كتب ـ أحمد عبدالله: عارض برلمانيون تطبيق قرار وزارة الصحة رقـــــــم 18 لسنـــــة 2011 بفصـــــل الطب العام عن الخاص بصيغته الحالية، لافتين إلى أن إنفاذ القرار يفقــــــــد القطــــــــــــاع العـــــــــــام 80% مــــــــــن الاستشاريين، فيما قالت الهيئة الوطنية لتنظيم المهن الصحية «مسؤوليتنا تطبيق القرارات الحكومية وحفظ المال العام».ودعا البرلمانيون إلى التروي في تطبيق القرار للتوصل إلى حل مقبول للقضية، محذرين من تأثيراته السلبية.ورأى بعضهم أن حلّ مشكلة الخلط بين الطب العام والخاص يكمن في وضع ضوابط لمنع قلة من الأطباء من الممارسات الخاطئة، فيما أعلن آخرون تبنيهم قانون للطب البشري خلال الدور المقبل.وقالت هيئة تنظيم المهن الصحية، إنها لم تتعرض لأي من المعنيين بالقرار، بعد أن حددت وزارة الصحة 4 أكتوبر موعداً لانتهاء مهلة تطبيقه.تقويم قرار الفصلودعت عضو مجلس الشورى د. ندى حفاظ، إلى تقويم قرار فصل الطب العام عن الخاص انطلاقاً من اعتبار مصلحة المرضى هدفاً، ومدى خدمة القرار لها.وأضافت أنه «في حال تطبيق القرار تُصبح فرص المرضى في الحصول على الأطباء الأكفاء أصحاب الخبرة ضئيلة»، موضحة أن عدد الدكاترة الاستشاريين بالمملكة قليل وسوف يضطر الكثير منهم إلى مغادرة الطب العام والتفرغ للطب الخاص فقط.وشخصت المشكلة القائمة بأن بعض الأطباء يستغلون الخدمات الصحية الحكومية بطريقة خاطئة، لافتة إلى أن البعض منهم يكسر طابور العمليات الجراحية في المستشفى العام مثلاً لصالح مرضى يترددون على عيادته الخاصة، ويجحف بحق مرضى آخرين.ورأت حفاظ أن حلّ المشكلة يكمن في وضع ضوابط لمنع قلة من الأطباء من الممارسات الخاطئة، وليس بالفصل وفق الطريقة التي تتجه إليها وزارة الصحة الآن، موضحة أنها وضعت ضوابط تنظيمية شاملة ومدروسة لمعالجة المشكلة عندما كانت وزيرة للصحة «لكنها لم تطبق».وأضافت «رغم أن الدولة تقدم الخدمات الصحية للمواطنين عن طريق الطب العام، إلا أننا لا نزال نأمل في تعميم الخدمات الصحية وتأمينها للمواطن في القطاعين العام والخاص».وحذرت من أن القرار يفقد القطاع الحكومي الاستشاريين أصحاب التجربة والكفاءة، ما تصعب تغطيته من الخارج خاصة في ظل رواتبهم الحالية غير المرتفعة، مشيرة إلى أن الشهادة العلمية ليست المعيار الوحيد في مجال الطب وإنما الخبرة المتراكمة.تسريب للكفاءات الطبيةمن جهته، قال النائب عثمان شرف إن «قرار الفصل بطريقته الحالية يحمل في ثناياه قضايا سلبية، ويؤدي إلى خروج عدد كبير من الاستشاريين والأطباء ذوي الكفاء لتفضيلهم العمل بالعيادات الخاصة، ما يؤثر على المستشفيات الحكومة ويفرغها من الكفاءات، وينعكس سلباً على المواطن ويؤدي إلى تدني مستوى الخدمات الطبية المقدمة بالمستشفيات».وأضاف «وزارة الصحة ليس بإمكانها ملء الفراغ في الكوادر الطبية الناتج عن تطبيق القرار»، موضحاً أن المواطن هو من يدفع الفاتورة في النهاية.ودعا شريف إلى تجميد القرار وإعادة النظر فيه وإصدار تشريع وضوابط واشتراطات تقنن القضية برمتها، مؤكداً ضرورة سماع وجهة نظر الاستشاريين أنفسهم للتوصل إلى حل وسط مقبول يُرضي الجميع.