القاهرة - (وكالات): بدت عملية الانتقال الديمقراطي في مصر مهددة بشكل كبير أمس بعد إبطال المحكمة الدستورية نتائج انتخابات مجلس الشعب التي فاز فيها الإخوان المسلمون الذين يواجه مرشحهم لانتخابات الإعادة الرئاسية محمد مرسي اليوم أحمد شفيق أحد وجوه النظام السابق الذي ينظر إليه كرجل المجلس العسكري الحاكم.ووصف الإسلاميون والقوى السياسية المنبثقة عن التيار "الثوري” قرار المحكمة الدستورية إبطال نتائج الانتخابات التشريعية بسبب عدم دستورية القانون الانتخابي الذي جرت بموجبه، بأنه "انقلاب” حقيقي دبره الجيش. واعتبرت مجموعة من القوى اليسارية والليبرالية والعلمانية المصرية أن ما هو حاصل هو "سيناريو انقلاب عسكري (..) أعده المجلس العسكري منذ فبراير 2011 لتصفية الثورة” متمثلاً في "مسلسل البراءات لقتلة الثوار والذي انتهى بالحكم المشين لأبناء مبارك ومساعدي حبيب العادلي بالبراءة ثم (...) قانون الضبطية العدلية لأفراد الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية وانتهاء بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون العزل وحل مجلس الشعب”.وقالت هذه القوى في بيان إن "كل هذه الإجراءات المتتالية كشفت عن أن المجلس العسكري قائد الثورة المضادة، عازم على إعادة إنتاج النظام القديم وأن الانتخابات الرئاسية مجرد مسرحية هزلية لإعادة إنتاج نظام مبارك” وأن "الفترة الماضية استغلها المجلس العسكري للسيطرة على مفاصل الدولة وتفعيلها لصالح مرشح النظام السابق أحمد شفيق”. ومن جهتها، وصفت صحيفة التحرير (مستقلة) ما جرى بأنه "انقلاب بالقانون” في حين كتبت صحيفة الشروق (مستقلة) أن ما حدث يعني "العودة إلى 24 يناير 2011 اليوم السابق لاشتعال الثورة” على نظام مبارك وإذا ما تبع ذلك فوز أحمد شفيق "فإن مصر بعد إعلان النتيجة خلال يوم أو يومين ستعود إلى قبضة النظام القديم بالكامل مع بعض التغييرات الديكورية”. وعنونت صحيفة الأهرام "حل مجلس الشعب وبقاء شفيق في سباق الرئاسة” ودعت في افتتاحيتها "الجميع لاحترام إرادة الغالبية”. ويقول بعض الخبراء إن العسكريين، الذين يتولون السلطة منذ فبراير 2011، كان لديهم متسع من الوقت لترتيب أوراقهم وإعداد استراتيجيتهم حتى لو اضطروا لإخفائها خلف أحكام قضائية مثيرة للجدل. ويؤكد المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في جامعة دورهام البريطانية خليل العناني أن "ما يحدث الآن جزء من خطة شاملة للمرحلة الانتقالية وضعها العسكريون الذين يحاولون منذ ما يقرب عام ونصف العام امتصاص صدمة الثورة”. وتابع "بدؤوا بالشباب والآن يهاجمون الأخوان المسلمين”. ورغم كل ذلك فإن مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي أعلن أنه يحترم قرار المحكمة الدستورية التي سمحت أيضاً لمنافسه شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك بالبقاء في سباق الرئاسة من خلال حكمها بعدم دستورية ما يعرف بقانون العزل السياسي الذي كان يستهدف رموز النظام السابق أو "الفلول” كما يعرفون في مصر، بغرض استبعادهم من الانتخابات لعشر سنوات. وفي غضون ذلك، تظاهر مئات المصريين في ميدان التحرير أمس احتجاجاً على قرارات المحكمة الدستورية العُليا.وردّد المتظاهرون هتافات ضد العسكر "يسقط يسقط حكم العسكر”، "يا اللي ساكت ساكت ليه خدت حقك ولا إيه”، و«الشعب يريد إسقاط الفلول”. كما نظَّم عدد من المتظاهرين مسيرة انطلقت من أمام مبنى مُجمَّع التحرير حيث مكاتب الوزارات وهيئات الدولة، في طريقها إلى مبنى مجلس الوزراء، للمطالبة بتأجيل جولة الإعادة، وتطبيق "العزل السياسي”.وأكد رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني أن شعب مصر الذي انتخب بكل شفافية نوابه "قادر على انتخاب أشخاص آخرين يحمون مكتسبات الثورة من الذين يريدون مصادرتها”. وفي غضون ذلك، نشرت القوات المسلحة 150 ألفاً من أفرادها في مختلف المحافظات المصرية لتأمين مقار أكثر من 13 ألف مكتب اقتراع "لمنع حدوث مخالفات وأعمال الشغب التي من شأنها إعاقة العملية الانتخابية ومنع المواطنين من الإدلاء بأصواتهم” ومحذرة من أنها ستتصدى "بحزم وحسم لكل من يمنع المواطنين من اختيار رئيس مصر القادم”، بحسب مصدر رسمي. كما تساهم القوات المسلحة في نقل القضاة المشرفين على الانتخابات بطائرات عسكرية إلى المحافظات البعيدة. وانتهت الحملة الانتخابية منتصف نهار أمس وبدأت إثرها فترة الصمت الانتخابي. ومن المقرر إعلان النتائج الرسمية للانتخابات في 21 يونيو. ولتشجيع الخمسين مليون ناخب المسجلين في القوائم الانتخابية على الإقبال على التصويت، قررت السلطات يومي السبت والأحد عطلة رسمية مدفوعة الأجر. وأعلنت وزارة الداخلية خطة أمنية تحسباً من أي اضطرابات محتملة.وفي رد فعل على قرار المحكمة الدستورية المصرية، أعربت الولايات المتحدة عن "قلقها” حيال قرار المحكمة الدستورية العليا اعتبار نتائج الانتخابات التشريعية غير قانونية، وتدرس تداعيات هذا القرار.وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند للصحافيين "نحن قلقون حيال قرار المحكمة الذي سيؤدي إلى حل (هيئة) منتخبة ديمقراطياً”.