القاهرة – ربيع يحيى: بالتزامن مع إعلان الحزب الجمهوري الأمريكي عن إختيار "ميت رومني" كمرشح رسمي لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية نوفمبر 2012 أمام الرئيس الحالي باراك أوباما، بدأت وسائل الإعلام الأمريكية في الحديث عن كتاب جديد قد يؤثر بالسلب على شعبية الرئيس الأمريكي، لاسيما وأنه يتناول قضية في غاية الخطورة كانت قد رفعت من رصيد أوباما كثيرا خاصة وأنها تتعلق بعملية تصفية أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وهي العملية التي أستغلت إعلاميا في الولايات المتحدة بشكل كبير كأحد إنجازات الإدارة الأمريكية الحالية. الكتاب الذي يحمل عنوان No Easy Day "ليس يوما سهلا" يعتبر الأول من نوعه الذي ينقل تفاصيل العملية التي قامت بها قوة الكوماندوز البحرية الخاصة (Navy SEAL) من مصدرها الأصلي، فمؤلفه هو "مات بيسونيت" أحد أفراد المجموعة والذي أضطر لاستخدام اسم مستعار على غلاف الكتاب هو "مارك أوين" لتجنب منع نشر محتوى الكتاب لما يحتويه من معلومات نوعية خطيرة. ويطرح المؤلف سؤال حول إذا ما كانت تلك العملية التي نٌفذت في مايو 2011 عملية بطولية أم أنها في النهاية كانت ضد هدف ضعيف يعاني من إصابات خطيرة ولم تحمل أي نوع من المخاطرة. يُذكر أن ملابسات مقتل زعيم تنظيم القاعدة في إحدى البنايات بمدينة أبوت آباد الباكستانية، قد أثار حالة من الجدال الواسع على خلفية ما ورد في الإعلام الأمريكي من تفاصيل حول كيفية إقتحام الموقع، ثم قتل بن لادن وإلقائه بعد ذلك في البحر، وعدم معرفة السلطات الباكستانية بحقيقة وجوده على أراضيها. وأظهر الإعلام العملية على أنها نصر أمريكي بصفة عامة، وللرئيس أوباما بصفة خاصة، فيما صدر قرار بعدم نشر صور الجثمان.كما تسبب الإغتيال في طرح مسألة التعاون الإستخباراتي الأمريكي – الباكستاني، على خلاف بعض الآراء التي تحدثت عن إحتمال خداع الإستخبارات الباكستانية لنظيرتها الأمريكية، بأن وفرت ملاذا آمنا لأسامة بن لادن طيلة سنوات، خاصة وأنها اضطرت لتبرير استخدام الأراضي الباكستانية بقولها أنها لم تكن على علم بوجود بن لادن في باكستان رغم أنه كان يعيش في منطقة سكنية تقع في محيط يقطنه ضباط وشخصيات عامة باكستانية في محيط الأكاديمية العسكرية.وأظهرت العديد من التقارير أن الإستخبارات الأمريكية كانت تعمل في باكستان بمطلق الحرية، وأن عناصر المخابرات الأمريكية تمتعوا بصلاحيات غير مسبوقة، لدرجة أن أجهزة الأمن والإستخبارات الباكستانية لم تعد على علم بعددهم، أو طبيعة أنشطتهم الواسعة في البلاد. وبسبب الضغوط الداخلية إضطرت السلطات الباكستانية تتبع أنشطة الممثلين الدبلوماسيين الأمريكيين في باكستان، فتبين لها أن هناك قرابة 850 شخصية أمريكية تحمل جوازات سفر دبلوماسية، وبعد التدقيق تبين أن نصفهم لا يحمل الصفة الدبلوماسية. القوات المشاركة في العملية قاربت الثمانين عنصرا، بحسب التقارير، ما بين عناصر جمع المعلومات الإستخباراتية، والذين إستطلعوا الموقع على أرض الواقع، بالإضافة إلى قوة تضم 25 مقاتلا تم إنزالهم داخل الموقع الذي يقطنه بن لادن، ينتمون لـ(لفرقة 6) – قوات الكوماندوز البحرية، والذين اشتهروا بإسم (سيل)، وهي إختصار لكلمات )بحر، جو، أرض). وهذه القوة هي وحدة سرية خاصة، شاركت من قبل في عمليات في أفغانستان والعراق والصومال.تخضع هذه القوة لتدريبات شاقة للغاية، وفي بداية الإلتحاق بها يخضع عناصرها لفترة تصل إلى ستة أشهر من التدريب على عمليات بحرية خاصة، وبعد ذلك يخضعون للتدريب لما يعرف بـ(أسبوع الجحيم) حيث لا يحصل فيه الجنود سوى على أربع ساعات من النوم فقط طيلة الأسبوع، ويقومون بالركض خلال هذه الفترة بلا توقف تقريبا، ويعقب ذلك سباحة في مياه شبة متجمدة، والتعامل مع ساحات في غاية الصعوبة، وفي الغالب يفشل 80% من المتقدمين للإنضمام للوحدة الخاصة، كما تسجل حالة وفاة واحدة على الأقل في كل دورة إنتقاء. من ينجح في اجتياز الإختبارات الأولية يتدرب بعد ذلك على القفز بالمظلات من إرتفاعات تصل إلى 30 ألف قدم، ويتدرب على كيفية السيطرة على خاطفي طائرات، وفي هذه المرحلة أيضا يفشل البعض، ويتم إستبعاده، لذا فإن أعمار عناصر هذه الوحدة في الغالب تتراوح حول الثلاثين عاما، بفارق عشر سنوات تقريبا عن الملتحقين بالخدمة العسكرية، ويبلغ عدد أفراد هذه القوة قرابة 2000 عنصر فقط. وقد أشارت السينما الأمريكية إلى هذه القوة الخاصة من خلال الدور الذي لعبه ممثل الحركة الشهير (ستيفين سيجال) في فيلمه الشهير ( تحت الحصار) عام 1992. مهندس العملية هو اللواء بحري ويليام ماكرافين، والذي تحدثت عنه وسائل الإعلام الأمريكية وقتها كبطل قومي، فيما نُسب الإنجاز الأكبر للإدارة الأمريكية ولم تخفي العديد من التحليلات أن الهدف منها كان إنتخابيا. غير أن الكتاب الجديد الذي ألفه أحد عناصر القوة الخاصة التي نفذت الإغتيال قد يدحض العديد من المزاعم الإعلامية الأمريكية، وبالتالي قد يتسبب في تراجع شعبية الرئيس الأمريكي الذي يواجه حربا إنتخابية شرسة أمام المرشح الجمهوري ميت رومني. ومن بين المزاعم التي يفندها الكتاب ما يتعلق بطريقة التعامل مع جثمان بن لادن، حيث يصف المؤلف كيف جلس أحد عناصر القوة الخاصة على صدر بن لادن الذي كان ملقى على أرضية المروحية. ويكشف الكاتب أن أعضاء القوة الخاصة كانوا على يقين بأن ما حدث سيؤدي إلى إعادة إنتخاب أوباما لفترة رئاسية ثانية، وأنهم ليسوا من المتعاطفين مع الرئيس الأمريكي ولكنهم تعاملوا معه بكامل الترام لكونه القائد الأعلى للقوات الأمريكية المسلحة.