قرع التهديد الإيراني بإغلاق مضيق هرمز أجهزة الإنذار بخصوص تدفق النفط من الخليج العربي، لكن بالنسبة للدول الخليجية المجاورة الغنية بالنفط والقاحلة بالموارد الطبيعية الأخرى، يفرض هذا الأمر مسألة ثانية غير مريحة بالنسبة لهم، فكيف لهذه الدول أن تطعم شعبها إذا أغلق الطريق المائي الاستراتيجي؟وتعد السعودية والكويت وقطر والإمارات من أغنى دول العالم، لكن أكثر من 90% من احتياجاتها الغذائية تستوردها من الخارج بحسب بيانات صادرة عن المؤسسة الفكرية البريطانية "رويال يونايتد سيرفيس".ووفقاً لما نشرته جريدة "القبس" الكويتية، أمس الأحد، فإن دول الخليج العربي تستورد الكثير من وارداتها عبر مضيق هرمز. وكانت إيران هددت بإغلاقه، رداً على العقوبات المفروضة على برنامجها النووي. لكن حتى الآن من غير الواضح ما إذا كانت إيران ستنجح في إغلاق طرق الشحن، في وقت تتخذ الولايات المتحدة وحلفاؤها إجراءات لضمان عدم حدوث ذلك، بما في فيه الاستعداد لإزالة المضيق.لكن أي إغلاق طويل الأجل للمضيق سيؤدي إلى نقص الغذاء في الخليج العربي، وسيجبر دولها على إيجاد قنوات بديلة، نتيجة لذلك، وضعت دول الخليج خططاً لتحسين أمنها الغذائي، وها هي تستثمر فيما يرقى إلى مستوى سياسات التأمين مقابل تداعيات أي نزاع حدودي.ويقول نائب مدير "رويال يونايتد سيرفيسسز" ديفيد روبيرتس: "من أسوأ السيناريوهات التي قد تحدث إغلاق مضيق هرمز".ويقول محللون إن الاستراتيجية هي أن تضاعف مصادر الغذاء والماء والطاقة في حال قطع مصدر أو أكثر في ضوء نزاع متوقع، وتزايد سعي دول المنطقة الى إيجاد بدلائل تحمي أمنها الغذائي بعد أن أعلنت إيران عن تهديداتها في يناير الماضي بإغلاق مضيق هرمز.وصرّحت قطر هذا العام بأنها بصدد إنفاق 3 مليارات دولار على خزانات مياه لتخزين ما يكفي من المياه، مما يعطي الدولة احتياطياً استراتيجياً. هذا وتعد قطر بين أعلى دول العالم من حيث معدلات استخدام الفرد الواحد للمياه.وفي مارس، صرّحت شركتان مملوكتان لحكومة أبوظبي في الإمارات أنهما بصدد بناء محطة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال الذي تستخدمه لإنتاج الكهرباء وتشغيل مصانعها لتحلية المياه. وستعوض هذه المحطة الإمارات عن انقطاع أي إمداد يأتيها من قطر التي تحصل منها على معظم غازها الطبيعي.ومن الاستثمارات الأخرى في تأمين الموارد التي أقدمت عليها الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الأخيرة إنشاء مبنى للحبوب في الفجيرة وشراء مزارع في الخارج. وتطور أبوظبي حالياً أراضٍ زراعية مساحتها 70 ألف هكتار في السودان، بينما اشترت قطر والسعودية أراضٍ زراعية في الأرجنتين وأوكرانيا.ويقول مدير برنامج الأمن والدفاع ودراسات مكافحة الإرهاب مصطفى العاني الذي يعمل في مركز أبحاث الخليج ومقرّه جنيف "هذه قضية سيكولوجية بقدر ما هي طبيعية، المهم ألا تشعر أنك ستصبح أسيراً".وتعد المياه من أكثر المواضيع الشائكة والمعقدة في ما يخص أمن الموارد بالمنطقة. فدول الخليج العربي لديها بعض أدنى معدلات تساقط الأمطار وأصغر موارد المياه في العالم. وكي تلبي الطلب على المياه، تقوم دول الخليج بتحلية مياه البحر، لكن هذا الأمر يعرضها لمخاطر تعطل مصانع التحلية أو الهجوم عليها.مع انتهاء حرب الخليج الأولى عام 1991، استهدفت قوات نظام صدام حسين مصانع تحلية المياه في الكويت، ودمرت مواردها.ولعل مشاريع التخزين التي لجأت إليها قطر طريقة لهذه الدول لمعالجة المشكلة. وتدرس أبوظبي أيضاً ضخ مياه التحلية في طبقة جوفية خارج المدينة.ومن جهة أخرى، ناقشت الحكومات الخليجية موضوع إقامة شبكة عمل إقليمية من الأنابيب المتصلة بمصانع تحلية، لكن التكلفة والسياسات حتى الآن جعلتها غير عملية.وفي غضون ذلك، تم تأجيل مساع لزرع الغذاء محلياً في دول الخليج بسبب شحّ موارد المياه التي تتطلبها الزراعة.ومع زيادة نمو عدد سكان الخليج، من المتوقع أن يزيد الطلب على الغذاء. إذ استوردت دبي أغذية ومشروبات العام الماضي بقيمة 6.7 مليار دولار وفق أرقام رسمية، أي أعلى من عام 2005 عندما استوردت بقيمة 3.85 مليارات دولار، بما في ذلك الواردات الكبيرة من الحبوب والطحين.