توقعت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أن يصل الاستثمار المطلوب في قطاع تكرير النفط لحدود الـ230 مليار دولار في 2016، ونحو 300 مليار دولار في 2035. وهي أرقام مرتفعة نسبياً مقارنة بالتكلفة المتعارف عليها في السنوات العشر الماضية، مما يعكس بدوره الارتفاع الحاد في تكلفة المشاريع الهندسية.بالإضافة الى تكاليف الصيانة، واستبدال المنشآت القديمة الحالية والتي قدرت "أوبك" كلفتها بنحو 750 مليار دولار، ناهيك عن الكلفة المضافة خارج المصفاة من إمدادات لخطوط الأنابيب، التخزين، الموانئ، وتسهيلات التسويق والتي قدرت بنحو تريليون دولار على أقل تقدير.وأشار تقرير صادر عن "أوبك" حول توقعاتها لأسواق النفط العالمية لعام 2012، إلى انخفاض معدلات الطلب في الولايات المتحدة من النفط بصورة مستمرة، بينما تقلص طلب أوروبا من النفط فعليا، حيث شهد الطلب في عامي 2008 الى عام 2011 إغلاقا بما يقرب المليوني برميل في اليوم من طاقة التكرير، وتم إغلاق 1.7 مليون برميل يوميا في عامي 2011 – 2012 من طاقات التكرير الأوروبية.ويوضح التقرير أن المعامل التي تم إغلاقها هي تلك التي تحظى بقدرة إنتاجية ضعيفة، وأخرى لا تملك قدرة كافية على تحويل المشتقات النفطية بسبب عدم قدرة الاقتصاد المنهك دعم استمراريتها، وفي نفس الوقت لإتاحة الفرصة أمام منافسة معامل تكرير جيدة قادرة على رفع الطاقة الإنتاجية وبالتالي إسهامها في تحسين هوامش الربح، وفقا لصحيفة "غلف نيوز". وأضاف التقرير أن إغلاق معامل التكرير لن يتوقف عند هذا الحد، بل يتوقع أن تغلق مايقدر بـ4 ملايين من طاقة التكرير بحلول 2016. يشار إلى أن زيادة الطاقة الإنتاجية الفائضة ونمو طاقة التكرير، والذي كان بحدود المليون برميل يوميا في 2005 ساهم في رفع الأسعار، مما شجع بدوره في بناء مصاف جديدة في آسيا والشرق الأوسط بهدف جعل فائض الطاقة التكريرية يصل حدود الـ5.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2016. ويرجح التقرير تحول إنتاج طاقات التكرير من الدول الصناعية التقليدية لدول شرق آسيا والشرق الأوسط، بسبب توسع إمدادات النفط المستقبلية بدعم من تلك الأسواق. وأضاف بأن مصافي التكرير الصغيرة في الصين ستكون معرضة لنفس المصير، حيث توقع التقرير أن لا تتمكن المصافي التي تنتج 40 ألف برميل يوميا من الاستمرارية في عملها بحلول الـ2016. الى ذلك، يرى الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور، أن زيادة كلفة التنقيب عن النفط متوقعة باعتبار أن معظم الآبار في دول الخليج وصلت للمرحلة "الثانية"، والتي يتطلب التنقيب فيها إلى توظيف تكنولوجيا جديدة باهظة الثمن. بالإضافة الى أنها أصبحت حكرا على شركات نفطية معينة قللت من القدرة التنافسية للشركات الوطنية وجعلت سوق التنقيب بيد أجنبية، وبذلك أصبح سوق النفط وتكريره وشروط التنقيب بيد المستهلك وليس المنتج.وأوضح بوخضور أن هذه العملية تقوم عن طريق حقن الماء أو الغاز لحين ظهور كميات النفط على سطح الأرض بفعل الضغط. وأضاف أن تلك التقنية في التنقيب والتكرير تتطلب مواد أولية مكلفة وأيدي عاملة بأجور مرتفعة، مما يؤكد لنا أن صناعة النفط ستشهد ارتفاعا ملحوظا في السنوات القادمة. وأضاف أن جدوى الاستثمار في النفط ستكون أقل ربحية في المستقبل بفعل الارتفاع البسيط في أسعار النفط مقارنة بكلفة الإنتاج، والتي لن تمكنها من تحقيق هوامش ربح. من جهة أخرى، يتوقع أن تكون الاستثمارات المستقبلية في مصافي التكرير جديدة ذات قدرة إنتاجية عالية تدر على الاقتصاد عوائد ضخمة، ومصافي تحويل المشتقات القادرة على التخلص من فائض زيت الوقود وتحويله الى بنزين، ديزل، ونافتا.