يمثل انشقاق الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي، أو هروبه من دمشق، لغزاً بالغ الأهمية، بالنسبة للكثيرين، خاصة أن مقدسي صعد نجمه بشكل مفاجئ بعد الثورة بعدة شهور، ومن ثم انشق عن النظام بصورة مفاجئة بعد شهور قليلة على توليه منصبه. أما قبل ذلك فكان لسنوات طويلة مجرد موظف دبلوماسي في السفارة السورية بلندن. مقدسي الذي تأكدت مغادرته سوريا عبر مطار بيروت الدولي، تقول جريدة "الغارديان" البريطانية إنه توجّه إلى الولايات المتحدة، وليس إلى لندن التي أقام فيها لعدة سنوات قبل الثورة، وعمل فيها ناطقاً باسم السفارة السورية وقنصلاً عاماً لفترة من الزمن. لكن مصادر قريبة من مقدسي ذاته وقريبة من السفارة السورية في لندن أبلغت "العربية.نت" أن مقدسي هرب من دمشق إثر خلافات مع رموز النظام، بمن فيهم الرئيس ذاته ووزير خارجيته وليد المعلم.اعتراف سوريا الضمني بامتلاك أسلحة كيماويةوكشفت المصادر أن هذه الخلافات ليست وليدة اللحظة وإنما يعود تاريخها إلى عدة شهور مضت عندما قال في يوليو/تموز الماضي إن "الأسلحة الكيماوية مخزنة ومؤمنة من قبل القوات المسلحة السورية"، وإنه "لن يتم استخدامها إلا في حال تعرضت سوريا لعدوان خارجي". وهذا الأمر شكل أول اعتراف رسمي في تاريخ سوريا بامتلاكها أسلحة كيماوية، وهي أسلحة محرمة دولياً وتسببت قبل عدة سنوات بغزو العراق.وتشير المصادر إلى أن تصريحات مقدسي أغضبت الأسد ووليد المعلم وباقي رموز النظام، حيث ساد الاعتقاد بأن مقدسي هو الذي ورّطهم وقدم للعالم اعترافاً رسمياً وعلنياً وواضحاً بوجود هذه الأسلحة. وقال المصدر الذي تحدث لـ"العربية.نت" إن فكرة هروب المقدسي لم تكن جديدة، وإنما كان يخطط لذلك منذ أكثر من شهر، إلا أنه كان في انتظار تأمين الترتيبات التي تضمن خروجه بشكل آمن من سوريا، وكذلك ضمان مغادرته بيروت، وليس اعتقاله هناك وإعادة تسليمه إلى دمشق.تعرّض حياته للخطر في كلا الحالتينويتوقع المصدر أن يكون تفكير مقدسي بالانشقاق نابع من شعوره بأن حياته أصبحت في خطر نتيجة غضب النظام عليه، فضلاً عن شعور آخر لديه بأنه حتى إن ظل على قيد الحياة فإن النظام لن يصمد طويلاً، ما يعني أنه بالنهاية في خطر على كلتا الحالتين. ومن جهته أكد سامي مقدسي (شقيق جهاد) عبر صفحته على "فيسبوك" أن الناطق باسم الخارجية انشق بالفعل عن النظام وغادر سوريا، وسوف يصدر بياناً رسمياً قريباً يوضح فيه بعض المعلومات. يُذكر أن صحيفة "الغارديان" أشارت في تقرير لها إلى أن مقدسي يمثل أرفع مسؤول مسيحي ينشق عن النظام السوري حتى هذه اللحظة، وجهاد مقدسي كان يعمل لدى السفارة السورية في واشنطن في بداية العقد الماضي، قبل أن يصبح الناطق الإعلامي باسم السفارة السورية في لندن والتي غادرها عائداً إلى دمشق من أجل شغل منصب الناطق باسم الخارجية بعد اندلاع الثورة في مارس/آذار 2011.