كتب - هشام الشيخ:أكدت فعاليات شعبية أهمية تعزيز التواصل المجتمعي بين أبناء مملكة البحرين بكافة طوائفهم وانتماءاتهم الدينية والثقافية والفكرية في إعادة اللحمة الوطنية لسابق عهدها، مشيرين إلى أن الشرفاء والمخلصين من أبناء الوطن قادرون على التصدي لاستغلال بعض الجمعيات السياسة لتحقيق أجندات خاصة على حساب وحدة المجتمع ومستقبل أبنائه.وأضافوا -خلال حديثهم بمجلس النائب أحمد الساعاتي أمس- أن مملكة البحرين امتازت عن كثير من دول الجوار بالتعدد الثقافي والتسامح الديني عبر مئات السنين، لافتين إلى أن أحداً منهم بمختلف انتماءاتهم الدينية لم يشعر بوجود تفرقة بسبب العقيدة أو المذهب، انطلاقاً من التقاليد البحرينية الراسخة على مر الأجيال.نسيج غني من الأديان والمذاهبوقال النائب أحمد الساعاتي: تتميز مملكة البحرين بنسيج غني من الأديان والمذاهب المتنوعة في ظل علاقات متينة تمتد على مدى مئات السنين، مشيراً إلى أهمية المجالس البحرينية في إثراء الحياة الاجتماعية وتعزيز اللحمة الوطنية.وأوضح أن مبادرة "البحرين وطن يجمعنا” انبثقت من المواطنين أنفسهم مع بداية شهر رمضان، كما وتأتي انطلاقاً من كلمة جلالة الملك في كلمته الأخيرة، مشيراً إلى اشتمالها على فعاليات تلامس حياة الناس اليومية مثل تبادل الزيارات لتعزيز اللحمة الوطنية وهو ما لقي نجاحاً وتشجيعاً من المواطنين والقوى السياسية.وذكر الساعاتي أن تبادل الزيارات في المجالس هي عادة بحرينية أصيلة وقديمة، موضحاً أن المبادرة عملت على إذابة الجليد بين مختلف المناطق في المملكة بعد استغلال بعض الأطراف الأحداث التي مرت بالبحرين لأجندات خاصة.كما نجحت في تنظيم بطولة لكرة القدم استقطبت 100 شاب من عشر مناطق شملت قلالي ومدينة حمد ومدينة عيسى وعالي والمنامة وسترة والرفاع، تحت شعار البحرين وطن يجمعنا، وكانت فرصة للتواصل والتلاقي بين كل هؤلاء الشباب، وتحتاج إلى الدعم وتعريف المجتمع بها لكي تساهم في تعزيز اللحمة الوطنية.وكشف الساعاتي عن إطلاق ميثاق شرف للإعلام الإلكتروني بعد انتهاء إجازة العيد بالتعاون مع نادي الإعلام الإلكتروني وجمعية الإنترنت، لنشرها بين الشباب وتعريفهم بالجوانب القانونية والأخلاقية لتجنب التعدي على الأفراد والعائلات في تلك الوسائل الإعلامية الجديدة، وتجنب نشر الكراهية والفتنة بين المواطنين، مبيناً أن الميثاق سيصاحبه تنظيم مؤتمر يتناول ميثاق الشرف لمرتادي الفضاء الإلكتروني يعقد بداية سبتمبر المقبل، ويشارك فيه نخبة من المتخصصين والمهتمين من المجتمع المدني.وشدد الساعاتي على أهمية دور وسائل الإعلام في الترويج للتواصل الاجتماعي بين المواطنين، وتعزيز اللحمة الوطنية، مشيراً إلى استغلال بعض الجهات وسائل الإعلام في ضرب الوحدة الوطنية والإساءة للبحرين في الخارج.وأكد أهمية تذكير الشباب بصفة خاصة بالإرث الثقافي المشترك بيننا، مشيراً إلى تلمسه ارتياحاً ودعماً كبيرين لدى مختلف أوساط المجتمع البحريني بكافة طوائفه ومكوناته، من خلال المجالس الرمضانية.وأهاب الساعاتي بمؤسسات الدولة والمجتمع المدني والأندية ومؤسسة الشباب والرياضة ووزارة التربية والتعليم والتنمية الاجتماعية والإعلام؛ التعاون من أجل تطوير وتعزيز التواصل المجتمعي خلال الفترة المقبلة، لهدف واحد هو إعادة اللحمة الوطنية كما كانت. وشدد على العمل على أن ينعكس حال المجالس البحرينية على جميع مناحي الحياة بحيث نتبادل الأفكار في جو من الحوار دون تسقيط ودون تخوين ودون إلغاء، مؤكداً قدرة المواطنين الشرفاء من خلال العمل الاجتماعي على إصلاح ما تفسده السياسة، فهم يدافعون عن حياتهم ومستقبل أبنائهم، معرباً عن أسفه لاستغلال البعض السياسة لخدمة أجنداتهم الخاصة.