^   شارك وفد الشعبة البرلمانية البحريني في الندوة التي نظمها البرلمان العربي على هامش دورته البرلمانية العادية الأولى للعام 2012 على مدى يومين، وذلك بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية تحت عنوان (مكافحة الفقر في الوطن العربي.. نظرة مستقبلية). ويأتي انعقاد هذه الندوة من أجل التصدي لظاهرة الفقر وتداعياته على رأس المال البشري والتنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي والأمن الاقتصادي، وكذلك مناقشة مشاكل الفقر في الوطن العربي وكيفية مكافحته من خلال التشريعات والآليات الوطنية والدولية، ودراسة علاقة الفقر بظواهر البطالة والفساد والمشاركة العربية في وضع استراتيجيات للحد من الفقر العربي. الإنسان لا يكون فقيراً بالولادة فقط بل إلى عدم توفر ما يحتاج إليه من مأكل وملبس ومسكن وفي شهر مارس 1999 صدر منشور عن هيئة الأمم المتحدة يعرض الصور والأشكال التي يتخذها الفقر، ومنها؛ انعدام الدخل أو نقص في الموارد الكافية لضمان مستوى معيشي لائق للإنسان، الجوع، سوء التغذية، انتشار الأمراض، انعدام السكن المناسب، غياب الأمن، إلى جانب محدودية التعليم والخدمات الأخرى التي يحتاجها الإنسان في حياته. وحددت الأمم المتحدة مستوى الفقر بمعدل دخل الفرد الذي لا يتجاوز الدولارين أو دون ذلك في اليوم. وظاهرة الفقر منتشرة في مختلف دول العالم، وهي من الظواهر المقلقة في جميع اقتصاديات دول العالم، وتشكل خطراً على الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويخلق بيئة خصبة للانحراف والتطرف، ونسبة وجودها تختلف من دولة إلى أخرى، وأكثرها في الدول النامية، حيث تتسع الفجوة وباستمرار بين أعداد الفقراء والأغنياء. كما إنه ملازم للجوع والمرض والجهل في الكثير من الدول النامية مما يؤدي إلى نقص فرصة هذه الدول في التنمية الذاتية. ووفقاً لتقرير أصدره البنك الدولي فإن معدلات الفقر المدقع في الوطن العربي انخفضت نسبته إلى 2.7% من إجمالي عدد السكان، ويصل عدد الذين يعيشون بـ 1.25 دولار يومياً 8.6 مليون شخص مقارنة بنحو 10.5 مليون شخص في عام 2005 ونحو 16.5 مليون شخص عام 1981. ورغم تجاوز 663 مليون شخص خط الفقر فإن أكثرية أفراد المجتمع العربي هم فقراء وفقاً لمستوى 1.25 دولار يومياً. ورغم الموارد الاقتصادية وتنوعها (المادية والبشرية والطبيعية ) الموجودة في الوطن العربي فإن الفقر يعتبر إحدى سماته الرئيسة، فأكثر الأقطار العربية يعاني شعبها من الفقر وتندرج ضمن الدول والمناطق الأقل دخلاً في العالم كفلسطين، السودان، اليمن، الصومال، موريتانيا وجيبوتي، وحتى في الأقطار الغنية منها يعيش بين جنباتها الفقراء كأقطار مجلس التعاون وليبيا. أما باقي الأقطار العربية فهي ذات فئة متوسطة الدخل مع وجود عدد كبير من الفقراء في هذه الأقطار أيضاً. وتشير الإحصائيات أن حوالي 40 مليون عربي يعانون من نقص التغذية و13% تقريباً يعيشون تحت خط الفقر. ففي قطاع غزة دفع الفقر بكثير من الأطفال للعمل في مجال الصيد البحري، حيث يقدر عددهم بحوالي (190) طفلاً يعملون غالباً مع أسرهم في ظل ظروف أمنية قاسية يومية مما يعرضهم للإصابة بإطلاق النار من قبل العدو الصهيوني وبملاحقتهم واعتقالهم في عرض البحر، وأن نسبة الفقر في هذا القطاع تبلغ (90%) خلال عام 2010. كما بلغت نسبة الفقر في العراق بلغت 40% وأن سبعة ملايين عراقي تحت مستوى خط الفقر. ولو تساءلنا عن أسباب الفقر في وطننا العربي لوجدنا أن هناك العديد من الأسباب التي تضافرت لخلق هذه الظاهرة لدينا، ومنها: ^ انخفاض مستوى الدخل الفردي، وذلك بسبب انخفاض معدل النمو السنوي في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. وعدم المساواة في توزيعه بين أفراد المجتمع. ^ ارتفاع معدل النمو السكاني. ^ عدم سلامة الاقتصاد الكلي، وضعف السياسات النقدية والمالية الحكومية. ^ عبء الديْن الخارجي. ^ انخفاض إنتاجية العمالة، وذلك إما بسبب التعليم أو الصحة. ^ معدل عبء الإعالة الأسرية. ^ معدل مشاركة المرأة في قوة العمل. ^ البطالة. ^ زيادة الإنفاق العسكري والأمني على حساب الإنفاق الاقتصادي والاجتماعي والبنى التحتية والاستثمار المنتج. ^ الحروب التي عاشتها المنطقة العربية، وبخاصة الحروب الأهلية الداخلية، كما هو في لبنان، الصومال، اليمن، السودان، العراق. لقد كان الفقر ولا يزال أحد أسباب الثورات السياسية والاجتماعية والتغيرات والاضطرابات التي حدثت في عدد من الأقطار العربية. إن معالجة الفقر في الوطن العربي تحتاج إلى الكثير من السياسات الإنمائية، وقبلها تحتاج إلى إرادة أنظمتها السياسية في معالجة هذا الفقر ومكافحة تداعياته، وبداية لابد من تحقيق العدالة في توزيع الثروات في المجتمعات العربية التي تأتي برفع نصيب الفرد من الناتج المحلي، والاهتمام بنوعية التعليم والبنى التحتية والرعاية الصحية والإسكان وهي عوامل استثمارية كبرى لزيادة إنتاجية العمالة الوطنية. كما إنه يتطلب التقليل من الإنفاق على التسليح العسكري والأمني الذي يحمي الأنظمة العربية والإنفاق بسخاء على القطاعات الإنتاجية والخدمية المنتجة، وزيادة المشاريع المنتجة اقتصادية وتوظيف الأفراد بحيث يتم القضاء تدريجياً على البطالة