ضاق الجزائريون ذرعاً بالانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي منذ ما قبل شهر رمضان وخلاله، وتحوّل صبرهم مع توالي الانقطاعات إلى جمرٍ كاد يحرق الأخضر واليابس في البلاد، إلى درجة ورود تقارير من محافظي الولايات يحذرون فيها السلطات من "ثورة كهرباء"، حيث جرت احتجاجات قبل أيام سقط فيها قتيل وجرحى وخسائر مادية عديدة طالت مقرات للشركة الوطنية للكهرباء والغاز.ويبدو أن الغاضبين من انقطاع التيار بدأوا التفكير بجد في "الانتقام" من شركة الكهرباء والغاز، حيث أطلقوا قبل يومين حملة على "فيسبوك" بعنوان: "ما نخلّصش"، وهي عبارة جزائرية تعني "لن أدفع"، ويقف وراء الحملة ناشط كبير في الشبكات الاجتماعية يدعى "صاح احنا في احنا".وأرسل ناشطون على الشبكة الاجتماعية الشهيرة صوراً ساخرة من أحوال الكهرباء في البلاد، كانت أهمها للرئيس الأمريكي باراك أوباما وزوجته ميشال وهما في مشهد استغراب، وكتب الناشطون تعليقاً نسبوه إليهما جاء فيه على لسانهما: "الكهرباء تنقطع عندكم كل يوم وعندكم أكبر احتياطي غاز بالعالم ولديكم 80% صحراء وشمس ورياح".وعلّق آخرون في "فيسبوك" على الوضع وربطوا بينه وبين ظهور الرئيس بوتفليقة بعد طول غياب، فقالوا: "الرئيس بوتفليقة يعود بعد غياب.. لكن انقطاعات التيار الكهربائي والماء مستمرة".وتداول الناشطون نكتة ساخرة جداً مرفوقة بصورة على إعلان عاجل يقول: "أيها المواطنون الجزائريون يرجى عدم الرد على صباح الخير بصباح النور، وذلك للحفاظ على ما تبقى لدينا من طاقة كهربائية وشكراً".وكتب آخر عن حادثة أليمة يقول: "مروحة هوائية تسقط على رأس مُصلٍّ في أحد المساجد كادت تقتله.. حجة أخرى لمدير الشركة الوطنية للكهرباء ليدافع أمام أسياده عن محاسن انقطاع الكهرباء!"، حيث إن مدير عام شركة الكهرباء الوطنية المسماة اختصاراً "سونلغاز" كان قد قال إن كثرة المراوح تسبب في زيادة الضغط على التيار الكهربائي في البلاد، وتحوّل هذا التصريح إلى سخرية في الجزائر.وجاء في النداء الذي أرسله الناشط "صالح احنا في احنا" يدعو فيه إلى عدم دفع مستحقات استهلاك الكهرباء، حيث يقول: "لأننا عانينا شتاءً قاسياً بلا غاز، قتلتنا الثلوج والفيضانات، ونعاني صيفاً سجلت فيه درجات الحرارة أرقاماً قياسية بلا ماء ولا كهرباء.. فقد فهمنا أن سكوتنا على معاناة الشتاء جرتنا الى معاناة الصيف.. لذلك ندعو كل من يستطيع إلى طباعة هذا المنشور وتوزيعه أو تعليقه في الأماكن التي يستطيع لتوعية الناس والتعبير عن سخطنا بسلمية".وتفاعل الناشطون مع هذا النداء على اختلاف وجهاتهم، فمنهم من بارك الخطوة ودعا إلى التأسّي بما فعلته بعض القرى في منطقة القبائل بالجزائر، حيث امتنعت عن تسديد فواتير الغاز والكهرباء لمدة من الزمن تجاوزت سنوات، لكن آخرين قالوا إن الخطوة غير محبّذة، ولابد من احترام الدولة وفي الوقت نفسه العمل على إقالة المسؤولين الفاشلين ومحاسبتهم.ومن جهة أخرى أوردت صحيفة "الخبر" الجزائرية، في عددها اليوم الأربعاء، أن تقارير رفعها الولاة قبل عدة أشهر وعززتها تقارير أمنية، تحذّر من غليان شعبي واضطرابات في أغلب المدن خاصة في الجنوب بسبب تكرار انقطاع التيار الكهربائي في وقت اشتداد الحرارة، لكن التقارير كانت بلا جدوى بسبب استحالة تلبية الطلب على الكهرباء الذي ارتفع بأكثر من 10% خلال أسابيع قليلة.