تثير القدرات القتالية لفصائل الجهاد الفلسطينية في قطاع غزة قلق الأجهزة الأمنية والاستخباراتية للاحتلال الصهيوني الذي يسعى حثيثًا إلى تتبع تلك القدرات، فيما يؤكد خبراء فلسطينيون أن هذا "حق طبيعي" للمقاومة في مواجهة ترسانة التسليح العملاقة للاحتلال وفي ظل القوة والإمكانات غير المتكافئة.وحديثًا أدخلت بعض الفصائل بغزة التدريب الأكاديمي إلى جانب القتالي، وهو ما اعتبر تطورًا مهمًّا في طريقة تجهيز المقاومين، ويرى الكيان الصهيوني هذا التطور النوعي للمقاومة جرس إنذار؛ فلم يعد التدريب على إطلاق صواريخ فقط.ونقل موقع المركز الفلسطيني للإعلام كشف ألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان المقاومة الفلسطينية في غزة قبل يومين عن تخريج دفعة متخصصة من عناصرها في سلاح الإشارة.وقالت الألوية: إن هذه الدورة كانت لنخبة من عناصرها من أجل تطوير الأداء ورفع الكفاءة العملياتية للمقاتلين من حيث السيطرة والتحكم في آلية نقل المعلومة وإرسالها بما يكفل سير العمل على أكمل وجه.وكانت ألوية الناصر صلاح الدين قد دشَّنت قبل عدة أشهر أكاديمية للتدريب والعلوم العسكرية؛ بهدف زيادة الكفاءة القتالية لدى مقاتلي الألوية وتأهيلهم وتدريبهم على مختلف العلوم العسكرية والأمنية ومواكبة كل جديد في هذا المجال الحيوي والمهمّ للمقاومين.وأوضح قائد الأكاديمية أبو صهيب- في تصريح صحفي- إن الدورة ركَّزت على كيفية التعامل وقت الأزمات والطوارئ بما يوفِّر بيئة اتصال آمنة للمقاتلين أثناء العمل وتأمين معلومة حقيقية لما هو حاصل في الميدان ونقلها لقنوات الاختصاص من أجل التعامل مع الحدث وفقًا لرؤية واضحة وسلمية، وتحظر فصائل المقاومة على عناصرها استخدام الهاتف المحمول وقت التصعيد العسكري.وأضاف أبو صهيب: "لقد وفرت الدورة للمشاركين فيها من عناصر ألوية الناصر صلاح الدين معلومات قيمة ستسهم بالارتقاء بأدائهم نحو الأفضل بما يخدم مسيرة المقاومة والجهاد".وقالت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي الصهيوني قبل عدة أيام إنه خلال حرب "الرصاص المصبوب" على غزة أواخر 2008 وأوائل 2009 توقعت المؤسسة العسكرية الصهيونية أنها تمكنت من تعزيز قوة الردع لديها في القطاع، إلا أنه بعد فترة عادت الفصائل الفلسطينية إلى تعزيز وجودها وقوتها العسكرية- حسب المصادر العسكرية الصهيونية- وخاصةً مع حصول الفصائل على صواريخ ومعدات عسكرية أكثر تطورًا.وأضافت أن هذه الحرب أثبتت للمنظومة العسكرية والأمنية الصهيونية أن كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس تحولت من مجرد خلايا "إرهابية" حسب وصفها إلى قوة عسكرية منظمة تتقن إدارة حرب العصابات.وأشارت الدراسة إلى إن هذه الحرب أكدت أن حماس عملت الكثير واستثمرت الأكثر في التفكير ببناء قوة عسكرية، وبذلت جهودًا جبارةً في تحويل جناحها العسكري إلى ما يشبه الجيش النظامي من ناحية التركيبة والعتاد العسكري.ونصحت صناع القرار في الكيان بعدم الشك أو التقليل من قدرة الحركة على استيعاب الدرس واستنتاج الملاحظات والعبر والدروس، وأن تعمل بشكل مكثف على زيادة ترسانتها العسكرية من ناحية، وتنظيم جيشها من الناحية الأخرى.وقال أبو محمد، الناطق باسم الأذرع العسكرية لكتائب شهداء الأقصى "حركة فتح"- لمراسل "وكالة أنباء الشرق الأوسط"-: إن تطوير القدرات القتالية لفصائل المقاومة "حق طبيعي" لها في مواجهة المنظومة الهائلة لأسلحة العدو.واعتبر أبو محمد إن الفترة التي لا يحدث فيها عدوان على القطاع "استراحة مقاتل" مؤقتة، فيها تبدأ الفصائل الإعداد لجولة جديدة من المواجهة مع العدو، مؤكدًا أن فصائل المقاومة تطور قدراتها باستمرار وفي كل القطاعات.وعن إعلان الاحتلال دخول قطاع غزة كميات هائلة من الأسلحة، قال: إن من حق المقاومة الفلسطينية تجهيز نفسها لمواجهة التطور الصهيوني في مجال الأسلحة، لافتًا إلى أنها أمور داخلية ودقيقة لا يمكن الإفصاح عنها، مشددًا على أن المقاومة الفلسطينية بغزة تسعى للتطوير ولا تركن للهدوء.وقال المحلل السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف لـ"وكالة أنباء الشرق الأوسط": إن واقع المواجهة مع الاحتلال يتطلب من المقاومة تطوير كل القدرات القتالية والأمنية، لافتًا إلى أن الأمر لم يعد فقط إطلاق صواريخ.وأضاف أن المقاومة طورت من قدراتها القتالية فبعد أن كان لديها صواريخ محلية الصنع الآن أصبح لديها صواريخ على مستوى عالٍ ولمسافة أطول، مضيفًا أن تنظيم العمل العسكري يتطلب تطوير وتحديث في كل المجالات الأمنية واللا سلكية.