كتب - حسن عبدالنبي:أكد محافظ مصرف البحرين المركزي، رشيد المعراج أن المرحلة المقبلة ستتطلب من المؤسسات المالية المصرفية التكيف مع أنظمة رقابية أكثر تشدداً مع العديد من القيود على الانشطة والممارسات. وأضاف المعراج -خلال افتتاح المؤتمر المصرفي والمالي الإسلامي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية الرابع عشر «الأيوفي» بالتعاون مع البنك الدولي أمس- أن هذه التطورات تعكس في جوهرها الحاجة الماسة إلى تعزيز الثقة وتهيئة بيئة عمل آمنة.وبيَّن المعراج أن الأزمة المالية العالمية أوضحت القضايا المهمة المتعلقة بعمل البنوك والتي تم تناولها خلال اجتماعات مجموعة الـ20 ولجنة بازل للرقابة المصرفية وهيئة الاستقرار المالي إضافة إلى الجهات الرقابية المحلية، حيث استقرت المؤسسات الدولية للرقابة المصرفية على إدخال تعديلات كثيرة من أجل تقوية المؤسسات المصرفية وتعزيز قدرتها على التكيف مع تقلبات الدورة الاقتصادية والمخاطر التشغيلية.وأكد المعراج أن المؤتمر سيناقش العديد من القضايا التي ستساهم في تطوير العمل المصرفي الإسلامي، موضحاً بعض المحاور ذات الأهمية خاصة في هذا الوقت.وتتمثل تلك المخاطر في «إدارة المخاطر التي كانت ومازالت التحدي الأكبر لأي مؤسسة مالية، وبسبب طبيعة المعاملات المصرفية الإسلامية فإن المخاطر التي تواجهها هذه المؤسسات يضاف إليها أبعاد أخرى تتعلق بالجوانب الشرعية للمعاملات وإدارة الحسابات الاستثمارية والتي تمتزج فيها المهمات بين إدارة الأصول نيابة عن الزبائن والمعاملات المصرفية المعتادة».وتابع «هذه ممارسات غير متاحة في الصيرفة التقليدية، حيث تقتضي عناية خاصة لمقابلة المخاطر التشغيلية المترتبة عليها، على الرغم من أن هذه الممارسات ليست بالجديدة على الصيرفة الإسلامية، إلا أن تطورات الأوضاع في القطاع المصرفي على الصعيدين المحلي والعالمي تقتضي مراجعة شاملة للضوابط المعمول بها في هذا المجال بما يحقق شفافية أكثر والتخفيف من المخاطر التشغيلية المصاحبة.وأكد على أهمية الإدارة السليمة لرأس المال والسيولة لكي تحافظ أي مؤسسة على وجودها في القطاع المالي. وقال «وفي ظل استحداث العديد من المعايير الرقابية التي التي تُعنى بكفاية رأس المال والسيولة، فإنه يتعين على البنوك الإسلامية التركيز على تطبيق هذه المعايير إذا ما أرادت أن تحافظ على ما حققته من إنجازات خلال العقود الأخيرة». وبيَّن أن التحدي الآخر الذي تواجهه المؤسسات المالية الإسلامية هو تطوير الأدوات لإدارة السيولة، خاصة في ظل الحزمة الجديدة من المعايير المصرفية التي ستفرض المزيد من القيود الرقابية على القطاع المالي بما يؤكد من أهمية أصدار منتجات في هذه المجالات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وتتناسب مع هذه المستجدات. وأردف المعراج «وعلى الرغم من طرح بعض الأدوات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، إلا أنها حتى الآن، لا تتناسب مع متطلبات معايير بازل الجديدة الخاصة بالسيولة وكفاءة رأس المال».