القاهرة – ربيع يحيى (خاص للوطن): أثار صدور الكتاب الإسرائيلي الجديد (حروب الأشباح الإسرائيلية) حالة من الجدل الحاد، خاصة وأنه يتطرق للعمليات السرية التي قامت بها أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة داخل إيران، وعمليات الإغتيال التي طالت علماء الذرة، ولم تعترف الدولة العبرية بارتكابها. الكتاب الذي ألفه كل من الصحفي الإسرائيلي المخضرم يوسي ميلمان ومراسل شبكة CBS الأمريكية دان رافيف، يكشف النقاب عن الوحدات السرية للغاية في جهاز الإستخبارات والعمليات الخاصة (الموساد)، وهي ظاهرة انتشرت في السنوات الأخيرة تمثلت في صدور عدد من الكتب التي تحدثت عن عمليات طالما أنكرتها الدولة الصهيونية ولم تعترف بها، فيما اعترفت المؤلفان بارتكاب الإستخبارات الإسرائيلية لها، ومنها على سبيل المثال إغتيال محمود المبحوح القيادي في حركة حماس، وإغتيال عدد من علماء الذرة داخل إيران. الكتاب الجديد صدر بالعبرية في إسرائيل تحت عنوان (حروب الأشباح الإسرائيلية) وبالإنجليزية في الولايات المتحدة تحت عنوان جواسيس في مواجهة هارمجدون: داخل الحروب السرية الإسرائيلية (Spies Against Armageddon: Inside Israel’s Secret Wars). ويصف الكتاب أنشطة وحدة الإغتيالات التابعة للموساد الإسرائيلي (وحدة كيدون/ الحربة) والتي تتولى القيام بعمليات تصفية جسدية أو أعمال تخريبية في دول تعتبرها إسرائيل معادية. ويكشف الكتاب النقاب عن تاريخ تأسيس الوحدة وعناصر وشخصيات تم تجنيدها للعمل بين صفوفها. ويروي الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان أن تأسيس الوحدة السرية للغاية يعود إلى الفترة التي أعقبت حادثة ميونخ عام 1972، حين قامت عناصر تنتمي لمنظمة (أيلول الأسود) باحتجاز عدد من الرياضيين الإسرائيليين بهف تصفية عناصر المنظمة الفلسطينية. كما كان الهدف من تأسيسها ضرب البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية في أوروبا ووضعها في حالة دفاع دائم. وقبيل تأسيس الوحدة كانت تلك المهام ملقاة على عاتق وحدة خاصة تسمى (قيصريا) والتي كان يرأسها في تلك الفترة مايك هاراري، وهي وحدة كانت مخصصة لزرع عملاء داخل دول عربية. ويؤكد المؤلفان أن الموساد الإسرائيلي وجد أن هناك ضرورة لتكوين وحدة إغتيالات أخرى أكثر إتساعا، وأن وحدة (كيدون) تضم اليوم عشرات المقاتلين والمقاتلات، وأن كل منهم يحمل عدد من الأسماء المستعارة. ويحاول الكتاب أيضا أن يظهر أن الإستخبارات الإسرائيلية ليست الموساد وحده مثلما يظن العالم، كما أنه يروى قصة تأسيس عدد من الأجهزة الإستخباراتية ومن بينها سلاح المخابرات الحربية بالجيش (أمان) وجهاز الأمن العام (الشاباك) ومكتب الإتصال (ناتيف) وشعبة العمليات الخاصة بالجيش. ويشير الكتاب إلى أن شعبة الإستخبارات الحربية وخاصة وحدة جمع المعلومات المركزية (الوحدة 8200) أكثر أهمية من الموساد بالنسبة للأمن القومي الإسرائيلي، حيث تعمل جميع الأجهزة الإستخباراتية الأخرى بالتنسيق معها.يشار إلى أن كتاب مماثل صدر في أكتوبر 2010 تحت عنوان (الموساد – العمليات الكبرى) اعتبر وقتها شهادة إسرائيلية على طبيعة عهد مئير داجان الرئيس السابق للموساد، والذي نفذت خلال ولايته الكثير من العمليات في المنطقة، ولم تعلن إسرائيل مسئوليتها المباشرة عنها. الكتاب يحتوي على 22 فصلا، ويحمل على غلافه إسم أحد الأسماء البارزة في إسرائيل في مجال أدبيات التجسس، والعمل الإستخباراتي، وهو بروفيسور ميخائيل بار زوهار، والذي قرر إضافة كتاب جديد إلى عشرات الكتب التي تحمل على غلافها إسم الموساد، والتي تحقق في العادة أرقام مبيعات ملفته للنظر سواء في إسرائيل أو خارجها، ليخرج بذلك بعمل شامل يضم أكبر العمليات التي قام بها الموساد منذ نشأته، والتي ذاع صيتها بالفعل ونسبت للموساد، ولكنه هذه المرة يتحدث عن عمليات حديثه لم تنسبها إسرائيل لنفسها مباشرة حتى اليوم، ومعظمها في عهد مئير داجان. كما شارك معه في تأليف الكتاب نيسيم ميشعال، والذي كان يتولى إدارة التلفزيون الإسرائيلي وإدارة القناة الثانية.وعلى سبيل المثال، ورد في الكتاب تفاصيل حول عملية إغتيال اللواء محمد سليمان، والذي تقول إسرائيل عنه أنه كان المسؤول عن البرنامج النووي السوري. وتحدث المؤلف عن الإغتيال كونه طوى صفحة البرنامج النووي السوري، والذي يزعم أنه كان بتمويل إيراني وإدارة مهندسين من كوريا الشمالية. كما زعم الكتاب أن إغتيال عماد مغنية، القيادي الكبير في حزب الله جاء بعد أن زار سيدة يحبها في دمشق، ويتحدث أيضا عن عملية إغتيال محمود المبحوح في دبي أمام عدسات الكاميرات، هذا بخلاف الكثير من العمليات التي تعود لعهود أخرى، مثل الوفاة الغامصة لدكتور جيرالد بول، العالم الكندي الذي بنى لصالح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين واحد من أكبر المدافع في العالم، وعن وفاة رئيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطيني وديع حداد، الذي تعرض للتسمم، وفتحي الشقاقي، زعيم حركة الجهاد الإسلامي، الذي قتل بالرصاص في مالطا بناء على أوامر يتسحاق رابين، الذي قتل هو الآخر رميا بالرصاص. وتطرق الكتاب أيضا لحياة وموت رجل الأعمال المصري أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومستشار الرئيس الراحل أنور السادات، ومع ذلك حاول ألا يتجاوز الخط الإعلامي الخاص بنشر التفاصيل حول قضية مروان ومن المسؤول عن قتله، ولكنه في النهاية وضع وفاته ضمن كتاب عن عمليات الموساد الكبرى!. وخصص الكتاب جانب كبير عن الحرب الإستخباراتية الدائرة بين إسرائيل وإيران، والتي تمثلت في عمليات إغتيال بحق علماء إيرانيين على رأسهم مسعود علي محمودي، ولكنه يعود إلى العالم النووي الإيراني الأول الذي تم إغتياله، ففي يناير 2007 نجح عملاء الموساد في تسميم العالم الإيراني، بروفيسور أردشير حسين بور (44 عاما)، والذي كان من عباقرة المجال الكهرومغناطيسي في العالم. ويقول الكتاب أن الموساد لم يكتفي بإغتيال العالمين الإيرانيين، ولكنه يحارب البرنامج النووي الإيراني من خلال عملاء مزدوجين ووحدات إغتيال وتفجيرات، وشركات وهمية وإغتيالات بحق شخصيات إيرانية هامة.