تدخل المظاهرات السودانية اليوم الخميس أسبوعها الثالث بعد حملة اعتقالات واسعة نفذتها الأجهزة الأمنية بحق الطلاب والناشطيين والصحفيين مع ترقب لمليونية الجمعة التي اختار لها الثوار اسم "جمعة لحس الكوع"، في إشارة إلى تحدي الرئيس السوداني عمر البشير للمعارضة خلال لقاء جماهيري نهاية العام الماضي بتحريك الشارع وقوله إن إسقاط نظامه بمثابة "لحس الكوع".وأنهى تحالف المعارضة في وقت مبكر، فجر أمس الأربعاء، آخر اجتماعاته لإقرار وثيقة لإدارة الفترة الانتقالية بعد إسقاط النظام. وحددت الوثيقة 3 سنوات للفترة الانتقالية بمجلس سيادة يمثل رأس الدولة من 7 أشخاص يمثلون جميع الأطياف. ويعقد خلال الفترة الانتقالية مؤتمر دستوري على أن تنتهي بعقد انتخابات حرة ونزيهة.وتعد هذه الاحتجاجات هي الأقوى والأكثر انتشارًا منذ وصول البشير إلى الحكم بانقلاب عسكري نفذته الحركة الإسلامية في 30 يونيو 1989. لكن وتيرة التظاهرات انخفضت في اليومين الماضيين، بسبب حملة اعتقالات واسعة نفذتها الأجهزة الأمنية وطالت المنظمين.واندلعت احتجاجات واسعة في عدد من الأقاليم السودانية، بما فيها العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث، منذ 16 من الشهر الجاري، على خلفية خفض الإنفاق الحكومي ورفع الدعم عن المحروقات وزيادة الضريبة على القيمة المضافة وتعويم الجنيه السوداني وخفض قيمته مقابل الدولار.ودعا تحالف المعارضة كل فئات الشعب السوداني إلى المشاركة الفاعلة في تظاهرة الجمعة، تمهيدًا لإسقاط النظام «لإنهاء الأزمات والحروب الأهلية»، التي قال إنها تطوق البلاد، بينما قلل القادة الحكوميون من دعوات المعارضة، مؤكدين رضاء الشعب عن الحكومة.وتوقع المحلل السياسي السوداني بروفيسر صلاح الدومة أن تكون مظاهرة الجمعة هي الأقوى منذ اندلاع المظاهرات، إلا أنه قال إن الأجهزة الأمنية ستحتويها دون أن تخمدها بالكامل، بل ستتجدد بصورة أقوى باعتبار أن أسباب المظاهرات لا تزال قائمة ومتفاقمة وتتدهور من سيئ إلى أسوأ.ورأى الدومة أن خطابات القادة الحكوميين إزاء المتظاهرين «ستزيد من استفزاز الشعب المستفز أصلاً»، في إشارة إلى وصف البشير للمتظاهرين بأنهم «شذاذ آفاق»، إضافة إلى وصف نائبه على عثمان طه لهم بـ«المرجفيين»، ووصف مستشار الرئيس مصطفى عثمان لهم بـ«الخفافيش».وعما إذا كانت التظاهرات ستنجح في إسقاط النظام، قال الدومة إن ذلك «سيحدث، إلا أن الفترة الزمنية لذلك رهينة لحزمة من المتغيرات المصاحبة للحركة الشعبوية».وعن إمكانية استباق الحكومة للمظاهرات الحالية بعملية إصلاح جذرية ومصالحة وطنية يتبناها عقلاء الحزب الحاكم، قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة السودانية، إن الحزب الحاكم لن يفعل ذلك ولن يحل المشكلة ونبه إلى وجود تيار إصلاحي بالحزب الحاكم منذ فترة طويلة قال إنه ليس وليد اللحظة، لكن تأثيره محدود، مستشهدًا بأن الخطوات التي اتبعتها الحكومة مؤخرًا والتي شملت خفض المناصب والمخصصات الدستورية وإنهاء التعاقدات الخاصة بأنها كان يفترض أن تتم قبل فترة طويلة وأن تكون أكثر وأكبر.ورغم موالاة التيارات السلفية للحكومة، فإن بعضها أعلن تذمره من السياسات الحكومية الأخيرة وقمع المتظاهريين. وذكرت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في بيان صحفي أن خروج الناس سلميا للمطالبة بحقوقهم أمر مشروع وأن على الحكومة أن تتجنب في خطاباتها التسفيه والتهميش لمطلب ورغبات الشعب واستفزاز مشاعرهم.والشعار الأبرز للمتظاهرين هو «يا خرطوم ثوري ثوري لن يحكمنا لص كافوري»، في إشارة إلى واحد من أرقى الأحياء في الخرطوم به منازل للرئيس وأقاربه وكبار المسوؤلين. وكتب المتظاهرون خلال الأيام الماضية هذا الشعار على عدد من الطرق المعبدة».واعتبر نائب الرئيس السوداني الحاج آدم أن «الذين يكتبون في الفيسبوك كلهم مراقبون، والذين يحرضون لا يتعدون أصابع اليد، وكلهم خارج السودان، ونقول لهم تعالوا وتظاهروا داخل السودان والجمعة قريبة».واتهم آدم جهات أجنبية لم يسمها ووصفها بـ«المندسة»، باستغلال رفع الدعم عن المحروقات لتحقيق مآربها في تقويض النظام. وأضاف: «الحديث عن الإطاحة بالحكومة ضرب من المحال، ونحن لا نمنع التظاهر السلمي، لكن لن نسمح للمخربين باستغلال التظاهرات والتغيير لن يكون بالعنف، بل عبر صناديق الاقتراع حين يأتي أوانها».