تحولت أزمة ارتفاع سعر الدجاج الذي يفضله الإيرانيون مطبوخاً بالزعفران أو البرقوق أو الرمان إلى قضية رأي عام ساخنة في علامة على تراجع القدرة الشرائية لكثير من الإيرانيين حتى وصلت التعليقات الساخرة على موقع تويتر إلى حد تمييز الناس بين فئتين, تحت خط الدجاج وفوق خط الدجاج. حتى إن إسماعيل أحمدي مقدم رئيس الشرطة الوطنية رأى أن من واجبه التدخل. وذكر تقرير لوكالة رويترز أن رئيس الشرطة حث القنوات التلفزيونية على عدم بث صور لأناس يأكلون الدجاج قائلا إن مثل هذه الصور قد تشعل توترات اجتماعية لا يمكن التنبؤ بعواقبها. فجوة طبقية ونقلت عنه وكالة مهر للأنباء قوله إن بعض الناس عندما يرى هذه الفجوة الطبقية بين الأغنياء والفقراء قد يستل سكينا ليأخذ ما يرى أنه حقه من الأغنياء. وفي حدود المعروف لم يحدث أن ذهب أحد لهذا المدى لكن مع معاناة الاقتصاد الإيراني في ظل إدارة حكومية عشوائية ونتيجة العقوبات الغربية المفروضة على البلاد بسبب برنامجها النووي فقد قفزت أسعار الغذاء والوقود بشكل كبير في الـ18 شهرا المنصرمة. وارتفع سعر كيلو الدجاج إلى نحو 65 ألف ريال (أكثر من 5 دولارات) بسعر الصرف الرسمي - مسجلا ثلاثة أمثال سعره قبل عام، مما يجعله ليس في متناول الكثيرين في دولة بلغ نصيب الفرد من الناتج القومي فيها نحو 4520 دولارا في 2009 أو 377 دولاراً شهرياً وفقاً لأحدث تقديرات البنك الدولي. ويرجع ارتفاع سعر الدجاج بالأساس لقفزة في تكلفة استيراد علف الدجاج مع تراجع العملة الإيرانية التي انخفضت في السوق السوداء أكثر من 40% أمام الدولار الأمريكي عن مستواها في بداية العام. وفي حين يصبح الدجاج وجبة نادرة على موائد الطبقة المتوسطة والعاملة يعبر الكثير من الإيرانيين عن حنقهم بسخرية لاذعة. وسخر رسام الكاريكاتير الإيراني مانا نيستاني الذي يعيش في فرنسا من تحذير أحمدي مقدم برسم يظهر شابا يشاهد فيلما إباحيا، بينما يحاول والده تغطية جزء من الصورة تظهر فيه دجاجة قائلا "كم مرة علي أن أحذرك من مشاهدة أفلام بها دجاج؟". ونشر المصور اراش اشورينيا على موقعه الإلكتروني مجموعة من الصور لأطباق شهية من الدجاج. وكتب تحتها يقول "من الممكن أن يتم حظر نشر هذه النوعية من الصور. بالطبع لدي الكثير من الصور الأجمل لكنني لا أريد انتهاك الأمن الوطني!". وتعج حسابات الشبكات الاجتماعية الخاصة بإيرانيين بالتعليقات، حيث قال أحد سكان شيراز على موقع تويتر "الناس فئتان.. تحت خط الدجاج وفوق خط الدجاج". وسخر آخر على الموقع نفسه قائلا إن مهر الفتاة في إيران سيصبح 200 طن من الدجاج بدلا من القطع الذهبية التقليدية. طوابير شراء الدجاج ومن جانبهم يبذل المسؤولون قصارى جهدهم لطمأنة الإيرانيين الغاضبين بأن الدجاج سيكون متوفراً بكميات كبيرة وبأسعار معقولة وذلك خشية تفجر سخط شعبي. وتم إعلان غرامات على من يقومون بالتربح من بيع الدجاج الذي تدعمه الحكومة للمستهلكين في شهر رمضان. وبثت وسائل الإعلام الإيرانية التي تسيطر عليها الدولة صورا لطوابير من الناس على شراء الدجاج المدعوم حكوميا في الأسابيع الأخيرة لإظهار فيما يبدو أن الحكومة تتصدى للمشكلة. ويقول مسؤولون إن إيران تحملت أكثر من ثلاثة عقود من العقوبات الاقتصادية ويمكنها الصمود لفترة أطول. ووصفت بعض الشخصيات الحكومية منها الرئيس محمود أحمدي نجاد العقوبات بأنها نعمة ستجعل طهران تستغني عن السلع الأجنبية وتقلل اعتمادها على إيرادات النفط. لكن صناعة الدجاج الإيرانية ما زالت معتمدة على الخارج حتى الآن على الأقل حيث يتم استيراد معظم فول الصويا والذرة التي يتم تغذية الدجاج بها. وألقى منتج كبير للدجاج في إيران طلب عدم الكشف عن هويته بمسؤولية ارتفاع الأسعار على سوء الإدارة الحكومية إلى جانب العقوبات. وقال "نصف مزارع الدجاج تقريبا توقفت عن الإنتاج لأن المواد الأولية المستوردة أصبحت مرتفعة التكلفة"، مشيرا لارتفاع حاد في أسعار العلف واللقاحات المستوردة. ومضى يقول "نشعر بأسف شديد لهذا الوضع لكن من المستحيل خفض الأسعار. هذا محزن بشدة لكثير من الإيرانيين". وفي ظل رقابة شديدة على أي نشاط للمعارضة في إيران يبدو مستبعدا أن تؤدي أزمة الدجاج وتدهور الاقتصاد بوجه عام لاحتجاجات واسعة تتحدى قبضة الحكومة على السلطة. ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن علي لاريجاني رئيس البرلمان والمنتقد لأحمدي نجاد "حذر تجار المواشي والدواجن قبل ثمانية أشهر من نقص العلف". وقال إيهان، وهو أستاذ جامعي يعيش في طهران "هناك طوابير لشراء الدجاج كل يوم,هذا يذكرني بعام 1981".