رفضت المحكمة البريطانية العليا أمس استئنافاً تقدم به الإسلامي أبو حمزة المصري و4 متهمين آخرين يطعنون فيه بقرار تسليمهم للولايات المتحدة التي تطالب بمحاكمتهم في «قضايا إرهابية»، في خطوة رحبت بها بريطانيا وأمريكا، فيما تطرح القضية تساؤلاً مهما حول رد فعل الدولتين في حال قامت السلطات في البحرين بممارسة حقها في إسقاط الجنسية عن الشيخ عيسى قاسم وترحيله لضمان الأمن القومي للمملكة بسبب استمرار قاسم في دعواته المتكررة للتحريض على العنف والإرهاب، أما قد تبدي الدولتان اعتراضاً على القرار في «ازدواجية» معهودة تكررت في مواقف سابقة خاصة فيما يتعلق بالاحتجاجات المسلحة والتحريض على العنف وقطع الطرق واستهداف المدنيين ورجال الأمن بالزجاجات الحارقة و»المولوتوف»؟!وأكبر مثال على تحريض قاسم للشباب المغرر بهم ما ذكره في آخر خطبه الشهر الماضي حينما قال «للخبراء السياسيِّين وغيرهم تجاربهم ومطالعاتهم للأوضاع ودراساتهم العلميَّة والميدانيَّة وتتبُّعاتهم وتحليلاتهم وتوقُّعاتهم وتقديرٌ لنتائج الأوضاع والصِّراعات التي يمكن أنْ تنتهي إليها في الوقت القريب أو المتوسِّط مثلاً لكن لا أحد من هؤلاء يعلم جازماً ما قد يحدث في هذا العالم غداً من مفاجآتٍ وأحداث بعيدةٍ كلّ البعد عن التوقُّعات وطبيعة مجاري الأمور تسبِّبُ تغيُّراتٍ هائلةٍ في واقع السياسة ومعادلاتها وحياة المجتمعات وموازين القوى بين عشيَّةٍ وضحاها سواءٌ في بقعةٍ محدودةٍ من الكرة الأرضيَّة أو في شرق الدنيا وغربها وبما يستوعب كلَّ الأقطار، فهناك تقديراتٌ وحساباتٌ موضوعيَّة وهناك مفاجآتٌ وأحداثٌ خارج الحساب للخبراء والمختصِّين وأهل النَّظر». وتابع قاسم «كما يمكن أنْ تجري الأمور حسبما عليه تقديرات وحسابات الخبراء لصورةٍ قريبةٍ أو بعيدة من توقُّعاتهم يمكن أنْ تشهد تحوُّلاً ضخماً وبعداً شاسعاً عمَّا أدَّى إليه النَّظر التحليلي وعلى عكس ما هو المُتَوَقَّعُ بفعل مفاجأةٍ خارجةٍ عن كلِّ ما كان متصوَّراً للمحلِّلين».وواصل قاسم تحريضه على العنف بقوله «وإذا ما جئنا إلى الانقسام السياسيّ بين الشَّعب والسُّلطة في البحرين والبالغ حدّ الصِّراع ومع غضِّ النَّظر عن مفاجآت ما فوق الحساب وسألنا عن مآلات هذا الصِّراع فما هو المُتَوَقَّع؟ السُّلطة متمسِّكةٌ إلى أقصى حدٍّ بسياستها الظالمة والمستبدِّة المستأثرة والقائمة على إقصاء الشَّعب وهي السياسة التي منها شكوى الشَّعب وتوجُّعه وفيها محنته وإذلاله وهي السياسية التي أثارته وأشعلت شرارة حراكه ودفعت به إلى استرخاص الأرواح العزيزة الطَّاهرة من أبنائه وبناته وأنْ يقدِّم التضحيات الغالية السخيَّة في سبيل حريَّته وعزَّته وكرامته».وواصل قاسم تحريضه قائلا «هنا عنادان متقابلان، عناد السُّلطة وهو عنادٌ ظالمٌ آثم لا يريد أنْ يتنازل عن باطلٍ ويعترف بحقّ ويقرَّ بأنَّ هنا وطناً مشتركاً وثروةً مشتركةً وقرار حياةٍ حقُّ الشَّعب فيه قبل حقّ الحكومة وكلمة الشعب فيه قبل كلمة الحكومة، هذا العناد مدعومٌ ببطش القوَّة العسكريَّة والهجمات الشرسة على الآمنين وأصناف التعذيب والحرمان والتوقيفات والمحاكمات والعقوبات المشدَّدة والإرعاب والإرهاب والإعلام الظالم ومليارات الدنانير وما تستطيع أنْ تشتريه من ألسنةٍ وأيدٍ وذممٍ خسيسةٍ معروضةٍ للبيع من كلِّ الفئات والطبقات. والعنادُ الآخر عنادُ شعبٍ آلى على نفسه ألَّا يرجع إلى البيوت ما لم يستردَّ حقَّه ويسترجع حريَّته وكرامته وتعترف له السُّلطة بحجمه ووزنه وموقعه وأنْ يصبر على الأثمان الباهظة التي يكلِّفه بها بقاؤه في السَّاحات ومسيراته ومظاهراته واعتصاماته وإنْ كانت من أوضح ما في الدنيا من مسيراتٍ ومظاهراتٍ واعتصاماتٍ سلميَّة وأقربها إلى التقيُّد بالحكم الشرعيِّ العادل وأجلاها صورةً في التحضُّر». إلى ذلك أكد قاسم للمغرر بهم أن ما يقومون به من أفعال في الشارع هي «أعمال ربانية»!!