^ د. أحمد شفيق"الأنيميا المنجلية” أحد الأمراض الوراثية التي يزداد انتشارها في المجتمعات المغلقة أو التي يكثر فيها زواج الأقارب، وهي أحد الأمراض التي تنص قوانين فحص ما قبل الزواج على إدراجها ضمن قائمة الأمراض الوراثية التي تكتشف بإجراء التحاليل المعملية للمقدمين على الزواج.إن فحص هؤلاء الأشخاص يعطي فرصة للطرفين لإعادة التفكير حين يكون احتمال إصابة الأطفال الناتجين عن هذا الزواج كبيراً، والسبب وراء ذلك أن هذا المرض له آثار شديدة وأعراض مؤثرة في حياة المريض المصاب في مرحلة الطفولة وفي مرحلة البلوغ، فهذا المرض يسبب تكسر خلايا الدم الحمراء المريضة وتكدسها ويؤثر في جميع أعضاء الجسم، كما يؤدي إلى نقص كمية الأوكسجين التي تصل إلى الأنسجة.وعادة ما تكون أعراض هذا المرض على شكل نقص في النمو ووهن عام وآلام مبرحة ومتكررة في مختلف أنحاء الجسم، كما تتأثر بشكل سيء وظائف الكبد والطحال وعادة ما يحتاج هؤلاء المرضى إلى متابعة دائمة من قبل طبيب الأمراض الباطنية، كما قد يحتاجون إلى زيارات متكررة إلى غرفة الإسعاف، وإلى دخول المستشفى والحاجة إلى نقل الدم من فترة لأخرى، إلا أن الآثار السلبية لهذا المرض لا تتوقف عند هذا الحد، بل تستمر حتى تشمل أجزاء مختلفة من الهيكل العظمي مخلفة بذلك مشكلات في العظام والمفاصل.وبالنسبة لمشكلات الأنيميا المنجلية للعظام، لابد أن نعرف مقدماً أن خلايا الدم الحمراء المريضة تؤدي إلى انسداد في الأوعية الدموية والشرايين التي تغذي العظام، وإذا ما عرفنا أن العظام تتكون من هيكل ميكروسكوبي من الكالسيوم ترقد بداخلها خلايا عظمية حية مهمتها هي إفراز مواد بروتينية، وكذلك عمل ترميم دائم لهيكل الكالسيوم، فإن نقص كمية الأوكسجين والدم الذي يصل إلى هذه الخلايا يؤدي إلى موتها، وبالتالي يؤدي إلى عدم القدرة على إفراز البروتينات المكونة للعظام، وإلى عدم القدرة على ترميم الكالسيوم، ومع مرور الزمن فإن الجزء المريض من العظم يتأثر ويتهاوى هيكل الكالسيوم الموجود فيه، ما يؤدي إلى موت هذا الجزء وخشونة المفاصل القريبة منه، وعادة ما يصيب هذا المرض عظام العمود الفقري وعظام الرأس والورك، والعظام المحيطة بالركبة أو عظمة رأس الكتف.وعادة ما يشكو المريض من آلام شديدة ومبرحة في الجزء المصاب تزداد مع الحركة وتستدعي زيارة غرفة الإسعاف لأخذ المسكنات القوية، ومع تقدم المرض، فإن حركة المفصل القريب تصبح صعبة، وقد يصبح المريض غير قادر على المشي بشكل طبيعي.أما التشخيص فعادة ما يكون بالفحص السريري الذي يبين وجود آلام حول المنطقة المريضة وصعوبة في حركتها وضمور في العضلات المحيطة بها، بعد ذلك يتم إجراء فحص بالأشعة السينية وأشعة الرنين المغناطيسي التي يظهر من خلالها مكان المرض وشدته ومدى تأثر العظام والمفاصل به.وفي البداية يكون علاج هذا المرض تحفظياً عن طريق التحكم في مرض الأنيميا المنجلية بواسطة الأدوية ونقل الدم والمتابعة مع طبيب متخصص في الأمراض الباطنية، وإضافة إلى ذلك يتم وصف الأدوية المسكنة للآلام وجلسات العلاج الطبيعي، والأجهزة الطبية المساندة كالعكاز الطبي أو الربطات الطبية بمختلف أنواعها، أما في الحالات المتقدمة والتي لا تستجيب للعلاج التحفظي فقد يلزم إجراء عملية جراحية لإزالة الأعراض وهذه الجراحة تختلف بحسب عمر المريض والجزء المصاب وشدة المرض، فمثلاً عندما يكون المرض في رأس عظم الورك، وهو ما يحدث في الغالبية العظمى من المرض، فإن التدخل الجراحي الأفضل والأمثل هو عملية المفصل الصناعي، هذه العملية قد تكون استبدال نصف المفصل أو استبدال المفصل كاملاً بحسب شدة المرض ومدى تأثر مفصل الورك.ورغم أن هذه العمليات تعتبر روتينية من الناحية التقنية، إلا أن هذه الفئة من المرضى تستدعي انتباهاً وحذراً شديدين خلال الجراحة، وفي المرحلة التي تليها لمنع حدوث تكسرات في خلايا الدم الحمراء المريضة، وهو الشيء الذي قد تكون له آثار خطيرة في صحة المريض.