^ خلال جلسة مجلس الوزراء الأحد الماضي أتى سمو رئيس الوزراء على ذكر مسألة بغاية الخطورة؛ وهي ضرورة التنسيق بين الوزارات والأجهزة المعنية لتحديث بيانات المواطنين بما يضمن التخفيف والتسهيل على المواطن ولا ينال من كرامته ويضمن احترامه عند إجراء أي معاملة وبالذات إجراءات الدعم المالي. واضح طبعاً أن سموه يشير إلى صورة نشرت لرجل من قبل أيام وهو مفترش أرض أحد المراكز التابعة لوزارة التنمية وحقوق الإنسان منتظراً إعادة تحديث بياناته، ولا نعلم هل هذه المرة الثالثة أو الرابعة أو العاشرة التي ينتظر في المركز لنفس الغرض من أجل الحصول على الدعم، القصة ليست صورة واحدة؛ نحن على يقين أن آلاف الصور والشكاوى ولدها موضوع دعم الغلاء، إما لتعقيد الإجراءات أو لعدم توصيل المعلومات الصحيحة للمواطنين، لا أظن أن الناس يستشعرون المذلة في إجراءات الدعم من فراغ، هناك أخطاء يجب تداركها ببساطة دون إضاعة الوقت في الدفاع والتبرير. قطعاً لم تكن معاناة الرجل لتصل إلينا أو لسمو رئيس الوزراء لولا من صورها ونقلها ومن نشرها، ولهؤلاء الفضل في ذلك، وهو أمر يشكرون عليه؛ بمعنى أنه لم يكن خطأ أن يتم تصوير الرجل أو نشر القصة بداعي أننا مجتمع محافظ والفرد له خصوصية والتصوير تم دون إذن الشخص وذويه، وللعلم لا أظن أحداً فكر في أن الرجل في وضع مشين بل كلنا رأينا الوزارة والإجراءات في وضع لا تحسد عليه، ليس لأنه افترش الأرض، فحسب بيان الوزارة، الرجل فضل الجلوس على الأرض، لكن لأجل الانتظار والإجراءات التي لا معنى لها ونحن نباهي بالحكومة الإلكترونية والجوائز التي تحصدها، أليس بإمكان هذه المنظومة أن تحدث البيانات بصورة أو أخرى دون أن يضطر المحتاج إلى الذهاب للمركز الاجتماعي أو الوزارة ليقول نعم أنا هنا من أجل الخمسين ديناراً، ما لا نرضاه على أنفسنا يجب ألا نرضاه للغير وكرامة البحريني كما قال سمو الرئيس لا بد أن تكون أولوية، فالقصور المادي يحتمل لكن كرامة كل واحد منا رأس ماله. من وجهة نظر بيان الوزارة الذي جاء بسرعة خارقة رداً على نشر الصورة أن من العيب والخطأ أن نرى أموراً سلبية تحدث في مجتمعنا ونرصدها ونوثقها، هل المفروض أن نكون سلبيين؟ وإذا رأينا حقاً ينتهك أو خطأ يمارس هل يجب أن نستأذن لنوثقه؟ هل هذا في مصلحة أداء الحكومة؟ المواطن السلبي عالة على وطنه، أما المواطن الذي ينتقد ويرصد الأخطاء ويوصلها لذوي الشأن فهو شريك في عملية التنمية والتطوير والرؤية المستقبلية للوطن، نحن نعلم تماماً أن وزارة التنمية تعمل جاهدة لتحقيق العدالة الاجتماعية وأنها تسعى لتحقيق معايير عادلة لدعم الغلاء وهي تحتاج لتحديث البيانات -وإن كنا نختلف في الأسلوب- ونعلم أن هناك من لا يستحق الدعم ويجب ألا يشارك المحتاج فيه، لكن أن نقول إن كل شيء يسير 100% بصورة إيجابية وبلا أخطاء، فهذا ضرب من المستحيل بل المستحيل بعينه. هناك أخطاء وهناك شكاوى كثيرة وسندخل في دائرة مجاملات لا تنتهي إن قلنا إن الناس راضون أو متأقلمون مع فكرة تحديث البيانات كل فترة والانتظار في طوابير لأجل مبلغ زهيد جداً في الواقع، والحمد لله أن التوجيهات صدرت من رأس الهرم ولا يمكن للجهة المعنية أن تقول إن كل شيء على ما يرام والرجل إنما فضل أن يجلس على الأرض لأنه مستمتع بإعادة تسجيل بياناته. على العموم أعتقد أن الوزير الذي يتعامل مع النقد بصورة سليمة دون خوف ودون حساسيات قابل أكثر للنجاح في تأدية مهمته، أما الوزير والمسؤول المتشنج الذي يصيبه النقد بالهيستيريا فليس المهم كم يبقى في منصبه، المهم أنه لن يذكر عند الناس بالخير، والحقيقة أن أهم نقطة يجب أن يضعها الوزير والمسؤول نصب عينيه رضا الناس وراحتهم فلهذا نصب بموقعه وهذا معيار نجاحه.
ما وصل لسمو الرئيس
05 يونيو 2012