تزامناً مع تبادل الاتهامات بين مسؤولين إيرانيين كبار بالفساد المالي المستشري داخل الأجهزة الحكومية في أعلى مستوياتها، ترددت أنباء عن قيام طهران بإرسال نخبة من عناصر مخابراتها المتخصصة في الشؤون المالية إلى لبنان للتدقيق في الحسابات والكشوفات المالية داخل مؤسسات حزب الله اللبناني الذي يعتمد على الدعم الإيراني، حسب ما ذكرت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية. وكشفت عن وصول "مجموعة من المخابرات الإيرانية تتكون من 20 عنصراً" إلى العاصمة اللبنانية بيروت في الخامس من شهر رمضان الماضي بهدف "إجراء جردة حسابية للأموال التي صُرفت على شبكة الاتصالات السلكية التابعة لـ"حزب الله" على الأراضي اللبنانية". وعزت الصحيفة ذلك إلى "مصادر مقربة من الحزب" التي أكدت "أن هذه المجموعة تمكنت في الأسبوع الأول من عملها كشف أكبر عملية اختلاس منظمة يديرها المدير المالي لهذه الشبكات والقيادي في حزب الله حسين ع. فحص و4 أشخاص آخرون لم يتم الإعلان عن أسمائهم حتى الساعة". كما لفتت المصادر إلى "أن حجم الأموال التي اختلست تجاوزت 5 ملايين دولار في أقل من عامين، وأن فحص ابن بلدة "قبريخا" الجنوبية كان يوهم الجميع بمن فيهم قياديون من الحزب، أن مرد تحوله إلى رجل أعمال من الطراز الرفيع يعود إلى الشركتين اللتين أسسهما، الأولى تعنى بنقل الحجاج إلى مكة والأراضي المقدسة في إيران والعراق والسعودية، والثانية شركة لبيع السيارات المستعملة". وأضافت تلك المصادر "إن المخابرات الإيرانية اقتادت حسين فحص، المعروف بـ"دانيال" وهو لقبه الحزبي، بالتعاون مع جهاز أمن "حزب الله"، إلى جهة مجهولة ومعه 4 أشخاص آخرين للتهمة عينها، كما صادرت كل سياراته وبعض المقتنيات الثمينة من داخل منزله، إضافة إلى توقيف قيادي من الحزب متورط بهذا الملف لم يتم الإفصاح عن اسمه أو المركز الذي يشغله، ولكن بعض نساء "قبريخا" سمعن أحد أفراد عائلته يقول: إن توقيف حسين سيجر رؤوساً كبيرة، ونحن نعرف من هو الشخص الذي ورطه في هذا الموضوع". حملة ضد الفساد المالي في إيران هذا وشهدت إيران نفسها في وقت لاحق من الأسبوع الماضي محاكمة 39 متهماً بالفساد المالي في أكبر عملية اختلاس شهدتها إيران في تاريخها الحديث، حيث واجه المتهمون تهمة اختلاس ثلاثين مليار ريال إيراني أي ما يعادل ثلاثة مليارات دولار، حسب تسعيرة الدولار في تاريخ حدوث الاختلاس. وكشف القاضي ناصر سراج رئيس الشعبة الأولى في محكمة الثورة بطهران في مقابلة له مع وكالة "مهر" للأنباء عن إصدار أحكام بالإعدام بحق أربعة من المتهمين وأحكام بالسجن بحق عدد آخر منهم. تبادل الاتهامات بين كبار المسؤولين هذا وكان محمد رضا رحيمي، النائب الأول للرئيس الإيراني محمود نجاد، اتهم المفتش العام الإيراني ووزير الداخلية الأسبق مصطفى بور محمدي بالفساد المالي في الفترة التي كان يترأس وزارة الداخلية الإيرانية. وجاءت تصريحات نائب الرئيس الإيراني هذه رداً على اتهامات سابقة بالفساد المالي كان وجهها له المفتش العام إلإيراني، مؤكداً أن ملف محمد رضا رحيمي لا يزال مفتوحاً والتحقيقات جارية بهذا الخصوص. وفي كلمة ألقاها بور محمدي لاحقاً في المؤتمر السنوي للاتحادات الإسلامية لطلاب الجامعات الذي أقيم في جامعة شريف الصناعية، رفض وزير الداخلية الإيراني الأسبق والمفتش العام الحالي الاتهامات الموجهة إليه من قبل نائب الرئيس الجمهورية بالفساد. وكشف في المقابل عن وقف التحقيقات النهائية في اتهام الفساد المالي الموجه ضد نائب أحمدي نجاد دون أن يكشف الأسباب، إلا أن مصادر إيرانية مطلعة تؤكد أن المرشد الإيراني الأعلى آية الله خامنئي تدخل شخصياً لوقف التحقيقات بهذا الشأن.