ولعل المتابع للأحداث يمكنه ان يربط بين تصريحات قاسم في آخر خطبة له الشهر الماضي والتي أكد فيها أن المرحلة المقبلة ستشهد أحداثاً غير متوقعة وعمليات نوعية تتضمن تصعيداً واستهدافاً لقوات الأمن والعمال الأجانب خاصة مع عودة وفد الجماعات الراديكالية من جنيف بخفي حنين وفشله، وبين ما يحدث في تلك الأيام من هجوم واستهداف لدوريات الأمن ورجال الشرطة إضافة إلى تعرض للعمالة الأجنبية للعنف والإرهاب، وقيام مثيري الشغب بقطع الطرق وحرق الإطارات وترويع المدنيين. وفي بريطانيا، قالت المحكمة العليا في قرارها إن «الطعن الذي تقدم به المتهمون الخمسة رفض. بالتالي يجوز تسليمهم إلى الولايات المتحدة فوراً».وذكر المتحدث باسم وزارة العدل الأمريكية دين بويد «نرحب بان تكون آلية التسليم في هذه القضايا قد بلغت خواتيمها». ورحبت وزارة الداخلية البريطانية بـ «قرار المحكمة العليا». وقال متحدث باسم الوزارة «نعمل الآن على تسليم هؤلاء الأشخاص في أسرع وقت ممكن». وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» كانت طائرتان مدنيتان إحداهما مسجلة باسم وزارة العدل متمركزتين في قاعدة جوية شرق بريطانيا. وكان أبو حمزة وبابار أحمد وخالد الفواز وعادل عبد الباري وسيد طلحة إحسان قدموا طعونا في اللحظة الأخيرة أمام المحكمة العليا الأسبوع الماضي بعد أن أعطت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الضوء الأخضر لتسليمهم. ويحاول الأمام السابق لجامع فينزبوري بارك منذ 8 سنوات الحؤول دون ترحيله فيما تتهمه واشنطن بالمشاركة في خطف 16 سائحاً غربياً في اليمن عام 1998 قتل 4 منهم في أثناء عملية عسكرية لتحريرهم. كما إنه متهم بالمساهمة في إقامة معسكر تدريب إرهابي في الولايات المتحدة في 2000 و2001 وفي تمويل راغبين في «الجهاد» يودون الذهاب إلى الشرق الأوسط للتدرب على أعمال إرهابية. وأبو حمزة المولود في مصر وحامل الجنسية البريطانية البالغ 54 عاماً مستهدف بـ 11 تهمة متعلقة بالإرهاب. وقال محامي أبو حمزة المصري انه يجب عدم ترحيل موكله لأنه يحتاج إلى فحص لدماغه لتحديد ما إذا كانت حالته «قابلة للتدهور». أما بابار أحمد فهو بريطاني خبير في المعلوماتية مسجون في بريطانيا منذ 8 سنوات من دون محاكمة. وتشتبه واشنطن بانه انشأ موقعا إلكترونيا لجمع الأموال للقيام إرهابية بحسب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. والعام الماضي أرسل أقرباؤه مذكرة تحمل توقيع 150 ألف شخص إلى الحكومة البريطانية للمطالبة بمحاكمته في بريطانيا.أما سيد طحلة إحسان البريطاني فهو الآخر متهم بالتآمر بهدف قتل وخطف وتشويه أشخاص أو تخريب ممتلكات في بلد أجنبي بحسب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وطالب محامو بابار احمد وسيد طلحة إحسان بمحاكمة موكليهما في لندن.وإضافة إلى من سبقوا هناك المصري عادل عبد الباري والسعودي خالد الفواز المتهمان بالتواطؤ في الاعتداءين على السفارتين الأمريكيتين في دار السلام ونيروبي في 1998 اللذين أوقعا أكثر من 220 قتيلاً.