تبدأ الجمعية التأسيسية التي يهيمن عليها الإسلاميون، الخميس، التصويت على المسودة النهائية للدستور في خطوة مفاجئة بينما تشهد مصر أسوأ أزمة منذ انتخاب الرئيس محمد مرسي.وقال عصام العريان، مستشار الرئيس وأحد قادة جماعة الإخوان المسلمين، أن "التصويت سيبدأ اليوم" الخميس بعد تسوية كل القضايا العالقة.وبعد إقرار النص، يفترض أن يُقدم إلى الرئيس مرسي لينظم خلال أسبوعين استفتاء للمصادقة عليه.وكان رئيس الجمعية، حسام الغرياني، تحدث الأربعاء عن التصويت على مسودة الدستور في إعلان مفاجئ، ليزيد من تعقيد الأزمة السياسية التي تفجرت على خلفية خلافات عميقة حول النص بين جماعة الاخوان المسلمين والاحزاب السلفية المتحالفة معها من جهة، وكل الاحزاب والحركات السياسية غير الاسلامية من جهة اخرى.وأدت الخلافات إلى انسحاب كل ممثلي القوى المدنية (21 عضوا من اجمالي مائة إضافة إلى 7 اعضاء احتياطيين) من الجمعية.ويمكن لعملية إقرار الدستور على عجل أن تسمح لمرسي بالانتهاء من هذا الملف الشائك، لكنها قد تؤدي ايضا الى تصاعد غضب معارضيه.وتتهم الأحزاب غير الإسلامية، جماعة الاخوان والاحزاب السلفية بالسعي إلى فرض رؤيتها في الدستور الجديد للبلاد، وتؤكد أنه لا يشتمل على ضمانات كافية للحريات العامة والشخصية وحريات الرأي والتعبير والصحافة ولحرية تشكيل التنظيمات النقابية.وكان لدى الجمعية مهلة حتى منتصف فبراير لتنجز أعمالها، ولذا يبدو قرار بدء التصويت الخميس وكانه رغبة في تسريع العملية.وتتردد في دوائر المعارضة المصرية معلومات عن ان الجمعية التأسيسية ستسلم مسودة الدستور فور التصويت عليها الى الرئيس المصري، وأن مرسي سيصدر السبت قرارا بدعوة المصريين الى الاستفتاء عليه.وتحاول الجمعية التأسيسية استباق أي قرار محتمل من المحكمة الدستورية العليا التي ستنظر الاحد المقبل في دعاوى تطالب بحل الجمعية التأسيسية وحل مجلس الشورى. كما تستبق محكمة القضاء الاداري التي ستنظر الثلاثاء المقبل في دعاوى تطالب بوقف تنفيذ والغاء الاعلان الدستوري الاخير.ودعت جماعة الاخوان والاحزاب السلفية الى تظاهرات في اليوم نفسه تأييدا للرئيس المصري.وبهذا التصعيد المتبادل يتواصل اختبار القوة الذي تشهده البلاد منذ اصدار الاعلان الدستوري الخميس الماضي بين الاسلاميين ومعارضيهم الذين نظموا الثلاثاء في القاهرة والعديد من المحافظات تظاهرات حاشدة شارك فيها بضع مئات الالاف من المصريين.وبعد ظهر الاربعاء، اعلنت محكمة النقض، وهي المحكمة العليا في القضائين الجنائي والمدني المصري، "تعليق اعمالها الى حين اسقاط الاعلان الدستوري"، واصدرت بيانا وصفت الإعلان فيه بأنه "سابقة لم تعرفها أعتى النظم الاستبدادية"، واعتبرت ان "التغول على السلطة القضائية بلغ منتهاه".وكان نادي قضاة مصر ( وهو بمثابة النقابة العامة للقضاة العاملين في المحاكم المدنية والجنائية) اوصى الجمعة الماضي بوقف العمل في جميع المحاكم والنيابات المصرية الى حين الغاء الاعلان الدستوري، وطلب من الجمعيات العمومية للمحاكم المختلفة إقرار هذه التوصية.وعلقت معظم محاكم الدرجة الاولى ومحاكم الاستئناف والعديد من النيابات اعمالها في مختلف محافظات مصر.وأصدرت المحكمة الدستورية العليا الاربعاء بيانا اتسمت لهجته بالتحدي واتهمت فيه ضمنا الرئيس المصري بالهجوم عليها من دون دليل، كما اكدت انه "لن يرهبها تهديد او ووعيد او ابتزاز ولن تخضع لاي ضغوط".وعلى الارض، استمرت المواجهات المتقطعة الاربعاء في القاهرة بين متظاهرين وقوات مكافحة الشغب بالقرب من ميدان التحرير، واطلقت قوات الامن قنابل غازات مسيلة للدموع على المتظاهرين الذين اضطروا الى الفرار وعلى الخيام التي اقاموها منذ الجمعة.وتوفي 3 اشخاص على الأقل خلال اسبوع من المواجهات بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، بحسب مصادر طبية. كما جُرح العشرات بينهم مائة الثلاثاء، وفق وزارة الصحة.ودعا معارضون الى تظاهرة جديدة ضد مرسي غدا الجمعة في ساحة ميدان التحرير في القاهرة.