القرار «غير صائب»واعتبر رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب علي الدرازي موضوع فصل الطب العام عن الخاص في غاية الأهمية، واصفاً محاولة الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية تطبيق القرار بـ»العمل غير الصائب».ودعا الصحافة المحلية إلى إيلاء الموضوع ما يستحقه من اهتمام، ووصف قرارات وزارة الصحة بهذا الشأن بـ»المتعجرفة» وصادرة دون تخطيط مسبق، ما يؤثر بشكل كبير على مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين بمجمع السلمانية الطبي. وقال «وإن كنت أؤيد مبدأ فصل الطب العام عن الخاص، فإن تطبيق قرارات وزارة الصحة على النحو الحالي يضرّ القطاع أكثر ما ينفعه».وأضاف «تطبيق القرار يؤدي بالضرورة إلى ترك ما بين 85% إلى 90% من الاستشاريين وظائفهم بالطب العام، حسبما أكده مجموعة أطباء التقيتهم، ما يربك عمل الوزارة لصعوبة تعويض هذه النسبة الكبيرة من الأطباء».وانتقد قرار الفصل لأنه «لم يقدم أي تعليل أو توضيح ولم يتطرق لإجراءات الفصل والتدرج فيه، ولم يضع آلية واضحة لتنفيذ القرار، وإنما تناول الموضوع في أقل من صفحة وبمادة واحدة، بينما بقية المواد إجرائية».ودعا إلى إرجاء تطبيق قرار الفصل لحين صدور قانون المهن الموجود الآن بأروقة السلطة التشريعية، والذي يتجه لفصل مدروس بين القطاعين العام والخاص، لافتاً إلى أن الموضوع وصل لمراحل متقدمة من الدراسة. وأكد الدرازي ضرورة إشراك جميع العاملين في مجال الصحة في وضع تصور لآليات تطبيق القانون، مشيراً إلى أن القرار يتعارض مع قانون مزاولة الطب البشري الصادر عام 1989.ودعا لدراسة الموضوع بتأنّ، وتعديل القانون القديم بما يتناسب مع التطور الحاصل في مهنة الطب، كاشفاً أن كتلة البحرين النيابية قررت تبني طرح قانون جديد لمزاولة مهنة الطب خلال دور الانعقاد المقبل.وطالب وزارة الصحة بالتأني وعدم اتخاذ قرارات تؤثر على الخدمات الطبية بشكل عام، لافتاً إلى أن «الطب الخاص بدوره يتأثر لكونه الآن يستخدم تجهيزات الطب العام وسيلجأ إلى تجهيزات أقل جودة عند إنفاذ القرار، ما يؤدي إلى أن تكون العمليات الجراحية دون المستوى المطلوب».وانتقد بشدة قرار الهيئة الوطنية لتنظيم المهن وتحديده يوم 4 أكتوبر المقبل أخر أجل لتطبيق قرار الفصل بين مزاولة مهنة الطب في القطاعين العام والخاص.الترخيص للأطباء العاملين بالحكومة ممنوعوأكد المدير التنفيذي للهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية د. بهاء فتحية، أن الهيئة «لم توقف أحداً من الأطباء حتى الآن، لأن مهلة الشهر الممنوحة ما تزال سارية المفعول».وأوضح أن «الهيئة تلزم أي استشاري يتقدم بطلب ترخيص إليها بإثبات أن جهة عمله تسمح له بالعمل خارج دوامه الرسمي، إضافة إلى إثبات صحة شهاداته». وبيّن أن الهيئة تعمل للحفاظ على المال العام وعدم حصول ازدواجية في الدفع، وحتى يستفيد الاستشاريون من «بدل التفرغ» وهم يعملون خارج الدوام في عيادات خاصة، مشيراً إلى أن الهيئة لا ترخص الآن لأي طبيب يعمل لدى جهة حكومة.وأضاف «موضوع فصل الطب العام عن الخاص يخص وزارة الصحة، ونحن جهة رقابية تنفيذية ومهمتنا تطبيق القانون، ولا نتدخل في شؤون الوزارة».ورفض فتحية التعليق على سؤال حول مبرر تعليق العمل بقرار الفصل رغم صدوره قبل نحو عام، معتبراً التعليق من اختصاص وزارة الصحة.