رحب المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بمبادرة حزب الخضر المعارض بالعمل للاعتراف بالدين الإسلامي رسميا ومساواته بالمسيحية واليهودية، ومنح الأقلية المسلمة ومؤسساتها وضعا مساويا للكنائس ومؤسسات الجالية اليهودية، في حال تولي الحزب الحكم.وامتدح المجلس المبادرة واعتبرها متميزة عن محاولات سابقة اتسمت -وفقا للمجلس- بالجزئية ولم تصل إلى حلول دائمة للمشكلات التي تعترض المسلمين.وثمّن رئيس مجلس أمناء المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا الخطة الجديدة التي يعتزم حزب الخضر طرحها للمناقشة في البرلمان، وقال د. نديم إلياس في تصريح إعلامي للجزيرة "إن عدم التعامل بأسلوب لائق مع مسلمي ألمانيا ومساواتهم في الحقوق الدينية بغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، ومراعاة انتمائهم التاريخي لألمانيا وتعدادهم المعتبر، كفيل بعدم تفاعلهم بفاعلية مع قضايا مجتمعهم، وتوتير أجواء السلام الاجتماعي".وأشار إلياس إلى إمكانية تطبيق بعض المطالب للأقلية المسلمة دون حاجة للتقيد بوجود شكل رسمي محدد كالحاجة إلى رياض الأطفال والتمثيل بمجالس الإعلام، وأوضح أن ولايتي سكسونيا السفلى وشمال الراين ضربتا القدوة في هذا المجال بتقنينهما لتدريس الدين الإسلامي في مدارسهما الرسمية دون التقيد بعدم اعترافهما رسميا بالإسلام.جاء ذلك بعد أن طالب حزب الخضر في ألمانيا بمساواة الإسلام بالمسيحية واليهودية من الناحية القانونية. وقال كل من ريناته كوناست، رئيسة كتلة الخضر في البرلمان الألماني (بوندستاغ)، وفولكر بيك، نائب رئيس البرلمان الألماني ورئيس لجنة حقوق الإنسان، الخميس (5 يوليو2012)، في برلين في بيان مشترك: "إن هذا الأمر شرط مهم لتحقيق سياسة اندماج ناجحة".وأضاف البيان قائلا: "إن حصر الحديث عن الإسلام في ألمانيا … على سياق مكافحة المخاطر فقط يأتي بنتائج عكسية على مستوى السياسة الاجتماعية، ويبذر ثقافة انعدام الثقة". وواصل القياديان القول "بالنسبة لنا فإنه من البديهي أن جميع البشر بغض النظر عن أصلهم أو دينهم أو عقيدتهم يتمتعون بنفس الحقوق الأساسية وإمكانيات المشاركة على قدم المساواة".وأعلن القياديان الحزبيان أن "خريطة طريق لتحقيق المساواة والاندماج القانوني للإسلام في ألمانيا" وضعت لتحقيق مطالب وطموحات الدستور في هذا الشأن، مشيرين إلى أن أربعة ملايين من المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا يشكلون 5 % من عدد سكان البلاد. وأضاف البيان: "هؤلاء ودينهم هم بالطبع جزء من هذه البلاد ومن حضارتها ومجتمعها". وجاء في البيان أن وزير الداخلية هانز بيتر فريدريش حكم بالإعدام على مؤتمر الإسلام في ألمانيا وهو المكان الأساسي للحوار المتبادل بين المصالح. وقال البيان: "لذلك فنحن نطالب ببداية جديدة لمؤتمر الإسلام في ألمانيا".وتحمل خطة الخضر تقنين الاعتراف الرسمي بالإسلام، ومنح الأقلية المسلمة حقوقا متزايدة في كافة المجالات، من أهمها تيسير بناء المساجد.وعن الخطة الواقعة في عشر صفحات تحت عنوان "المساواة القانونية والاندماج للإسلام في ألمانيا" قالت رئيسة كتلة حزب الخضر بالبرلمان الألماني (البوندستاغ) ريناتا كونست إن حزبها سيسعى لتنفيذها إذا سيطر على مقاعد برلمانية تؤهله لذلك في الانتخابات البرلمانية القادمة.