^ النظام السياسي البحريني أمام منعطف طريق حقيقي بعد استلام العاهل أمس تقرير اللجنة المكلفة بمتابعة تقرير لجنة تقصي الحقائق، فالدولة ممثلة بمؤسساتها المختلفة تسير في مسار معين، والطرفان الأساسيان في النظام يسيران باتجاه مختلف تماماً، والنتيجة النهائية أنه لا يوجد مسار توافقي يضم الجميع ويضم أطراف الصراع. لذلك نحن بحاجة لتغيير قناعاتنا السياسية الآن وليس لاحقاً، حتى نصل لقناعات مشتركة يمكن التعويل عليها في مزيد من الإصلاحات التي دعا إليها العاهل في احتفال الأمس. حسم الحقيقة في هذه المرحلة مسألة مهمة، وإذا كان هناك من يتطلع لأن يكون رأيه وحده فقط هو الحقيقة وليس رأي غيره، فينبغي أن يعي جيداً أنه لا يعيش في أرخبيل البحرين لوحده، وأن هناك مكونات متعددة لها آراؤها ولها مصالحها ولها حقوقها التي يجب حمايتها وصونها بعدالة دون أدنى انتقاص. في ضوء هذه الحقيقة كل ما نخشاه الآن أن تتحول المعارضة الراديكالية إلى قوى سياسية معتدلة، وأن تتحول القوى السياسية المعتدلة الآن إلى قوى سياسية راديكالية، سيّما وأن هناك عدة مؤشرات واضحة، تعكس لنا هذا الاتجاه الخطر. فعلى سبيل المثال سنجد من يشكك في جهود اللجنة الوطنية المكلفة بمتابعة توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق، وهناك من يشكك في جهود والتزام الحكومة بتنفيذ هذه التوصيات كما حدث سابقاً عندما كان الحديث متعلقاً بتنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني. الإصلاح الحقيقي ليس هو ذلك الإصلاح الذي تمت المطالبة به في حوار التوافق الوطني، وليس تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، أو تنفيذ مطالب المعارضة الراديكالية والقوى السياسية المعتدلة الأخرى فحسب، ولكن الإصلاح الحقيقي هو القناعة التي يجب أن تكون موجودة لدى كل فرد ولدى كل مؤسسة من مؤسسات المجتمع، سواءً كانت مؤسسة رسمية من مؤسسات الدولة، أو من مؤسسات المجتمع المدني. وهذا ما نفتقده اليوم، فمهما قدمنا من مبادرات أو طرحنا من مشاريع طموحة، وأفكار رائدة فإن النتيجة واحدة مادامت الرغبة والقناعة معدومتين لدى كافة الأطراف. لذلك فإن الإصلاح الحقيقي هو التمسك بالثوابت الوطنية، وإيجاد القناعة الذاتية بضرورة التغيير من الداخل بدلاً من الانتظار أن يقوم هذا الطرف أو ذاك بمبادرة سياسية لتغيير الأوضاع السياسية، وهي خطوات بلاشك مرفوضة.
الإصلاح الحقيقي بعد التقرير
15 أبريل 2012