بثت وزارة الداخلية والأمن الوطني في الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة مقطع فيديو يتضمن اعترافات لعملاء تعاونوا مع إسرائيل وتسببوا بقتل مسؤولين كبار في الفصائل الفلسطينية، وآخرين عملوا على بث إشاعات بإيعاز من جهاز الشاباك الإسرائيلي. وتضمن الفيديو الذي بثته قناة الأقصى التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومواقع حكومية اعترافات لعملاء مخضرمين أمضوا سنوات طويلة في خدمة الاحتلال الإسرائيلي والتعاون مع جهاز الشاباك، في خطوة تهدف إلى إظهار جدية الحكومة بغزة في استئصال ظاهرة العملاء. وكانت وزارة الداخلية في غزة قدمت عرضاً بالعفو وفتحت باب التوبة في عام 2010 أمام عملاء إسرائيل الذين يسلمون أنفسهم لها، وأُعلن في حينه أن عدداً من العملاء سلموا أنفسهم للحكومة. وبعد أن سلم هؤلاء أنفسهم لجهاز الأمن الداخلي (المخابرات) فتحت أبواب كثيرة أمام الجهاز لتعقب شبكات للعملاء أسقطت بطرق مختلفة أبرزها الابتزاز الأخلاقي والمالي، وتوصلت إلى طرق جديدة يتم عبرها تجنيد العملاء. ونفذت الحكومة المقالة في وقت سابق هذا العام والعام المنصرم عدداً من قرارات الإعدام في عملاء متورطين في قتل مقاومين فلسطينيين والإرشاد على المقاومة بعد أحكام أصدرتها المحاكم العسكرية بالقطاع. تعقب واغتيال وعرض الفيديو اعترافات لعدد من العملاء أبرزهم شارك في تعقب قيادات الصف الأول في حركة حماس الذين اغتيلوا فيما بعد، ومنهم عبد العزيز الرنتيسي وإسماعيل أبو شنب وإبراهيم المقادمة وسعيد صيام. كما اعترف أحد الذين عملوا في فصيل فلسطيني مقاوم -لم يذكر اسمه- أنه كشف لإسرائيل البنية التنظيمية للجان المقاومة الشعبية التي اغتيل في وقت متلاحق قادتها البارزون وعلى رأسهم أمينها العام أبو عوض النيرب وقائدها العسكري عماد حمادة. وتحدث العملاء في الفيديو الذي بلغت مدته نحو عشرين دقيقة عن تفاصيل ارتباطهم بجهاز الشاباك الإسرائيلي وعن التعليمات التي تلقوها وكيفية عملهم وتجنيدهم. وفي خطوة لافتة، أعلن جهاز الأمن الداخلي أسماء ضباط مخابرات إسرائيليين يعملون في ساحة قطاع غزة، وقسمهم خلال الفيديو إلى مجموعات تعمل كل مجموعة على تجنيد عملاء في مناطق محددة. من جهته أكد الناطق باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني إيهاب الغصين أن عرض الاعترافات يهدف إلى التوعية ونشر الثقافة الأمنية بين المواطنين في ظل استمرار محاولات الاحتلال تجنيد عملاء جدد. ردع العملاء وأوضح الغصين في حديث للجزيرة نت أن الهدف الآخر من النشر هو ردع العملاء الذين ما زالوا يتعاملون مع الاحتلال، فيما الرسالة الثالثة للشاباك الإسرائيلي بأن المعركة لم تنته ولن تنتهي إذا كان هناك تهدئة وأن صراع الأدمغة معه مستمر. وشدد الغصين على أن جهاز الشاباك الإسرائيلي تلقى ضربات متتالية من جهاز الأمن الداخلي بالقطاع الذي كشف العشرات من العملاء وكشف طرقاً جديدة للتخابر والإسقاط، مؤكداً رصد الأمن في غزة محاولات إسقاط لمواطنين فشلت مؤخراً. وذكر المسؤول الأمني أن وزارته ستستمر في ملاحقة العملاء لحماية ظهر المقاومة بكل الطرق والوسائل الممكنة، مؤكداً أن المتعاون مع إسرائيل يحصل خلال التحقيق وبعده على كامل الحرية في الدفاع عن نفسه. بدوره، يرى مدير مركز أبحاث المستقبل في غزة إبراهيم المدهون أن توقيت الإعلان لا يخلو من بعد سياسي يهدف لتوجيه رسائل لإسرائيل بعد موجة تصعيد عسكري شاركت فيها حركة حماس بفعالية. وأوضح المدهون في حديث للجزيرة نت أن وزارة الداخلية في غزة كانت جدية للغاية في ملاحقة العملاء ووضعت ملف اعتقالهم وتفكيك شبكاتهم على سلم أولوياتها بعد فترة طويلة من اللامبالاة والتنسيق الأمني بين السلطة الحاكمة السابقة في غزة وإسرائيل. وبيّن المدهون أنه رغم فارق الخبرة والإمكانيات بين الشاباك وجهاز الأمن الداخلي إلا أن هناك حالة صراع تصل لمرحلة كسر العظم بين الطرفين، معتقداً أن ما توصلت له أجهزة أمن غزة يقلق إسرائيل وأجهزتها المخابراتية.