وقال الساعاتي: نستطيع من خلال علاقاتنا الأهلية والأسرية والاجتماعية أن نفرض على أهل السياسة ترك الساحة للمواطنين الشرفاء الذين لا دخل لهم بالحياة السياسية، ويريدون السياسة التي تبني وتجمع وليست السياسة التي تفرق الأخ عن أخيه.وتابع: أن هناك استياء كبيراً بين المواطنين بسبب الجمعيات السياسية التي أسهمت في وصولنا لهذه الأزمة، لأن أمنهم وحياتهم تضررت من تشظي المجتمع، مضيفاً: قبل الأحداث كنا نعيش بالفعل في ربيع في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية على مدى سنوات طويلة، في ظل منجزات ومؤسسات دستورية وثراء اجتماعي.متسامح بطبيعته من جانبه قال الشيخ محمد جعفر الجفيري: إن المجتمع البحريني متسامح بطبيعته ويجمع كل الأطياف، مشيراً إلى أهمية دور رجال الدين في تحقيق رسالة الأنبياء والأديان في احتضان كافة القوميات والثقافات والانتماءات دون تمييز. وأكد أن مجالس البحرينيين مفتوحة دائماً لتحقيق التواصل المجتمعي كجزء أصيل من التراث، مبيناً أن الإسلام جمع بين أبوذر العربي، وسلمان الفارسي وبلال الحبشي، بقومياتهم التي احتضنها الدين، لافتاً إلى تسامح الإمام علي رضي الله عنه مع أهل الإنجيل والتوراة.إحياء العادات البحرينيةومن جهته قال الشيخ صلاح الجودر: إن العيد مناسبة لإحياء العادات البحرينية خصوصاً المجالس التي تضم كافة أطياف المجتمع البحريني، مشيراً إلى أن تاريخ البحرين شاهد على تسامح أهل المملكة منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم تعرف البحرين أية تفرقة بناء على دين أو مذهب. وأكد الجودر حرص قيادة المملكة على حث المواطنين على الحفاظ على هذه العادات الأصيلة كأحد عوامل التصدي للفتنة، لافتاً إلى أن التعايش والتواصل الاجتماعي يمثل للمملكة صورة جميلة يغبطنا عليها كثير من الدول المجاورة، وكان لها دور كبير في إزالة كثير من الاحتقان في المجتمع.طلبة من مختلف الطوائف من ناحيته علق المواطن يوسف حيدر: أنا كمسيحي بحريني عشت منذ الطفولة في فريج العوضية مع الجميع عائلة واحدة لا فرق بين دين وآخر، مشيراً إلى أنه خلال الدراسة كانت المدرسة تضم طلبة مسلمين سنة وشيعة ومسيحيين ويهودا ًفي ظل جو من التسامح، حيث كان مدرس التربية الإسلامية يخير بقية الطلبة من غير المسلمين بين حضور الدرس أو الانصراف للعب خارج الصف.وأضاف: لم نشعر حتى يومنا هذا بأية تفرقة على أساس ديني في مملكة البحرين، مضيفاً أنه الوحيد المسيحي في أحد النوادي الرياضية ورغم ذلك تم اختياره رئيساً للنادي لفترة طويلة.الأديان توصي بالتعارفوقال الشيخ جواد بوحسين: إن الإسلام وسائر الأديان السماوية تركز على العلاقات والتعارف والتواصل بين البشر، مشيراً إلى أن هناك إرثاً تاريخياً عظيماً في المملكة يجسد هذه العلاقات وينمي من تقدمها للأفضل باستمرار. وأكد أن مثل هذه المجالس هي امتداد لعلاقات متجذرة قديمة جداً حافظ عليها شعب البحرين بكل انتماءاته الثقافية والفكرية، وهو إرث من التسامح والتعايش يمتد من الأجداد إلى الأحفاد، ولا يمكن أن يكون لمجرد الظهور الإعلامي فهو رسالة ثابتة وواضحة يعبر عنها شعب البحرين.أجواء اجتماعية قديمة بدوره قال الناشط الحقوقي البهائي عطية الله روحاني: إن هذه الأجواء الاجتماعية قديمة في البحرين، والمجالس يرتادها كافة الطوائف دون تفرقة، مشيراً إلى البحريني يمتاز بحبه لغيره وخدمته للآخر أكثر من نفسه. وأضاف: عشت في عدة مناطق في المملكة، وطوال تلك السنوات لم يسألني أحد عن مذهبي أو ديني. وكان قد حضر مجالس النائب الساعاتي -الذي عقد ثالث أيام عيد الفطر المبارك ونقلته على الهواء مباشرة قناة "إم بي سي”- لفيف من المواطنين من مختلف الأديان والعقائد ورجال دين مسلمين سنة وشيعة ومواطنين مسيحيين وبهائيين. وذكر الساعاتي أن عدداً آخر من اليهود والبهرة لم يتمكن من الحضور بسبب دواعي السفر.