كتب – جعفر الديري: يؤكد الكاتب علي فردان محمد فردان أن الفكر الملتزم جهاد، وأن للكلمة الطيبة رسالة إذا قذفناها تجاه الحق انطلقت لتدمغ الباطل فترديه أسفلاً وتبعده بعيداً عن دروب المجتمع المسلم السليم، مشيراً إلى أن الدراسات والبحوث الفكرية إضافة إلى التجارب التطبيقية أثبتت أن الفكر الإسلامي رغم تعدد مناهجه ومدارسه، لا يمتاز فقط بالعمق والشمولية والأصالة الذاتية فحسب، بل يمتلك القدرة الشاملة والفائقة والدائمة على استيعاب التطور في جميع الأمور، والاستجابة لكل متطلبات الحياة ومتغيراتها، وذلك ضمن تفعيل دور (الفكر النافع بالكلمة الطيبة)، حيث انه من المعلوم أن من السبل المعتادة للتعبير عن الفكر هي «الكلمة. جاء ذلك في كتاب علي فردان (الفكر والكلمة وأهميتهما في تحقيق الاستقرار والأمن المجتمعي) الصادر حديثا عن مؤسسة إكستريملي نور للتوزيع والإنتاج الفني، والذي اشتمل على مواضيع تناولت: الفكر والكلمة، أنواع الكلمة وأهدافها، الكلمة الطيبة، الكلمة الخبيثة، استعمالات الكلمة الخبيثة؛ اللغو، الزور، البهتان، السخرية، اللمز، التنابز، التجسس، الغيبة، زخرف القول (الكلمة الخادعة)، النجوى الآثمة، الأراجيف والإشاعات، الكذب، مسؤولية الفكر والكلمة، اهتمام الدين بتربية الفكر والكلمة، إعداد الفكر والكلمة عند الإنسان سلوكياً ونفسياً، المرتكزات الأساسية في تربية الفكر والكلمة، أهداف تربية الفكر والكلمة، من المسؤول عن تربية الفكر والكلمة؟، الأسرة، المدرسة، المجتمع، الحكومات ومؤسساتها، الإنسان نفسه. الكلمة مكانها الصدارة يشير الفردان إلى أنه ورغم أن الصورة الفوتوغرافية والأداء التمثيلي المسرحي والسينمائي والتلفزيوني؛ بل وحتى الأصوات الموسيقية وغيرها أصبحت وسائل للتعبير، إلا أن الكلمة كانت وستظل عبر التاريخ الإنساني تحتل مركز الصدارة في مجال التخاطب والتعبير وترجمة الفكر ونشر الثقافة سواء كانت هذه الكلمة مسموعة أو مرسومة أو غيرها، لافتاً إلى تأكيد الإسلام العظيم على «أهمية الفكر الصائب والكلمة الطيبة»، حيث رسم لها المسار المستقيم الواضح والهدف الناصع النافع الصالح، لتكون أداة بناء في حياة البشر. لذا نجد أن رسالات السماء دائماً تدعو الناس بالكلمة الطيبة، والقرآن الكريم يقر بذلك (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى)، والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤكد أن الكلمة الطيبة صدقة. ويلفت إلى أن ذلك ما كان إلا لإعطاء الكلمة دوراً حضارياً شامخاً لا في مجال الأدب والفلسفة والفن والتاريخ والسياسة والاقتصاد ونحوها فحسب، بل وفي مجال التعاون الإنساني والعلاقات الاجتماعية والسلوكية أيضاً، حيث لم يكتف الإسلام العظيم في الحض على الالتزام بالكلمة الطيبة المعبرة عن الفكر البناء النير في المجتمع فحسب، وإنما كشف مخاطر الفكر المظلم المنحل ومساوئ الكلمة الخبيثة في المجتمع البشري، والتي تهدم القواعد الإنسانية، وتفصم أقوى العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد، وبهذا استطاع الإسلام أن يبني شخصية الإنسان على أسس متينة منيعة تعمل الخير وتبحث عنه، وتكف عن الشر وتتوقاه.احترام الشخصية والاستقلال الفكري ويتساءل الفردان: كيف نحصل على الفكر السليم والكلمة الطيبة؟ ويجيب: بأن نهدي أنفسنا وأبنائنا كل معاني العطف والحب والحنان والمحبة، ونربي في أنفسنا وفي أبنائنا احترام الشخصية واستقلالها الفكري السليم، لتنشأ بيننا وبين أبنائنا وأبناء مجتمعنا علاقات الود، لكي نوفر للجميع أجواء من الأمن والطمأنينة لمد جسور المساعدة على نمو الأفكار السليمة الناصعة النافعة، وسلامة جميع الأطراف في سلوكياتهم وأخلاقياتهم واتجاهاتهم وفي حياتهم اليومية.