طبعت روسيا وضخت خلال الصيف الماضي أكثر من 240 طناً من الأوراق النقدية لصالح النظام السوري، في محاولة لانقاذ اقتصاده المتهاوي، ومن أجل تمكين دمشق دفع الرواتب المستحقة لجيشها الذي يحارب منذ ربيع 2011. وقالت صحيفة "التايمز" البريطانية التي نشرت تقريراً مفصلاً حول الموضوع، إن تحليلاً لحركة رحلات الطيران بين دمشق وموسكو يوضح أن روسيا هي الداعم الأكبر للنظام السوري، وأنها تفوقت في ذلك على إيران، خاصة ما يتعلق في مساعدة النظام على دفع الرواتب المستحقة للموظفين والجيش. وجاءت الإمدادات الروسية بالأوراق النقدية للنظام السوري بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مالية على نظام الرئيس بشار الأسد، وهي العقوبات التي شملت إيضاً إجراء أي تحويلات مالية لصالح النظام، أو طباعة أوراق نقدية لصالحه أو إمداده بالعملة الصعبة.وقال الاتحاد الأوروبي في 18 يناير 2012 إنه من المحظور "بيع أو تزويد أو تحويل أو تصدير أوراق النقد السورية الجديدة، بشكل مباشر أو غير مباشر".وبموجب العقوبات الأوروبية فقد علقت النمسا عقداً مدته ثلاث سنوات مع الحكومة السورية لطباعة أوراق نقدية، وهو ما تولته روسيا لاحقاً.ومع القيود المشددة التي يواجهها النظام السوري على عمليات الائتمان والتحويلات المصرفية، يتحول الاقتصاد السوري بصورة متسارعة ومتزايدة الى السيولة.ويوجد في سوريا مليوني موظف حكومي حيث من المفترض أن يتمكن النظام عبر الأوراق النقدية الجديدة التي يتم طباعتها في روسيا من سداد رواتبهم.وتقول "التايمز" إن مسؤولين سوريين زاروا موسكو في أواخر مايو الماضي، ومرة أخرى زاروا العاصمة الروسية في أغسطس الماضي من أجل إبرام العقود المتعلقة بطباعة العملة المحلية الجديدة، لكن دمشق تقول إن ما تم الاتفاق عليه مع الروس هو فقط طباعة عملة بديلة عن العملة المهترئة وليس كميات إضافية.وخلافاً لما تقوله دمشق فإن الاعتقاد السائد لدى الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية –بحسب التايمز- هو أن الكميات التي يتم طباعتها في روسيا من الأوراق النقدية السورية الجديدة تمثل ضخاً اضافياً من السيولة في الاقتصاد السوري.وقال مساعد زير الخزانة الأمريكية المختص بالتحقيق في الجرائم المالية دانييل جلاسر "بالتأكيد إن الحكومة السورية تريد أن تفعل شيئاً ما من أجل الدفع للجيش ولأي شخص آخر أيضاً".وتقول جريدة "التايمز" البريطانية إنه خلال الفترة من 9 يوليو وحتى 15 سبتمبر 2012 فإن ثمانية رحلات جوية ربطت موسكو أو فانكوفو مع دمشق تبين أن كل واحدة منها حملت معها 30 طناً صافياً من الأوراق النقدية. وحلقت هذه الطائرات فوق أجواء كل من العراق وايران وأذربيجان، وتجنبت التحليق في الأجواء التركية.يشار إلى أن العملة المحلية السورية فقدت نحو 44% من قيمتها أمام العملات الأجنبية الرئيسية منذ بدأت الثورة في مارس 2011، وهو ما تسبب بقفزة كبيرة في نسب التضخم يقول المراقبون إنها تجاوزت الثلاثين في المئة، مع ارتفاع حاد في الأسعار. ويمثل ضخ مزيد من السيولة النقدية في الاقتصاد السوري ضاغطاً إضافياً على نسب التضخم في البلاد، حيث يتسبب بشكل مباشر في ارتفاع حاد بالأسعار ومزيد من الانخفاض في سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأخرى.