أثار توجه الحكومة العراقية لإصدار عفو عمن يحملون شهادات مزورة ردود فعل لدى الشارع العراقي والسياسيين، الذين يتهمون الحكومة بالإسهام في تخريب المؤسسات الحكومية بفسحها المجال لمزوري الشهادات بتبوء المناصب الحكومية، وتثار بين فترة وأخرى قضية الشهادات المزورة في العراق، بعد أن تحول الأمر إلى ظاهرة خطيرة. وقال مستشار القائمة العراقية الأكاديمي العراقي الدكتور هاني عاشور "للجزيرة نت" إنه بعد تدمير البنى التحتية في العراق من قبل الاحتلال الأميركي عام 2003، وفقدان كل الوثائق، احتاجت أحزاب جاءت من خارج العراق إلى شهادات لتعيين أتباعها في مؤسسات الدولة لتغير بنية النظام الموجود، مؤكدا أن الطائفية والحزبية لعبت دوراً كبيراً في هذا المجال. تزوير ويضيف عاشور أن هيئة النزاهة في البرلمان والمفتشين في الوزارات ولجانا مختصة كشفت عشرات الآلاف من الشهادات المزورة، ولا توجد مؤسسة عراقية إلا وفيها المئات من الشهادات المزورة حتى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وقد اعترف مسؤولون أن هناك عددا ممن يحملون شهادات مزورة في هذه المؤسسات. ويحذر عاشور من مغبة عدم معالجة هذا الموضوع الذي يصفه بالخطير مطالبا بمحاسبة المقصرين، وفي حال عدم الاهتمام به يعني أن الحكومة تعترف رسمياً بحالات التزوير وهذا ما يخالف القانون ويوفر الحماية للمزورين، ومن يحاول أن يخفي معلومات عن مزور أو يعطل محاكمته أو محاسبته يكون شريكاً له في جريمة التزوير. وعن حالات المناصب العليا لمن يحملون شهادات مزورة يقول عاشور إن في مؤسسات الدولة والوزارات عددا كبيرا، منهم مديرون عامون ووكلاء وزراء وأعضاء هيئات مستقلة وعاملون في سفارات عراقية في الخارج، وفضل عدم ذكر الأسماء. توجه حكومي وفي السياق نفسه يقول عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي النائب رعد الدهلكي إن المشكلة الكبرى بشأن الشهادات المزورة، هي وجود توجه حكومي لإصدار عفو عن أصحابها وخصوصا في المناصب العليا. يضيف في حديثه للجزيرة نت إن هذا يعطي مبررا للنظر إلى الموضوع على أنه تخريب لمؤسسات الدولة، ويدعو الدهلكي كافة السياسيين إلى العمل على إيقاف هذا الموضوع ومعاقبة المسؤولين وإخراجهم من المؤسسات الحكومية. ويؤكد أن أصحاب الشهادات المزورة هم وراء الفساد المتفشي في المؤسسات ولا سيما أنهم لا يمتلكون خبرة أو مؤهلا سوى انتمائهم إلى أحزاب تدعمهم. ويناشد الدهلكي لجنة النزاهة في البرلمان بمتابعة هذا الموضوع، والاهتمام به بشكل أكثر جدية، وكشف أسماء المعنيين -خصوصاً ذوي المناصب العليا- أمام العالم لكي يعلم الشعب العراقي من الذي يحمل هذه الشهادات المزورة. عقوبة الخبيرة القانونية وأستاذة القانون في جامعة بغداد د. بشرى العبيدي تقول للجزيرة نت إن التزوير في المحررات الرسمية كونها شهادة صادرة من جهة رسمية نصت عليها المادة 288، يصل حد العقوبة فيها إلى الجنايات والمادة 289 أيضاً نصت على شكل العقوبة بالسجن مدة لا تتجاوز 15 سنة لكل من ارتكب تزويراً في محرر رسمي. وتدعو الحكومة إلى الحرص على تطبيق القانون لأنها هي المختصة بتنفيذ قرارات المحاكم، لكن الحكومة -وفقا للعبيدي- تحابي المزورين وهذا يثير شكا كبيرا في هذا المجال لدى الشارع العراقي، وتؤكد اكتشاف عدد كبير من الأشخاص الذين يتولون مناصب كبيرة في الحكم سواء في البرلمان أو في الوزارات يحملون شهادات مزورة، وتشير العبيدي إلى أن هذه الظاهرة خطيرة وآثارها لا تقتصر على من زور شهادته بل لها آثار أخرى على المجتمع، واستغربت العبيدي من محاولة إصدار قرار يتجاوز هذه المسألة. يذكر أن مجلس الوزراء أصدر في 10/12/2010 قرارا يقضي بتشكيل لجنة تعد لقانون بشأن العفو عن الموظفين الذين تورطوا في تقديم شهادات ووثائق مزورة. وقد أعلن الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في تصريحات صحفية في حينها أن مجلس الوزراء أمر بتشكيل لجنة برئاسة المستشار القانوني وعضوية مدير الدائرة القانونية في الأمانة العامة وممثل عن وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، لتقديم مقترحات بشأن العفو عن الموظفين الذين قاموا بتزوير شهادات ووثائق.
International
مناصب عليا بشهادات مزورة في العراق
20 يونيو 2012