وحول أهمية تربية النفس على الإيمان، يقول الفردان: يجب أن نربي أنفسنا وأولادنا على الإيمان بالله ونتعلم محبته والإحساس بعطفه ورحمته ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، ونتعود على قراءة القرآن الكريم وتلاوته وفهمه وترديد ذكر الله في كل حين عن طريق التحفيز والنشجيع بالمسابقات وما شابه، ونختلط مع أبناء مجتمعنا ونجيب على أسألتهم التي تخطر في أذهانهم بكل حب وود، من غير أن نجرح شعورهم، كي لا نحدث لهم مشاكل فكرية لا يدركون فهمها بعد حين فتصبح في قلوبهم عقداً لا تنجلي.واجب التعرف على التاريخ وبشأن الاستفادة من التاريخ، يؤكد الفردان أن واجبنا أن نتعرف على التاريخ، ونعرفه لأبنائنا ونقص عليهم قصص الأنبياء من القرآن الحكيم، نعرفهم بسيرة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله سلم) وأهل بيته وخلفائه الراشدين وأصحابه الأبرار الأخيار، بأسلوب قصصي محبب ومبسط لا زيادة فيه ولا نقصان، كي نحصل منه على الحقيقة، وتتوسع من خلاله أفكارنا ونضع به أبنائنا على الفكر السليم. أما أهمية ترويض النفس بالفكر السليم والكلمة الطيبة، فيؤكد الفردان بشأنها أن ترويض أنفسنا ومن يعنينا أمره على التمسك بالعادات والتقاليد الحميدة والمبادئ الصحيحة التي جاء بها الدين الإسلامي لزاماً علينا جميعاً، ويجب أن نربي أنفسنا وأبنائنا على رعاية واحترام عادات وتقاليد وقوانين المجتمع في مختلف المناهج والميادين العلمية والتعليمية والتربوية.أما كيف نعلم أنفسنا وأبنائنا أداء الفرائض والعبادات، فيشير الفردان حولها إلى أن من أهم الأمور التي يجب أن نتعلمها في أي مجتمع كان، هي أداء الفرائض والعبادات بدءاً من النظافة والطهارة وأداء الصلاة والصيام، وغيرها من الأمور المفروضة علينا والتي يمكن أداؤها من غير أن نجهد أنفسنا وأبنائنا فيها، حتى لا ننفرهم منها بسوء المعاملة، إذ أن الفرائض عامل وركن مهم لتنقية الفكر والكلمة من الشوائب. ويضيف الفردان: علينا أيضا أن نراقب أنفسنا وأبنائنا في كل وقت، فلا ريب أنه من واجب كل فرد في المجتمع سوى كان أباً أو أماً أو مدرساً أو عالماً أو واعظاً أو مسؤولاً يمتلك قراراً في المجتمع أن يراقب نفسه أولاً، وأن يحرص هو على نفسه، وعلى من هو مسؤول عنهم لا يسمع أو يشاهد أو يمارس شيئاً محرماً، وإذا وقع الإنسان في فعل الحرام، فلابد من تفسير دوافعه للأبناء الصغار وتنبيههم وتحذيرهم إلى إن هذا الفعل محرم يدخلنا النار.تربية الأطفال على الفكر الصائب وبشأن مكارم الأخلاق بالفكر السليم، يشدد الفردان على واجب أن نربي أنفسنا وأبنائنا على الفكر الصائب ومكارم الأخلاق الحميدة، كالتحية بالآخرين وآداب الطعام واللباس والتعاون في بناء المجتمع وحماية الوطن من الأشرار، وإظهار الشجاعة والصدق والكرم وحب الخير للناس والمجتمع، عن طريق المعاملة الطيبة والفكر الرشيد الناضج الصائب. ويؤكد الفردان أن المساجد أفضل الأماكن لتربية الفكر السليم والكلمة الطيبة، حيث يجب أن نعود أنفسنا على الذهاب إلى المساجد كل يوم في الصباح والمساء، ونأخذ أبنائنا منذ نعومة أظافرهم للمساجد، كي يتعودا على ارتيادها ومنها يحصلون على الفكر النافع والكلمة الطيبة. كما إننا كلما تربينا وتغذينا واسترشدنا بالفكر السليم والكلام الطيب عرفنا من هم أعداءنا وأعداء أمتنا وديننا ووطنا، عندها نحذر منهم، ونكرس روح الوطنية والأخوة في أنفسنا ومجتمعنا، فنوسع آفاق الفكر والمعرفة بالعالم الإسلامي، عن طريق الوقائع العملية والأحداث التي وقعت عبر تاريخ أمتنا العربية والإسلامية في الماضي والحاضر، ونفهمها جيداً ونستخرج منها العبر والدروس والمواعظ والأفكار النيرة خدمة للفرد والمجتمع والوطن.