تراجعت بعد ظهر الجمعة حدة المعارك في أحياء عدة من مدينة حلب بعد مواجهات غير مسبوقة بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين الذين حققوا تقدما في بعض الأحياء والجبهات خلال "هجوم حاسم" في كبرى مدن شمال البلاد.ولم تمنع أعمال العنف التي حصدت الجمعة 65 قتيلا بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، سكانا في حلب وغيرها من المناطق السورية، من المشاركة في تظاهرات مناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد دعت الى توحيد الجيش السوري الحر.في غضون ذلك كشف وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الجمعة عن قيام الحكومة السورية بنقل بعض من مخزونها من الأسلحة الكيميائية إلى مناطق أكثر أمنا.وحقق المقاتلون المعارضون تقدما على جبهات عدة في حلب، منها حي صلاح الدين (جنوب غرب) بحسب ما أفاد أبو فرات أحد قادة لواء التوحيد البارز في المدينة لصحافية في وكالة فرانس برس.وقال أبو فرات "على جبهة صلاح الدين، تمكنا من السيطرة على إحدى قواعد القوات النظامية، وقتل 25 جنديا على الأقل في هذا الهجوم"، بينما سمع مقاتل آخر شارك في المعارك "الجنود (النظاميين) عبر أجهزة الاتصال اللاسلكية يطلبون من قادتهم إرسال الدعم. كانوا يبكون ويقولون سنموت جميعا".وهدف الهجوم إلى دفع القوات النظامية إلى التراجع في أحياء سيف الدولة وصلاح الدين والإذاعة والعامرية والسكري جنوب غرب المدينة.وأوضح عدد من قادة المجموعات المقاتلة أنهم نجحوا في التقدم على محوري السكري والإذاعة، بينما اضطروا إلى التراجع في صلاح الدين لنقص في الذخيرة.وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن لا إمكان لطرفي النزاع في فرض إيقاعهما على مجريات الأحداث في حلب "النظام غير قادر على الحسم، ولا الثوار قادرون على السيطرة على أحياء بكاملها".وكانت حلب شهدت معارك "على نطاق غير مسبوق ولم تتوقف منذ الخميس" بحسب عبد الرحمن الذي أضاف أن المواجهات السابقة "كانت تجري في شارع أو شارعين من قطاع معين، لكنها الآن تدور على جبهات عدة".وبقيت العاصمة الاقتصادية لسوريا مدة طويلة في منأى عن النزاع المستمر منذ أكثر من 18 شهرا، لكنها تشهد منذ 20 تموز/يوليو الماضي اشتباكات بعدما تمكن المقاتلون المعارضون من تحقيق اختراقات مهمة فيها، قبل أن ينكفئوا دفاعا عن مواقعهم في وجه تفوق قوة النار التابعة للقوات النظامية والمدعومة من سلاح الطيران.وأكد عبد الرحمن أن المقاتلين المعارضين في حلب وهم "من كل المناطق السورية"، استقدموا تعزيزات "في العدد والمعدات" استعدادا لهجومهم الذي بدأوه بعد ظهر الخميس.ونجح المقاتلون في استهداف أحياء خاضعة لسيطرة النظام بقيت حتى الجمعة في منأى عن الاشتباكات، لا سيما منها السليمانية والسيد علي (وسط).وقال أحد سكان سيد علي لمراسل فرانس برس رافضا كشف اسمه "هذه أول مرة أرى ذلك في السيد علي. عادة نسمع طلقتين أو ثلاث، لكن الأمر هذه الليلة كان غير مسبوق".ونقل المراسل عن زياد (30 عاما) المقيم في السليمانية أن المواجهات "لم تتوقف، وكذلك إطلاق النار. الجميع كان مذعورا. لم يسبق ان سمعت ما يشبه ذلك من قبل".وكان مصدر عسكري سوري اكد ان الاشتباكات الاكثر حدة اندلعت فجر الجمعة في حيي العرقوب وميسلون (شرق) واستمرت ساعات، بينما حاول مقاتلون معارضون "أكثر من مرة" و"على جبهات عدة" اختراق ساحة عبد الله الجابري وسط المدينة من دون أن ينجحوا بذلك، بحسب المصدر.ورغم اتساع رقعة العنف في ثاني كبرى المدن السورية، خرج العديد من السكان في تظاهرات "جمعة توحيد كتائب الجيش السوري الحر" التي دعا إليها الناشطون سعيا إلى توحيد الأطياف المسلحة للمعارضة التي تواجه النظام من دون هيكلية واضحة.وقال المرصد "خرجت أحياء الفردوس وبستان القصر والأنصاري والأشرفية والسكري والفرقان وباب قنسرين والمعادي والشعار والقاطرجي وحلب الجديدة". وبث الناشطون على الإنترنت شريطا من تظاهرة في بستان القصر هتف المشاركون فيها "صلاح الدين (شرق) جايي التحرير".كما شملت التظاهرات بلدات في ريف حلب منها الأبزمو حيث أظهر شريط على الإنترنت متظاهرين يهتفون "الجيش الحر الله يحميك"، إضافة إلى بلدات في ريف دمشق ومحافظة حماة (وسط) وادلب (شمال غرب) والحسكة (شمال شرق) ودرعا (جنوب).وتشهد سوريا منذ بدء الاحتجاجات المطالبة بسقوط نظام الرئيس الاسد، تظاهرات أسبوعية بعد كل صلاة جمعة، كانت تواجه دائما بقمع من القوات النظامية غالبا ما أدى الى سقوط ضحايا.ومع إقرار دمشق في تموز/يوليو الماضي بامتلاكها أسلحة كيميائية والتلويح باستخدامها ضد اعتداء غربي، كشف وزير الدفاع الأميركي عن امتلاك بلاده "معلومات تشير الى حدوث عمليات نقل في بعض المواقع (...) لزيادة تأمين الأسلحة الكيمائية"، مشيرا إلى أن المعلومات تفيد "أن المواقع الرئيسية ما زالت مؤمنة".واكد بانيتا خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الكندي "عدم وجود معلومات محددة" عما اذا كانت المعارضة تمكنت من الاستيلاء على بعض هذه الاسلحة، علما انه سبق للمقاتلين المعارضين اتهام النظام بنقل بعض هذه الاسلحة مع اتساع رقعة العنف في البلاد.
International
تراجع حدة المعارك في حلب والمعارضة تحقق تقدما في بعض أحيائها
28 سبتمبر 2012