^ استبق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كل التطلعات الشعبية ليطرح فكرة انتقال دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، لتلبي تلك المبادرة الكثير من آمال الشعوب الخليجية وتطلعهم إلى الانتماء إلى كيان قوي موحد قادر على مواجهة التحديات التي تحيط بدوله من كل جانب، فدول الخليج العربي بمواقعها الاستيراتيجية وثروتها النفطية مطمع لكل القوى الإقليمية والدولية، وليس أقل من أن يوظف الخليجيون إمكانياتهم التي حباهم الله بها لتحقيق مصالح شعوبهم وتأمين مستقبل جيد لأبنائهم من خلال وجود كيان سياسي قادر على تحقيق تلك الغايات. إن العصر الذي نحياه لا يعترف إلا بلغة المصالح، ولا يعترف أيضاً سوى بالأقوياء، ولا شك أن الاتحاد قوة قاهرة في وجه الطامعين، كما إن العالم الآن يموج بالتكتلات السياسية التي تحاول تحقيق مصالح الدول المنضمة لتلك التحالفات، ولنا في الاتحاد الأوروبي أنموذج لتستفيد الدول الخليجية منه في السير قدماً لتحقيق الاتحاد الخليجي، فرغم الاختلافات الثقافية والاجتماعية واللغوية بين الدول الأوروبية إلا أن الإرادة السياسية لزعمائها كانت وراء ظهور الاتحاد، كما إن وجود كيانات اقتصادية قوية تدار بشكل علمي مدروس، ووجود مؤسسات سياسية وقانونية أوروبية دعمت فكرة وجود الاتحاد، وأدت به إلى الوصول إلى خطوة العملة النقدية الموحدة (اليورو) رغم ما واجهها ويواجهها من مشكلات وعقبات. إن الدول العربية بشكل عام، ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل على وجه الخصوص، لديها الكثير من دواعي الاتحاد وعوامله مثل؛ وحدة اللغة، ووحدة الدين، ووحدة أو تشابه العادات والتقاليد الاجتماعية، العلاقات الاجتماعية المتشابكة، كما إن المستوى الاقتصادي وإن شهد بعض التفاوتات إلا أن المكون الاقتصادي القائم على الصناعات النفطية والنهضة المعمارية يكاد يتشابه في دول الخليج، كما إن التاريخ المشترك عامل مهم في مسيرة الاتحاد، ومن المفارقات أن القارة الأوروبية التي شهدت حروباً طاحنة بين بعض دولها قادتها لغة المصالح إلى أن تسمو فوق كل تلك الخلافات وتمحو فصلاً من فصولها الدامية لتتطلع إلى المستقبل الذي لا يعترف إلا بالأقوياء. فكرة الاتحاد الخليجي تحظى بدعم شعبي من سائر دول الخليج العربي فيما عدا بعض الفئات التي ترى في انضمام بعض الدول تذويباً للهوية، وذلك ما قالته بعض رموز المعارضة البحرينية من أن الانضمام إلى الاتحاد الخليجي خطة لتذويب الهوية البحرينية!!، وبعضهم يسمي قبول مملكة البحرين فكرة الانضمام للاتحاد الخليجي والترحيب بها أنها (إلحاق للبحرين بالمملكة العربية السعودية) إلى غير ذلك من تسمية الأشياء بغير مسمياتها، إذ إن البحرين بالفعل هي جزء من دول الخليج العربي، ولا ينكر ذلك إلا من له غايته وهدفه من تجريد البحرين من عروبتها و(إلحاقها) بكيانات إقليمية أخرى. المهم في تلك المرحلة الهامة أن تتوحد الرؤى، وأن يغلب العرب مصالحهم الجمعية على المصالح الفردية الضيقة، وأن تتنازل الدول عن بعض مظاهر السيادة القطرية في سبيل تحقيق السيادة الحقيقية النابعة من القوة التي تفرضها القوة والوحدة والتكامل، على أن تترك مجالات الاتحاد للمتخصصين ليقوموا بدراستها وتحديد أولويات مجالاتها.
انضمام البحرين للاتحاد الخليجي ليس «ذوبــــانــــاً» ولا «إلحـــاقــاً»
15 أبريل 2012