لا تقتصر تأثيرات العنف الذي يضرب العمق السوري منذ مارس (آذار) 2011 على البشر والحجر، إذ تفتك الأحداث المتفاقمة هناك بالاقتصاد السوري، الذي يؤكد اقتصاديون في الداخل أنه تدهور بشدة خلال الفترة الماضية، وحقق خسائر تقدر بنحو 50 مليار دولار. وتتزامن تصريحات هؤلاء مع نفي حاكم مصرف سوريا المركزي، أديب ميالة، أن تكون حكومة بلاده «تتلقى أموالا من إيران أو مصادر أخرى»، مؤكدا أن «لديها ما يكفي من الأموال لمواصلة قتال المسلحين».أكد مسؤول المكتب الإعلامي في المجلس الوطني السوري محمد سرميني أن اتصالاتهم بموظفين رفيعين في البنك المركزي السوري تؤكد أن ما يبقي الليرة السورية متماسكة إلى حد ما هو الدعم الإيراني والعراقي، وهو ما نفاه حاكم مصرف سوريا أديب ميالة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن لدينا تأكيدات بهذا الخصوص من قبل المعارضة الإيرانية، التي تجزم بأن دعم النظام الإيراني للنظام السوري عامل أساسي من العوامل التي تساهم في الانهيار الحاصل للعملة الإيرانية».واعتبر سرميني أن النظام السوري يستنفذ الاقتصاد السوري لتحريك آلته العسكرية، متوقعا أن لا يتمكن النظام من تسديد رواتب موظفي الدولة الشهر المقبل. وأوضح سرميني أن المكتب الاقتصادي المتخصص في المجلس الوطني في توثيق ومتابعة الأحوال الاقتصادية في الداخل، سيقوم في الفترة المقبلة بحملة تكشف وقائع اقتصادية كثيرة من الداخل السوري، وقال: «كما أن هناك عملا دؤوبا نقوم به للخروج بمشاريع مناسبة لإعادة إعمار سوريا بعد سقوط النظام».بدوره، قال أحمد غنام عضو غرفة الصناعة بدمشق والقيادي السوري المعارض، في تصريحات لوكالة الأناضول التركية، إن مجلس رجال الأعمال السوريين قرر عدم السماح لأي شركات عربية أو أجنبية تنتمي لدول اتخذت موقفا معاديا من الثورة السورية بالمشاركة بالاستثمار في مرحلة إعادة إعمار سوريا. ولفت غنام إلى أن «الوضع الاقتصادي السوري تدهور بشدة خلال الفترة الماضية، وحقق خسائر تقدر بنحو 50 مليار دولار»، موضحا أن تكاليف إعمار سوريا بعد سقوط نظام الأسد قد تتجاوز 60 مليار دولار، وهي ميزانية لا تستطيع سوريا وحدها أن توفرها.وأضاف: «قد يتطلب الأمر إنشاء صندوق لدعم سوريا بمساهمة من بعض دول الخليج العربي وبعض الدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة».وأوضح غنام أن «عمليات القذف العشوائي التي تقوم بها القوى النظامية التابعة لنظام الأسد في سوريا أدت إلى تدمير معظم البنى التحتية والأساسية وعدد كبير من المصانع، مما أدى إلى توقف الحركة الاقتصادية تقريبا»، مشيرا إلى «عدم وجود طاقة كهربائية لتشغيل المصانع، ولا يستطيع العمال الوصول إلى أماكن أعمالهم».وأشار غنام إلى تدمير المدينة الصناعية بحلب ومنطقة الليرمون التي يتركز فيها عدد كبير من المصانع، على يد قوات الجيش النظامي. وأوضح غنام أن مجلس الأعمال السوري وضع مخطط لإعادة إعمار سوريا وإعادة النشاط الاقتصادي، بعد سقوط نظام الأسد، الذي سيبدأ بمساعدة بعض الدول والمغتربين السوريين من رجال أعمال ومستثمرين.وكانت «مجموعة عمل إعادة الإعمار الاقتصادي» التابعة لمجموعة «أصدقاء الشعب السوري» عقدت اجتماعا في مقر وزارة الخارجية الألمانية في برلين في سبتمبر (أيلول) الماضي، بمشاركة ممثلين لأكثر من 50 دولة وعدد من ممثلي المعارضة السورية في الخارج للبحث في كيفية منع انهيار الخدمات الأساسية والبنية التحتية، وكيفية إحياء الاقتصاد فور سقوط الأسد.وكان ميالة قد قال في حديث إلى صحيفة «فاينانشيال تايمز»: «إن الأزمة الدائرة منذ 18 شهرا في سوريا تلتهم احتياطيات النقد الأجنبي، لكن لا يزال هناك كثير منها لمواصلة القتال ضد المتمردين بفضل خفض الإنفاق والمخزون الاحتياطي، مما مكن الحكومة من مواجهة تأثيرات الأزمة والعقوبات ونقص السلع». ورفض ميالة «الأقوال بأن حكومة بلاده حصلت على تمويل من دول أجنبية أو من الطبقة الثرية المتنفذة الموالية للنظام»، وقال إن الحكومة «ادخرت المال من خلال إلغاء مشاريع البنية التحتية وخفض الإنفاق على المواد الفاخرة مثل السيارات». وفيما اعترف ميالة بأن النقص وتقلبات الأسعار يؤثران على السلع الأساسية مثل الأدوية، بعد تضرر الواردات والإنتاج بشدة من جراء القتال بالقرب من المصانع حول مدن كبرى مثل حلب وحمص، أصر على أن خطط الحكومة تهدف إلى عزل الناس عن أسوأ آثار الأزمة، والحفاظ على مخزونات الطوارئ الأساسية مثل القمح والسلع.
International
اقتصاديون سوريون: سوريا تحتاج 60 مليار دولار لإعادة الإعمار
06 أكتوبر 2012