^ المشكلة التي يواجهها المعتدلون في أسلوب التفكير في مجتمعنا البحريني أنهم يقعون دائماً بين “فكي الكمّاشة”، فلا التيارات السياسية المتشدِّدة تصغي لصوتهم، ولا يُمنحون الاهتمام والتقدير الرسمي الذي يتناسب مع قدرتهم على التأثير على الأحداث في الاتجاه الإيجابي. إن الشخص المعتدل في طريقة تفكيره، يؤمن بمساواة جميع المواطنين أمام القانون، وكفالة الحريات العامة، وضرورة فصل الدين على الدولة، أي إبعاد الخطاب الديني أو تحييده إزاء المواقف السياسية، لذلك غالباً ما يصبح هذا الشخص هدفاً للهجوم من جانب القوى التي تعتقد أن صوتها يمثل “غالبية” أفراد المجتمع، وأن الآخرين يجب أن ينصاعوا لأفكارها وآرائها. ولهذا السبب، يتزايد الدور المناط بالعلمانيين والليبراليين في الأزمات السياسية، حيث تتوجّه الأنظار باتجاههم بالذات أملاً في أن يتخذوا مواقف حيادية إزاء الأحداث يمكن أن تنقذ الوطن، وتلملم الشمل، وتصون الوحدة الوطنية المعرّضة للتمزّق والشتات. وحيث إن القوى الموتورة تعتبر تحرّك العلمانيين خطراً محدقاً على مصالحها الدنيوية الآنية، ونذيراً بانحسار نفوذها بين البسطاء والعامة المخدوعين بشعاراتها ووعودها المعسولة، فإنها غالباً ما تستنجد بالدين تارةً، وبأية وسيلة ممكنة تارةً أخرى، للإيقاع بينهم وبين الجماهير، ولا تتوانى في شحذ كافة الأسلحة المتوفرة لديها بهدف إبعادهم عن ساحة التأثير، وتشويه أفكارهم، في محاولة مستميتة لإقناع الناس أنها هي وحدها تملك “الحل السحري” للأزمة الراهنة. وحتى في الحالات التي تتحد فيها القوى المذهبية مع القوى العلمانية والليبرالية المستنيرة، فإن الغرض الأساسي من هذا “التحالف” هو إسباغ “صبغةً وطنيةً” على التحرّك المذهبي وإلباسه ثوب الديمقراطية الحق. أتصوّر شخصياً أن الدولة في أمس الحاجة اليوم قبل الغد لأن يعلو صوت الليبراليين، ويشتد عودهم، ويتسع نطاق نفوذهم وتأثيرهم على الأحداث والأجيال الصاعدة، لذا لا مناص من تمكينهم من المشاركة النشطة في صنع القرار السياسي، واختيار الكفاءات المتوفرة بينهم للغرفة التشريعية المعيّنة ضماناً لتوازن الرأي، وتكافؤ الفرص، وردعاً لهيمنة التشدّد على الساحة السياسية ومن شأن التسويف والتباطؤ إنجاز في هذه المهمة أن يجّر عواقب وخيمةً على الوطن
لنتكاتف جميعاً من أجل إعلاء صوت الاعتدال
15 أبريل 2012