بعد قرابة أسبوع من انطلاق الحملات الدعائية لأول انتخابات في تاريخ ليبيا منذ حوالي نصف قرن، ما زال الليبيون يحاولون التعرف على المرشحين والكيانات السياسية المتنافسة على مقاعد المؤتمر الوطني العام (المجلس التأسيسي) الذي ستكون مهمته وضع دستور جديد للبلاد بعد أقل من سنة من الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.

ففي الشوارع الرئيسية وعلى الجسور والميادين بالعاصمة الليبية طرابلس وكبريات مدن البلاد، عُلقت لافتات تحمل صور المرشحين والكيانات السياسية مع شعارات للحملة، في حين قام آخرون ببث بيانات ترشحهم عبر صفحات الفيسبوك، وخصصت بعض القنوات الفضائية الليبية فترات زمنية مجانية للمرشحين كما أنشئت قناة فضائية مستقلة لهذا الغرض. وقد أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن فترة الدعاية تنتهي في الخامس من يوليو ، وسيجري الاقتراع يوم السابع من الشهر ذاته. وهو ثاني موعد يتم اختياره للانتخابات بعد تأجيلها في وقت سابق، لأسباب "لوجستية وفنية"، لكن انطلاق حملات الانتخابات هذه المرة تزامن مع موجة عنف شملت مناطق عديدة من البلاد، وتقول الحكومة الليبية إن ضحاياها بلغ عددهم 100 قتيل وزهاء 500 مصاب. تحديات وفي أول انتخابات تخوضها ليبيا منذ عام 1964 بلغ العدد الإجمالي للمرشحين الأفراد المتنافسين على مقاعد المؤتمر الوطني العام في الدوائر الفرعية لنظام الأغلبية 2501 مرشح? وبلغ عدد مرشحي الهيئات السياسية في الدوائر الفرعية للنظام النسبي  1206 مرشحين مدرجين في 377 قائمة تمثل 142 هيئةً سياسية. ويبلغ عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم في هذا الاستحقاق مليونين و700 ألف. وقد دعا رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل الشعب الليبي إلى دعم بناء دولة المؤسسات والعدل والقانون و"الوقوف صفا واحدا لعبور هذه المحنة والوصول إلى حلم الليبيين وهو الانتخابات الحرة والنزيهة للمؤتمر الوطني". وطالب بالابتعاد عن المظاهر المسلحة والاقتتال غير المبرر. أجواء باهتة وفي العاصمة بدا ضعف التجاوب مع حملات الانتخابات، وهو ما يفسره بعض الخبراء بـ"عدم وجود ثقافة الانتخابات أو لأن العملية الانتخابية في ليبيا لا تشتعل منذ البداية بل تستمد قوتها بعد منتصف الطريق كما حدث في تسجيل الناخبين". وفي ميدان رئيسي بطرابلس، تتساءل السيدة سالمة عن سبب وضع صور المرشحين بعد أن كانت صور الشهداء تزدان بها الشوارع، متسائلة هل هم في مرتبة واحدة؟ وقال مهندس الاتصالات عبد الرزاق البخبخي إن الحملة تأخرت وهناك من لم يعد حملته إلى اليوم، وأضاف "أشعر بأن الأمور غير منظمة من قبل المرشحين بالرغم من أن بعضهم قد جهز لحملته وأطلقها" ويعزو ذلك إلى "افتقاد ثقافة الانتخابات في ليبيا". وقال الشاب خليل محمد من طرابلس "لقد مررت بعدد من الشوارع ولكن لم أجد الكثير من اللافتات الخاصة بحملات المرشحين". ضعف الحملات أما في مدينة درنة ساحرة الشرق الليبي التي تبعد 1450 كلم شرق طرابلس، فقال الإعلامي تقي الدين الشلوي إن والده مرشح للانتخابات وهو إلى حد الآن لم يبدأ أي نشاط في حملته الانتخابية، ويرجع ذلك إلى عدم قدرته على توفير تمويل لحملته الانتخابية، حيث لم يتم إلى الآن صرف المبالغ المالية المخصصة للحملات الانتخابية. ويفسر بعض المرشحين تأخر أو غياب حملاتهم في جنوب البلاد، بضعف الإمكانيات المالية والوسائل الإعلامية، وقلة الخبرة في إدارة الحملات. وكان رئيس المفوضية العليا للانتخابات نوري العبار قد أعلن عن بدء الحملة يوم الاثنين الماضي ودعا المرشحين إلى "تجنب أي ضغوط أو تهديدات أو التلويح بالمغريات"، كما دعا إلى "الحيلولة دون نشوب نزاعات بين الناخبين أو ما من شأنه الإخلال بالوحدة الوطنية". وأكد بيانه على السماح للمرشحين باستخدام المطبوعات والإعلانات المسموعة والمرئية وإجراء الحملات الدعائية مجانا وعلى قدم المساواة في وسائل الإعلام الوطنية.