خرج عدد من رجال حركة أنصار الدين الإسلامية "تنظيم القاعدة" بمدينة تمبكتو التاريخية، شمالي مالي بإقليم أزواد، وهم يحملون عدتهم الخاصة: معاول وفؤوس وأدوات للهدم، متجهين نحو مقابر المدينة التاريخية في أول حملة يقومون بها لتسوية القبور منذ سيطرتهم على المدينة مطلع إبريل الماضي.وكانت البداية من مقبرة سيدي يحيى التي تقع في المنقطة الشمالية من المدينة بحي أبراز الشعبي، أحد أكبر الأحياء في المدينة، حيث دخلها رجال أنصار الدين وهم مسلحون بالرغبة في كسب الحسنات وتغيير المنكر الذي قالوا إنهم "كرسوا حياتهم له حين ابتعدوا عن ملذات الدنيا وانخرطوا في الجهاد في سبيل الله"، بحسب ما ذكره موقع "صحراء ميديا" الموريتانية.ويقول أبو البراء، أحد رجال أنصار الدين، إنه "من المعلوم أن الشريعة السمحاء أمرت بتسوية القبور الزائد حجمها عن القدر الشرعي وهو شبر، وذلك خشية تعظيمها واتخاذها أصناماً تعبد من دون الله ويسأل أصحابها ما لا يقدر عليه إلا الله، كما هو شأن كثير ممن يجهلون حقيقة هذا الدين".وأضاف "ما يقوم به المجاهدون في أنصار الدين هو امتثال لأمر الله عز وجل وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم".وكانت مراسم الهدم ذات طابع خاص.. رجل يحمد الله بعد هدمه لأحد الأضرحة كان بارزاً من بين القبور، وآخر يشكر الله أن منّ عليهم بهذه الانتصارات ومكنهم من تطبيق شرع الله على أرضه وتغيير المنكر فيها، بينما يقف أحد المقاتلين مفعماً بالإحساس بالنصر وهو يتمنى أن تعيش كل بلاد المسلمين هذا الإحساس.وكانت الأدوات التي بحوزتهم غير كافية لتغطية كافة الرجال المشاركين في الحملة، فكانوا يتناوبون عليها مبدين حرصهم الكبير على المشاركة في إزالة كل العلامات التي تميز بعض القبور عن الأخرى.فيما كان أبو تراب يورد الآيات والأحاديث التي تحث على تسوية القبور، معتبراً أن الحملة التي يقومون بها تدخل في إطار "تغيير المنكر الظاهر في الشوارع والمؤسسات، فهدم القباب والدور المبنية على القبور أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث مروي عن علي بن أبي طالب".أبو تراب أكد أنهم تشاوروا مع جميع أولي الشأن قبل الشروع في تسوية القبور، وأضاف "لقد تم التواصل مع الأئمة فكانت خطبهم يوم الجمعة في الحث على تسوية ما زاد عن شبر من البنيان على القبور ووجوب ذلك"، مؤكداً أنهم "اتبعوا الطريقة التقليدية في الهدم حفاظاً على حقوق القبر لأن (كسر عظم ميتٍ ككسره حي)، ومراعاة لحقوق الأحياء من أولياء الموتى، فلم نستخدم الجرافات ولا أي متفجرات لأننا نقوم بهذا العمل استرضاء لربنا جل وعلا"، على حد تعبيره.الحملة التي بدأت صباح أمس السبت استهدفت كافة المقابر في المدينة، غير أن رجال أنصار الدين لم يتعرضوا للأضرحة المحاذية للمساجد الشهيرة في المدينة كضريح مسجد (جنغريبير التاريخي) والذي تصنفه اليونسكو ضمن التراث العالمي.