صلاحيات المجلس النيابي الرقابية ليست ضعيفة كما يصورها أصحاب الأجندات الخاصة لأغراض بعيدة كل البعد عن خدمة المواطن والوطن، الصلاحيات قوية حتى قبل التعديلات التي ستدخل عليها لاحقاً، فما بالك حين تدخل عليها التعديلات؟ النواب يملكون أدوات رقابية فعالة، وبإمكان النواب المنتخبين من خلالها فعل الكثير لحفظ المال العام، لكن مع الأسف يجهل الكثير منا حقيقة تلك الأدوات وفعاليتها، لهذا يستغل أصحاب الأجندات حالة عدم الوضوح أو الجهل لدى الرأي العام بفعالية تلك الأدوات فيروجون إلى أن تحركهم هو لتفعيل الأدوات الرقابية، المؤسف حقاً أنهم يستغلون أجندات القوى الخارجية ومخططاتهم ليضعوا يدهم في يد تلك القوى بحجة أن تحركهم هو من أجل الإنسان البحريني ومن أجل الديمقراطية ومن أجل محاربة الفساد؛ ليروجوا داخل وخارج البحرين إلى أن المجلس النيابي هو مجلس صوري وشكلي وليست لديه أدوات رقابية حقيقية.المادة (67) من دستور البحرين والخاصة بحق المجلس المنتخب في تشكيل لجان للتحقيق، واحدة من أقوى الأدوات الدستورية، فلجان التحقيق تعطي النواب الحق بفتح كل الأبواب الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة، وتعطيهم الحق بالاستعانة بمن يشاؤون وبالاسترشاد بالرأي بمن يريدون.والنتائج التي تتوصل إليها لجان التحقيق هي دليل إرشادي للحكومة كي تصحح من إجراءاتها وحجة عليها لو أراد النواب استخدام باقي الأدوات كالاستجواب وطرح الثقة، ونتائجها كذلك دليل إرشادي للسلطة التشريعية نفسها إن اكتشفت أن الخلل في الأمر الذي يتحققون منه بسبب ضعف في التشريع، في النهاية أليست العبرة في قطف العنب أم هي في قتل النواطير فحسب؟لذلك لا حجة للمقصرين أن النص مقيد لهم، وأن النص يعطي صلاحيات صورية للأعضاء المنتخبين، تلك كذبة تقال لغرضين إما لتبرير القصور في الأداء أو من أجل الضغط للحصول على صلاحيات أكبر، وهو مبرر لا يستدعي الكذب من أجله، خصوصاً وأنك تروج لهذه الكذبة خارج البحرين عند جهات وأشخاص لا تتحرى بصحة أو عدم صحة تلك الأقوال وتروجها بقصد استدرار تدخلهم.وليست لجان التحقيق فقط من الأدوات الرقابية المهمة وذات القوة الفعالة المؤثرة، والتي لا يعلم الرأي العام عن صلاحياتها الكثير، فصلاحيات النواب بمناقشة قانون الموازنة السنوية كذلك القدرة على تعطيلها وعدم تمريرها إلا بعد الاقتناع بمبرراتها، ثم صلاحية مناقشة الحساب الختامي؛ أدوات تعطي النواب مساحة كبيرة للرقابة المسبقة والرقابة اللاحقة على أوجه الصرف.وتلك أدوات تعتبر من أقوى الأدوات الرقابية؛ بل إنه في الولايات المتحدة الأمريكية هناك لجنة دائمة للميزانية منفصلة عن لجنة الشؤون المالية، بها موظفون ولها موازنة تستعين من خلالها ببيوت الخبرة والاستشارة المالية، بل إن لها مبنىاً خاصآً.فإذا أضفنا إلى هذه الأدوات وجود ديوان للرقابة المالية يقدم للنواب تقارير سنوية حافلة بالملاحظات التي تقطع للنواب شوطاً كبيراً تغنيهم عن بذل الجهد وتمدهم بالكثير من المعلومات عن الأوضاع المالية للوزارات والهيئات الحكومية، فإننا نخلص إلى أنه من يريد الإصلاح فعلاً فالميدان متاح له، فلا يتعذر مرة بأن الأدوات مقيدة أو صورية أو يتعذر بأنه لا يملك الصلاحيات أو يتعذر بضيق اليد أو أي عذر آخر.أتمنى من الناس قراءة الفصول الخاصة بصلاحيات المجلس النيابي في الدستور وفي لائحتهم الداخلية، والتمعن فيها ليروا كم فيها من مواضع القوة والفعالية، كما أتمنى أن تنشر بلغتها العربية واللغات الأخرى باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأن يتعلم صغارنا وكبارنا أنهم حين يمنحون صوتهم لنائبهم فإنهم يسلمونه أدوات بإمكانه أن يفعل بها الكثير فلا يقصرون في محاسبته.