استعدادًا للحدث الاستثنائي المقبل، واستدراجًا للتجربة الفريدة التي تتميز بها العاصمة الفرنسية باريس، أعلنت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة عن تطلعات العاصمة البحرينية المنامة وخططها المزمع إقامتها خلال عام متواصل من الفرح والصياغات السياحية الفريدة وتفعيل سبل التواصل مع الشعوب والثقافات في حدث "المنامة.. عاصمة السياحة العربية للعام 2013م"، وذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي انعقد بمعهد العالم العربي بباريس مساء أمس (الاثنين) بمشاركة عدد كبير من الإعلاميين الفرنسيين والعرب، ومراسلي الصحف العربية ومندوبي الصحف المتخصصة في السياحة، إلى جانب عدد من أخصائي السياحة. واختيرت هذه العاصمة الأوروبية تحديدًا لاعتبارها واحدة من أهم المحطات السياحية في العالم، والتي تمكنت من تشكيل مكوناتها الخاصة واستثمار تجربتها وحضارتها في صناعة جسور باتجاه الآخر وتصدير الصناعة السياحية كنتاج فكري ومنجز تراثي وحداثي معًا. وقد صادف انعقاد المؤتمر الاحتفاء بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيس معهد العالم العربي الذي قدّم معرضًا فنيًا بعنوان "ألف ليلة وليلة" الذي حضرته معالي وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وعدد من الشخصيات الثقافية والمطلعين على التجارب الفنية. وأعربت معالي وزيرة الثقافة في المؤتمر الصحفي عن رغبتها في صياغة جسور يمسك فيها الشرق بالغرب، وتكون السياحة فيها ذريعة جميلة للتعمق في الثقافات والتعرف على جغرافية الأوطان وتكوين الإنسان الذي بقلبها، إذ صرّحت: "نمتلك أجمل ما قد يحدث في هذا العالم. نمتلك قدرتنا على التحرك وتخطي الثوابت والإمساك بالأشياء البعيدة والتقاط مكوناتها لنحتفظ بها في ذاكرة جميلة وساحرة. إن الثقافة والسياحة لا تقتصران على وطن أو إقليم، لذا نحن نبحث بهوسٍ لذيذ عن الآخر ونؤمن أن العبور يصير حين نتصل بكل الرؤى وكل الحضارات". مردفةً: "عشنا هذا العام تجربة عاصمة الثقافة وقد مررنا بباريس في العام الماضي واستعرنا تجربتها وشاركناها الثقافة، واليوم نحن في إيحاء متصل لنعيد ذات الحكاية بانجذاب حالمٍ آخر إلى كل ما يمكن أن يكون سياحة من فكر وأمكنة وتواريخ وأحداث لن تتوقف. اليوم نرغب أن نواصل هذا الالتحام ونتخطى عملية تأسيس الروابط إلى تشكيلها بالهيئة التي نرغب أن نكون عليها بمشاهد متجددة، بحوارات متوازية وبجماليات نتناسخ فيها فكرة هذا الوجود الإنساني". "المنامة.. عاصمة السياحة العربية للعام 2013م"، والتي أتبعت منامة الثقافة، نسجت أفقًا تاريخيًا لمملكة البحرين، وأوجدت العديد من المكونات والروافع الحضارية التي جعلت من المملكة مسؤولة عن تشكيل وصياغة بنية تحتية لهذا المشروع العربي المشترك، كما أوضحت معالي وزيرة الثقافة، مشيرة إلى أهمية الصناعة السياحية وارتباطها بالتكوين المجتمعي، السياسي، الاقتصادي وغيرها من القطاعات المرادفة، قائلةً: "أمام هذا المشوار الجديد، نمدّ أيدينا من العاصمة البحرينية المنامة لنعانق هذا العالم، ونعرف تمامًا أن العاصمة العربية هي جزء يمتد لكل هذا العالم ونستحق جميعًا أن نشترك في غناه التاريخي والطبيعي وأن نلامس شعوب منطقته حيث يمتلكون هوية متجذرة تختلف عن غيرهم. نرغب اليوم أن نصنع اختلافًا حقيقيًا لا يستعيد الحقبة الحضارية فقط، بل يصنع الحضارات المقبلة على مرأى هذا العالم". وأفصحت عن وجود العديد من الاستراتيجيات التي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية العربية المشتركة في السياحة لتطوير أداء المنظومة العربية استنادًا إلى التراكم المعرفي والحضاري الذي تختص به المنطقة. واعتمدت تركيبة العام المقبل على أربعة فصول مختلفة، تتناوب في عرض مواضيع محددة، يتسم كل موسم فيها بثيمة مغايرة، تبدأ في الأول منها من خلال السياحة الثقافية والتي تمتد منذ يناير وحتى مارس المقبل، تتبعها في الأشهر الثلاثة اللاحقة فكرة السياحة الرياضية. أما الموسم الثالث فيقع ما بين شهري يوليو وسبتمبر ويركز على السياحة الترفيهية بفروعاتها الاقتصادية والعائلية وغيرها. كما يختص الشهر الأخير بالسياحة الخضراء التي تركز على التركيبة البيئية والمفاهيم الطبيعية وأهميتها في جاذبية الأمكنة والجغرافية. واستعدادًا لهذه الفصول، فقد جهّزت وزارة الثقافة العديد من الموارد الثقافية والسياحية متمثلة في الأنشطة والفعاليات المستمرة على مدى العام، منها: المعارض، الندوات، المؤتمرات المختلفة، المحاضرات، المسابقات وغيرها، والتي ترتكز على الكثير من العروض والشخوص الثقافية والاختصاصية في مجالات السياحية ومحاورها. فيما تستمر المواسم البحرينية المعتادة ضمن توليفة عاصمة السياحة، وتخلق أحداثًا تفاعلية مع الجمهور، ومنها: معرض البحرين للفنون التشكيلية، ربيع الثقافة، معرض البحرين الدولي للكتاب، مهرجان التراث، تاء الشباب ومهرجان البحرين الدولي للموسيقى. وفي ذات السياق، ومن أجل إطلاق قاعدة عربية مشتركة تستند على مراجع عميقة وآليات دقيقة تساعد على تطوير القطاع السياحي، وضعت وزارة الثقافة مجموعة من الخطوات والخطط بعيدة المدى، والتي تستند في قوامها على تأهيل العامل البشري وتطويره عبر مجموعة من البرامج التدريبية والمؤتمرات المشتركة، وورش العمل. فيما توجهت من ناحية أخرى، إلى التركيز على تطوير المواقع سواء كانت أُثرية أو حرفية أو طبيعية أو تاريخية أو حتى تلك الخاصة بقطاع الضيافة والفندقة والإقامة والعائلة والبيئة. وضمن خطتها الأولية، ركزت الوزارة على عدد من المشاريع، من بينها: مشروع مركز زوار شجرة الحياة، جزر حوار، مشروع تطوير سوق المنامة القديم وموقع باب البحرين. و وخلال المرحلة المقبلة، ستواصل الوزارة إعادة تأهيل وحفظ المواقع الأثرية وإعدادها سياحيًا وعمرانيًا، كما تسعى لإحياء الأسواق الشعبية والمقاهي القديمة التي تقتبس ذاكرة الماضي، واستحداث أنشطة ومواسم مختلفة.