أما المجال الآخر الذي أشار إليه هو الالتزام بتطبيق المعايير المحاسبية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بشكل أوسع، حيث إن ذلك سيساهم وبشكل كبير ومؤثر في دفع عجلة النمو والتطوير في صناعة الصيرفة الإسلامية. وواصل «سعينا منذ تأسيس الأيوفي على اعتماد كافة المعايير المحاسبية الصادرة عنها والتي أصبحت من ضمن المتطلبات الرقابية لكافة المؤسسات الإسلامية المرخص لها العمل في البحرين.. سنظل نعمل مع بقية المؤسسات الرقابية إقليمياً ودولياً من أجل اعتماد أنظمة الأيوفي مع تطبيقات الصيرفة الإسلامية».من جانبه، قال رئيس مجلس أمناء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (الأيوفي)، الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة إن الصيرفة الإسلامية تسجل نمواً سنوياً يصل إلى 15%، مضيفاً أنها تعتبر أكثر القطاعات الاقتصادية نمواً في المنطقة الإسلامية.وأضاف الشيخ إبراهيم «تواجه الصيرفة تحديات فرضتها تداعيات الأزمة المالية العالمية التي بدأت في العام 2008، والتي أدت إلى إعادة هيكلة الكثر من المعايير علاوة على تغيير المجالس التي كانت تعد هذه المعايير، نتيجة إبطائها من جهة وإلى عدم قدرتها على إصدار مثل هذه المعايير من جهة أخرى.وأكد أن التحدي الذي يقف أمام هيئة المراجعة والمحاسبة والمصارف الإسلامية بشكل عام يتمثل في مجاراة التغيير في الأسواق.. فليس لدينا جهاز قادر على معالجة جميع القضايا التي تواجه القطاع مع حرصنا على العمل بأقصى درجة ممكنة، أما التحدي الأخرى فيتمثل في إمكانية التطبيق.وأفاد بأن الكثير من البنوك تقع في حرج شديد بسبب عدم وجود معايير معنية، ما يدفعها إلى اعتماد المعايير المحاسبية الدولية، وإن لم نتمكن من مجاراة ذلك فإن الفجوة بين المعايير الإسلامية والدولة قد تكبر وتتسع مع مرور الزمن.وأشار إلى أن المصارف الإسلامية تتمتع بسيولة عالية حيث يبلغ حجم أصولها أكثر من 1.6 تريليون دولار، ما يشكل ما لا يقل عن 20% من إجمالي الكتلة النقدية على مستوى العالمي. ولم ينفِ تأثر «الإسلامية» بالأزمة المالية العالمية، حيث أشار إلى أنها كانت الأقدر والأسرع على معاودة النمو مقارنة مع بقية المؤسسات المالية، مقدراً نسبة نموها السنوية بنحو 15% وهي تأتي بفضل ارتفاع حجم الدول القومي للدول الإسلامية من جهة وإلى زيادة عدد سكان هذه الدولة مما يسهم في ارتفاع أصول المصارف الإسلامية في ظل حرص المسلمين على الابتعاد عن الربا.وفي ما يتعلق بموقع البحرين كمركز للصيرفة الإسلامية، أكد أن دور المملكة على الرغم من صغرها بدأ يتعاظم، مشيراً إلى أن الوضع المالي في البحرين قد يكون عصراً ذهبياً في ظل الزيادة الضخمة في حجم الودائع داخل الجهاز المصرفي حتى وصلنا إلى مرحلة نبحث فيها عن أماكن لتوظيف هذه الأموال. ولفت إلى أن حجم الموجودات الأجنبية في البنوك التجارية بلغ حوالي 6 مليارات دينار. وإذا ما كان غياب الفرص الاستثمارية قد يهدد نمو المصارف الإسلامية في المستقبل، استبعد الشيخ إبراهيم ذلك، مشيراً إلى أن البحرين كانت طول الفترة الماضية مكاناً لإعادة تدوير رؤوس الأموال، إلا أنه لم ينفِ وجود تحديات تواجه المملكة كمركز للصيرفة الإسلامية من عدة دول إقليمية وعالمية تنفق الكثير من الأموال لذلك.