبغ عن طريق الأفلام والمسلسلات الغربية، حيث تدفع شركات صناعة التبغ ملايين الدولارات لإدخال مشاهد التدخين خلال الإنتاج التلفزيوني والسينمائي، كما أن توفر السلعة في كل مكان وبأسعار زهيدة، وتوفر المدخن تساعد الثالوث على انتشار الظاهرة”. ونفى د. الحلواجي صحة ما يتردد عن أن “مادة النيكوتين في السجائر تسبب التركيز”، مشيراً إلى أن “مــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادة النيكوتين تصل إلى الدماغ خـــــلال 7 ثــــــــوان من شفط الدخان ودخوله إلى الرئة ثم الدورة الدموية وفي الدماغ يقوم النيكوتين بعملية تحفيز ينتج عنه عدة مواد كيميائية من ضمنها مادة “الأستايل كولين” التي تساعد على زيادة الإدراك ومواد أخرى مهدئة أو تسبــــــــــــــــــــــــــب الاسترخاء وأخرى منشطة مثل القات وأخرى مخففة للألم وذلك حسب جرعة النيكوتين التي تصل إلى الدماغ وليس ذلك وحده إنما ينتج عن ذلك ارتباط نفسي ليجد الشخص نفسه يستلذ بالسيجارة من لحظة إشعالها وحتى إطفائها وكل ذلك الشعور زائف و لحظي ليعاود الشخص التدخين من جديد ليبقى على نفس الوتيرة طول يومه”. وهم السيجارة الإلكترونية وأضاف أن “السيجارة الإلكترونية ليست سبيلاً للإقلاع عن التدخين”، مشيراً إلى أن “السيجارة الإلكترونية دفعت للأسواق كمنتج جديد أو طريقة أخرى لاستخدام التبغ وروج لها على أنها صديقة للبيئة وممكن تدخينها في الإمكان المغلقة وتساعد على الإقلاع عن التدخين ولكن دون توثيق بأي دراسة علمية، وقد وجد في النيكوتين السائل الذي تعمل به هذه السيجارة مادتان مسرطنتان، وقد منع تداولها في دول الخليج العربي واعتبرتها منظمة الصحة العالمية كالسيجارة العادية و معظم من استخدمها تركها راجعاً إلى السيجارة العادية إما بسبب ارتفاع ثمنها أو أنها لا توفر المتعة الزائفة التي يشعر بها مدخن السيجارة العادية”. وينصح د. لحلواجي بضرورة الإقلاع عن التدخين بطرق علمية بمساعدة أو بدون مساعدة عيادة الإقلاع عن التدخين وكلما تم الإقلاع مبكراً كانت هناك فرصة أكبر للتخلص من آثار الدخان في الرئة والجسم كله كما إن الجسم يكتسب نسبة صفر % من الخطورة للإصابة بـ 25 مرضاً خطيراً يسببه التدخين و ذلك بعد عشر سنوات أو أكثر من التوقف عن التدخين. وحول جهود منظمة الصحة العالمية في التوعية بأضرار التدخين ومضاعفاته حول العالم، أوضح أن “المنظمة جعلت بند خاص في الاتفاقية الإطارية العالمية لمكافحة التبغ للتوعية بأضرار التبغ والقوانين التي شرعت للحد من عرض التبغ واستهلاكه وحماية غير المدخنين والتوعية بأضرار التدخين للمحافظة على صحة وسلامة الناس جميعاً وجعلته كحق من حقوقهم في استنشاق الهواء النقي في أماكن تجمعهم وأماكن عملهم”.