في وقت ترتفع حدة العنف في سوريا وتزداد الضغوط الدولية على نظام الأسد، تتحدث تقارير جديدة عن أن مقاتلي الجيش الحر أصبحوا أكثر تجهيزاً وقدرة على مقارعة القوات الحكومية.رافقت صحيفة الـ "تليغراف" عدد من مقاتلي الجيش الحر في محافظة إدلب حيث راقبت التحضيرات السابقة للعمليات الهجومية، وعادت باستنتاج مفاده أن الثوار يصبحون أكثر تسليحاً وقوة وعدداً يوماً بعد يوم."ميشو" اسم حركي لمقاتل من إدلب، وهو عامل ميكانيكي سابق يقاتل اليوم في صفوف الجيش السوري الحر. انضم إلى القتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد بعد أن عجز عن احتمال الأعمال الوحشية التي تقوم بها القوات الحكومية ضد الشعب. كما يقول.ويضيف: "النظام يقتل نساءنا وأطفالنا، لقد أثر ذلك على حياتنا وعلى الآخرين أيضاً. أنا أقاتل كي أستطيع أن أنام في يوم من الأيام بأمان مع عائلتي".يروي العديد من الشباب المقاتلين في إدلب الكثير من القصص عن تدمير بيوتهم واعتقال أصدقائهم وتعذيب أفراد عائلاتهم ومقتل بعضهم وجرح الآخرين منهم.ويقول أحدهم: "مع قتل كل طفل من أطفالنا ينمو لدينا الحافز أقوى من أجل قتال هذا النظام".وأشارت الصحيفة إلى الفارق في العدة وفي الخطط بين المراحل السابقة للمقاتلين في إدلب وبين المرحلة الحالية، معتبرة أنهم باتوا أكثر تنظيماً وتسليحاً من ذي قبل، فثوار ادلب يحصلون على كميات كبيرة من السلاح، معظمها يأتي من تركيا.بدأت كميات كبيرة من الاسلحة بالتدفق إلى سوريا من تركيا. ويقول أحد الثوار ان شحنتين من السلاح، مدفوعة من قبل قائد من "أصدقاء في الخليج"، بالتعاون مع وسيط لبناني كبير، قد تم تسليمها لمجموعات تابعة لجماعة الاخوان المسلم السورية.قبل ثلاثة أشهر كان الثوار يقولون إن "المافيا" في تركيا توقفت عن تزويدهم بالسلاح بعد أن تلقت ما يسموه "تعليمات" بعدم بيع الأسلحة.الآن، يقول قائد كبير في محافظة ادلب، إن المقاتلين يستطيعون الحصول على قذائف صاروخية وأسلحة أخرى من تلك المصادر ذاتها. ويضيف:"نعتقد أن المصدر أعطي الضوء الأخضر من قبل الغرب".وحتى "لواء شهداء إدلب" الذي لم يحصل على دعم عسكري من الخارج قبلاً، يبدو الآن أفضل تجهيزاً بسبب الورش العسكرية التي أقامها لصناعة السلاح وتحديداً العبوات الناسفة والقنابل البدائية التي تحتوي على مسامير تفتك بالهدف.يخشى الثوار أن أساليبهم القتالية قد تؤدي إلى النظر إليهم على أنهم مجموعات إرهابية. لكنهم يقولون إن من يواجه دبابات الحكومة والمدفعية، ليس لديه خيار سوى اتخاذ إجراءات متطرفة.يقول عمر، أحد المقاتلين من إدلب: "نحن نصنع العبوات الناسفة، لأننا نفتقر إلى الموارد الكافية، لأنه لا يوجد دعم خارجي. الناس يذبحون ولا أحد يساعدنا".في واحدة من العمليات التي خطط لها الثوار، أرادوا استدراج القوات الحكومية في فخ من خلال إقامة نقطة تفتيش تابعة للثوار بالقرب من قاعدتهم حتى تقترب ويقومون بتفجيرها.قام عمر بوضع قنبلة على حافة الطريق المؤدي من القاعدة ورفع علم الثوار، ثم بدأ بوقف حركة المرور معتمداً على أن يقوم أحد المارة بإبلاغ القوات الحكومية.لكن عندما أتى الجيش، اختار الجنود الاتجاه المعاكس ولم يسلكوا الطريق التي وضعت فيها العبوات الناسفة. فر المقاتلون تحت نيران الاسلحة الآلية الثقيلة والدبابات، بعد أن اصبح سلاحهم عديم الفائدة لوجوده في المكان الخطأ.كانت المناوشة بين الطرفين قصيرة، لكنها أظهرت أن المقاتلين لا يزال لديهم الكثير لتعلمه، كما أظهرت أيضاً قدرة الجيش المحدودة على الرد.تسيطر المعارضة اليوم على مساحات شاسعة من الأراضي المتاخمة في أجزاء من الشمال. ويبدو أن القوات الحكومية غير قادرة على السيطرة على أرض المعركة لأنها تضطر إلى اللحاق بالثوار في معارك متنقلة تمنعها من السيطرة بحزم على كل المناطق.واعتبرت الـ "تليغراف" أن الثوار أصبحوا أفضل تجهيزاً ويملكون الخبرة والدافع أكثر من أي وقت مضى، مشيرة إلى أن الاجتماعات الأولى للثوار كانت عبارة عن بعض الافراد. أما اليوم فيتجمهر المئات من المقاتلين في مكان سري في إدلب، قريب من كروم الزيتون المغبرة.الثوار يتسلحون بالقنابل والبنادق والرصاص، ويحملون مسدسات وسكاكين تربط في الأحزمة أو محشوة في جيوبهم. كانوا قد تجمعوا لإطلاق واحدة من أكبر الهجمات على نقطة تفتيش للجيش وقاعدة عسكرية في بلدة أرمناز. باسل أبو عبده هو قائد المجموعة الذي يتمتع بكاريزما عالية استطاع من خلالها توحيد الجماعات المتباينة من المقاتلين في تنظيم متماسك، وهو "كتائب شهداء ادلب" الذي يضم أثر من 1600 مقاتل.تجمهر نحو 400 رجل لتنفيذ العملية، وانتقل باسل فيما بينهم لإعطاء التعليمات، وضمان توزيع الأسلحة بالتساوي، وتنظيم المقاتلين إلى فرق الهجوم البري، ومجموعات الدعم والوحدات الدفاعية.ما ان توجهوا لتنفيذ العملية، أطلق فريق واحد النار قبل الأوان، فتنبه الجيش السوري إلى وجودهم. علا الصراخ وأزيز الرصاص بسرعة وفرّ الثوار عبر بستان الزيتون، في الشوارع والأزقة.توقف أحد المقاتلين وانحنى على ركبة واحدة ليطلق قذيفة آر بي جي. وسرعان ما خرج من سحابة من الغبار والدخان وهو يصرخ: "الله اكبر ..الله أكبر".بعد أن فقد الثوار عنصر المفاجأة الذي يعتبر أساسياً في معاركهم، أجبروا على التراجع. لكن ما حدث أثبت أن المزاج العام لدى الثوار أصبح أكثر تفاؤلاً وثقة.على الرغم من أنهم يعانون من قلة الانضباط وسوء التنظيم وقلة التجهيز، إلا أنهم يعتقدون الآن أنهم منتصرون.في الأسبوع الماضي، قال الرئيس بشار الأسد للمرة الأولى أن سوريا في "حالة حرب حقيقية". على الأقل، يتفق الثوار والرئيس على هذه النقطة.