^ الحقيقة الأولى في البحرين حول أحداث الأزمة ظهرت في نوفمبر الماضي عندما تم تسليم تقرير لجنة تقصي الحقائق، وحينها ظهر جدل لم يحسم حتى الآن لدى الرأي العام المحلي وحتى الدولي. والآن تظهر الحقيقة الثانية بتسليم تقرير اللجنة المكلفة بمتابعة تقرير اللجنة الأولى، وهو التقرير الذي سيحدد كيفية تعامل الحكومة والدولة مع توصيات لجنة تقصي الحقائق. لا يتوقع أن يحسم التقرير الثاني الجدل لدى الرأي العام، بل يتوقع أن يستمر الانقسام لدى الرأي العام، بين طرف مؤمن بما جاء في التقرير الجديد، وطرف آخر مكذب أو متحفظ لما جاء فيه، والنهاية استمرار انقسام الرأي العام. السؤال هنا؛ لمصلحة من هذا الانقسام؟ وما هي أسبابه؟ فيما يتعلق بالسبب أولاً، فإننا أمام رأي عام لدى تصورات مسبقة إزاء كافة الخطوات التي يمكن أن تقوم بها الدولة سواءً كانت تسير في اتجاه التشكيك، أو تسير في اتجاه التأييد، أو حتى الرفض. فعلى سبيل المثال جمهور الفاتح يرى أن هذه الخطوات هي (تنازلات) وهي محاولات (يائسة وغير مجدية)، أما جمهور المعارضة الراديكالية فيرى خطوات الدولة بأنها (خطوات شكلية غير مجدية أيضاً). بالتالي نخرج من الطرفين أنهما لا يتفقان مع رؤية الدولة لمعالجة الأزمة، رغم أن هذه الرؤية هي التي أنهت محاولات إسقاط النظام، وساهمت بشكل كبير في تقليل الضغوط الدولية التي مازال النظام السياسي البحريني يتعرض لها. وإذا كان كل طرف لديه تصورات مسبقة تجاه خطوات الدولة، فإنها تصورات بلاشك سلبية ولا تخدم أية محاولات لإعادة الأمن والاستقرار الذي وصل إلى مرحلة أفضل بكثير مما كانت عليه الأوضاع قبل عام واحد من الآن. طرفا الصراع الرئيسين لا يرغبان بشكل حقيقي في تقديم تنازلات فعلية، وإنما يرغبان في التمسك بتصوراتهما ورؤاهما التي تعتمد على النفي وإقصاء الآخر وفق أسس إثنو ـ طائفية بعد حالة فقدان الثقة داخل النظام السياسي، نفهم جيداً أسباب هذه الحالة جيداً كما يعرفها الجميع، ولكننا لا نفهم مدى إدراك طرفي الصراع لما يمكن أن يؤدي إليه الحال مستقبلاً. طرفا الصراع الرئيسين ليست لديهما قناعة بخطوات الدولة، وهي مسألة أخرى يمكن أن تدفع أبعاد الصراع إلى آفاق أوسع بشكل سريع جيداً إذا لم يتنبه هذان الطرفان لهذه الحقيقة سريعاً. أما الدولة فعليها التمسك بخطواتها إذا كانت على قناعة تامة بصوابية هذه الخطوات، وفي الوقت نفسه عليها السعي نحو إحداث حالة توافقية عامة مع طرفي الصراع حتى إن تطلب ذلك تغييراً في بعض القناعات.
الحقيقة الثانية
15 أبريل 2012