تزامن الهجوم الذي تعرضت له نقطة حدودية مصرية في سيناء وأودى بحياة 16 عسكريا بطريقة بشعة، مع حملة تحريض واسعة على قطاع غزة في بعض وسائل الإعلام المصرية، بدأت فور إعلان الرئيس المصري محمد مرسي جملة تسهيلات قريبة لغزة. وزادت هذه الحملة على القطاع بعد الهجوم، ووصل الأمر إلى مطالبات بإغلاق الأنفاق الأرضية ومعبر رفح اللذين يعدان شريان الحياة للقطاع الساحلي الذي يتعرض منذ ست سنوات لحصار إسرائيلي. ويقول شهود عيان فلسطينيون في مدينة رفح المصرية للجزيرة نت إن حفارات عملاقة وصلت أمس واليوم إلى المنطقة الحدودية مع القطاع، في إشارة تزامنت مع ملاحقات أمنية لأصحاب الأنفاق من الجانب المصري. وأشار الشهود إلى قيام قوات مصرية متعددة بعمليات تمشيط واسعة في المنطقة الحدودية بحثاً عن الأنفاق، علماً بأنه تم ردم ثلاثة أنفاق في منطقة قريبة من معبر رفح البري كانت توصل المواد الغذائية إلى القطاع. مخاوف في غزة وعقب الهجوم الذي لقي استنكاراً شعبياً ورسمياً واسعاً، بدت مخاوف تطفو على السطح من خطوات كإغلاق الأنفاق ومعبر رفح وتأثيرها على الوضع في القطاع الذي كان ينتظر بعد شهر رمضان التسهيلات المصرية التي وعد بها مرسي. وانعكست هذه المخاوف على حركة الشراء من الأسواق واختفاء كثير من البضائع المهربة من الأنفاق، كذلك شح الوقود المصري المهرب الذي تعتمد عليه غزة في عمل سياراتها، إضافة إلى اختفاء مواد البناء. والخشية في غزة التي لا تفارق ألسنة المواطنين في أحاديثهم، هي أن تكون عمليات إغلاق الأنفاق مقدمة لعودة الحصار على القطاع ومعه عودة المعاناة لقطاعات واسعة من الغزيين أبرزها المرضى والطلاب والحالات الإنسانية. ووصف محمد عوض نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في الحكومة المقالة الأنفاق الأرضية بين غزة ومصر بأنها شريان حياة للشعب الفلسطيني، وأنها تمد الغزيين باحتياجاتهم الإنسانية وأن بها خفَّ الحصار على القطاع. وأوضح عوض أن حكومته تحدثت مع الجانب المصري عن ضرورة إيجاد آليات لإدخال المواد الأساسية عبر معبر رفح حتى تقل الحاجة إلى هذه الأنفاق ومن ثم تنعدم بعد أن تلبَى كل حاجات غزة. لجنة أمنية مشتركة وكشف عوض للجزيرة نت أن حكومته عرضت قبل الهجوم على سيناء وبعده على السلطات المصرية تشكيل لجنة أمنية للوصول إلى الحقائق والتنسيق المشترك كي لا نصل إلى مثل هذا الهجوم. وقال إن هناك اتصالات مستمرة بين الجانبين الفلسطيني والمصري لجهة ضرورة فتح معبر رفح البري، ولكي لا يطال إغلاقه، وهو ما سيضاعف المعاناة لدى المرضى والمحتاجين للسفر. ويستبعد عوض أن تعود غزة إلى فترة الحصار المشدد في ظل القيادة المصرية الحالية، لأن هناك تطورا في العلاقة مع مصر وهناك فهما مشتركا بأن الجناة المشتركين في الهجوم يهدفون إلى ضرب تطور هذه العلاقة. من جانبه قال الناطق الإعلامي باسم اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار علي النزلي إن الأنفاق كانت جزءاً من حل لمشكلة الحصار الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي على أكثر من 1.5 مليون إنسان في غزة. فتح المعابر وأضاف النزلي للجزيرة نت أن غزة مع إغلاق الأنفاق في حال فتح معبر مصري للبضائع والمواطنين، وهو ما يلغي الحاجة إلى الأنفاق، مشيرا إلى الخشية من أن تغلق الأنفاق ولا تفتح المعابر. ووصف الأنفاق بأنها ظاهرة غير صحية لجأ إليها الفلسطينيون في غزة لتخفيف الحصار المشدد عليهم، داعياً إلى تحرك مصري وعربي عاجل لإنهاء الحصار على غزة وإلزام الاحتلال بفتح المعابر لإنهاء الحاجة إلى الأنفاق. ونبه النزلي إلى أن إغلاق الأنفاق بهذه الطريقة السريعة وبدون إيجاد بدائل لحاجات غزة الإنسانية سيؤثر على احتياجات المواطنين في القطاع، وسيزيد من الإشكاليات التي يعانون منها وكانوا يأملون أن تنتهي بعد شهر رمضان وفق ما وعد به الرئيس مرسي. بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني إن قضية إغلاق مصر للأنفاق جاءت في سياقات متعددة وتبريرات مختلفة، فهي تأتي لاحتواء الغضب الشعبي المصري الذي أججته بعض وسائل الإعلام تجاه غزة. وأضاف الدجني للجزيرة نت أنها تأتي أيضا في سياق حماية الأمن القومي، وهذا يتطلب في المقابل من السلطات المصرية فتح معابر فوق الأرض كي تبقى شريان الحياة في غزة ولا يكون لها وجه حصار جديد. وأوضح أن تلبية الاحتياجات الإنسانية لغزة المحاصرة تعد من متطلبات الأمن القومي المصري، متوقعاً أن لا يطول إغلاق معبر رفح والبحث عن بدائل للأنفاق بطريقة مشتركة بين غزة ومصر.