ولفتت إلى أن الخطة تعد أول اعتراف من حزب ممثل في برلمان البلاد بانتماء الإسلام إلى ألمانيا كحقيقة، وإقرار بأحقية أكثر من أربعة ملايين مسلم يشكلون 5% من السكان، كمكون طبيعي في الثقافة والمجتمع الألمانيين.بدوره، اعتبر المدير العام للكتلة البرلمانية للخضر فولكر بيك أن الاعتراف بالإسلام سيمثل حال حدوثه خطوة مهمة للنمو والتطور الجماعي للمجتمع الألماني، مشيرا إلى أن الوصول إلى وضع المؤسسات الإسلامية على قدم المساواة مع غيرها من المؤسسات الدينية، يتطلب مفاوضات طويلة سيسعى حزب الخضر لإنجازها بسرعة وإيجاد حلول مؤقتة لمطالب مسلمي البلاد.وتمنح خطة الخضر للدين الإسلامي وضعَ المؤسسة الدينية المعترف بها، وتتيح للمسلمين دفع ضرائب دينية شهرية تتولى الحكومة استخدامها في تمويل متطلباتهم الدينية، على غرار ما يتم منذ سنوات طويلة مع الكنائس والمؤسسات اليهودية.وتتضمن الخطة التيسير على مسلمي ألمانيا في بناء المساجد وتمكينهم من تحديد أماكنها واختيار طابعها المعماري، بعيدا عن القواعد البيروقراطية المعقدة المعمول بها حاليا .كما تتبنى الخطة زيادة عدد وظائف المرشدين الدينيين للمسلمين في المستشفيات والجيش والسجون، وتعميم تدريس الدين الإسلامي للتلاميذ المسلمين في المدارس الحكومية بكافة الولايات الألمانية.وخطة الخضر من شأنها أن تمنح الإسلام وضع المؤسسة المعترف بها قانونيا، مما يتطلب وجود جهة واحدة تمثل مسلمي ألمانيا أمام الدولة، وليس إعطاء هذا الحق لواحدة من المنظمات الإسلامية الأربع القائمة حاليا دون سواها.يأتي هذا البيان بعد جدل واسع شهدته الأشهر الأخيرة على خلفية عدة قضايا مرتبطة بشكل أو بآخر بالمسلمين في ألمانيا، منها الجدل الذي أطلقه الريئس الألماني السابق فولف، حول ما إذا كان الإسلام يعد جزءا من ألمانيا أم لا. بعدها قامت مجموعة من السلفيين بحملة توزيع نسخ من القرآن مجانا في ألمانيا. ثم الشجار الذي دار بين بعض من رجال الشرطة ومجموعة من السلفيين في مدينة بون الألمانية، بسبب عرض صور كاريكاتورية للنبي محمد. وجاء أخيرا الحكم الذي أصدرته محكمة ألمانية بحظر ختان الذكور لأسباب دينية. وفي وقت سابق، وجه حوالى عشرين جمعية مسلمة ألمانية نداءا إلى البرلمان الألمانى لإنهاء "انعدام الأمان القضائي" الناجم بحسبها عن حكم قضائي اعتبر ختان الذكور مخالفا للقانون.وقال المتحدث باسم جمعية إسلامية - تركية "جورجان ميرت" إنه يطالب البرلمان الألماني والسياسيين بالتحرك في أسرع وقت ممكن للحد من انعدام الأمان القضائي واعتماد قانون يجيز ختان الفتيان، متحدثا باسم جميع الموقعين وذلك في مؤتمر صحفي عقد في كولونيا غرب ألمانيا.يذكر أن محكمة في كولونيا قد اعتبرت أن ختان طفل لأسباب دينية يعتبر جرحا جسديا يستلزم الإدانة، مما أثار استياء الطائفتين اليهودية والإسلامية اللتين رأتا فى ذلك تعارضا مع الحرية الدينية.كما احتجت أيضا الكنيستان الكاثوليكية والبروتستانتية في ألمانيا وحزب الخضر أيضا.يشار إلى أن المحكمة قد اعتبرت أيضا أن الختان يغير جسم الطفل بصورة دائمة وبطريقة لا يمكن إصلاحها، وأن هذا التغيير مخالف لمصلحة الطفل الذي سيقرر لاحقا انتماءه الديني.وأثار قرار محكمة كولونيا جدلا واسعا حول الحرية الدينية حيث مما دفع وزير خارجية ألمانيا "جيدو فيسترفيلي" إلى التصريح بأن الشعائر الدينية تحظى بالحماية في ألمانيا.