كتب - هشام الشيخ:يصف د.عائض القرني غزوة بدر الكبرى التي وقعت صباح يوم الجمعة الـ17 من رمضان من العام الثاني للهجرة النبوية الشريفة، بالمعركة الفاصلة الكبرى والرائدة في تاريخ الإسلام، تلك الغزوة التي لا تزال حتى يومنا معيناً تنهل من معانيه ودروسه أحاديث الخطباء، ومؤلفات العلماء، ومديح البلغاء، نظراً لعظم قدرها وعلو شأنها في الإسلام لعلها تكون دليلاً يهتدي به المسلمون لمواجهة التحديات والمآسي التي ما فتئت تضرب بلادهم. ويؤكد الشيخ القرني أن غزوة بدر أفضل الغزوات على الإطلاق مستشهداً بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأهل بدر في الحديث الصحيح: "إن الله قد اطلع عليكم فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم”، ورغم ذلك كانوا بعدها أكثر خشية من الله، وكانوا يقيمون الليل ويحاسبون أنفسهم حتى على الكلام”. بالعقيدة تنتصر القلة على الكثرةولعل من أجلّ الدروس وأعظمها في أهم غزوة في الإسلام هو ترسيخ مكانة الإيمان كسبب للنصر رغم ضعف الإمكانات المادية بشكل هائل لدى المسلمين مقارنة بالمشركين، وحول هذا المعنى يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: هذه غزوة بدر انتصرت فيها فِئة قليلة على فئة كثيرة "فئةٌ تقاتِل في سبيل الله وأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ”.. انتصرت الفئةُ القليلةُ لأنها قائمةٌ بدِين الله تقاتل لإِعلاءِ كلِمته والدِّفاع عن دينه، فنصَرَها الله عزَّ وجلَّ. فقومُوا بدِيْنِكَم أيُّها المسلمونَ لتُنْصَروا على أعدائِكم، واصْبِرُوا وصَابِرُوا وَرَابِطُوا واتقوا الله لعلَّكُمْ تفلِحُون. شهر نصر الله فيه الأمةويضيف الشيخ القرني: إن غزوة بدر كانت في رمضان.. وفتح مكة وعين جالوت وحطين والقادسية جميعها في شهر رمضان.. هذا هو الشهر المبارك الذي نصر الله الأمة فيه، وعلى المسلم أن يتواضع لله فلا يعجب بعلمه ولا إبداعه ولا فكره فالفضل والنصر كله للواحد الأحد جل في علاه "إن ينصركم الله فلا غالب لكم”أسلوب جديد في التعبئة العسكرية وكخبير في المجال العسكري، يرى اللواء الركن محمود شيت خطاب في كتابه "غزوة بدر الكبرى”، أن تطبيق النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأسلوب جديد في التعبئة العسكرية في المعركة وهو أسلوب "الصف” في معركة بدر لأول مرة في تاريخ الحرب للعرب بدلا من أسلوب "الكر والفر” كان عاملاً مهماً من عوامل انتصاره على المشركين (..) والتاريخ العسكري للحرب يحدثنا بأن سر انتصار القادة العظام قديما وحديثا هو أنهم طبقوا أسلوباً جديداً في القتال غير معروف. ويمضي قائلاً عن غزوة بدر إنها "كانت التطبيق العملي للإسلام في ميدان الجهاد، فانتصرت العقيدة الصالحة لكل زمان ومكان، على العقيدة الفاسدة التي لا تستحق البقاء، وانتصرت الفئة القليلة على الفئة الكثيرة بإذن الله.. كانت المعركة الحاسمة في تاريخ الحرب قديماً وحديثاً، هي التي لا تقتصر نتائجها على زمان ومكان، وقد شملت في آثارها العميقة الباقية حاضر المسلمين ومستقبلهم من الناحيتين المادية والمعنوية والفردية والجماعية والعسكرية والسياسية.. لقد ولد الإسلام يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وولدت دولة الإسلام يوم انتصر المسلمون يوم بدر.