36 تصريحاً إيرانياً يمس سيادة المملكة خلال 4 سنواتحاوره- إيهاب أحمد قال مستشار المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية «القاهرة» د.عزمي خليفة، إن: « السبيل الوحيد لحل الأزمة في البحرين، يكمن في حوار وطني، يضم الأطراف كافة، بعيداً عن عنف الشارع، مؤكداً أن ملف البحرين لا يقبل التدويل، سيما وأن بحث المعارضة عن دعم عربي بعد فقدانها قاعدتها الداخلية لن يجدي نفعاً». وأضاف في حوار مع «الوطن»، إن: « اعتماد إيران على التدخل في شؤون الدول أفرز 36 تصريحاً إيرانياً يمس سيادة البحرين في 4 سنوات، موضحاً أن مشكلة البحرين ذات بعد دولي ولابد من حوار عربي إيراني لإنهائها».واعتبر أن انتخاب بحريني بمجلس حقوق الإنسان، جاء تقديراً لدور المملكة في ترسيخ حقوق الإنسان، وهو ما يجعل دعوى انتهاك حقوق الإنسان في البحرين دون قيمة ويبدد دعوى المظلومية.ورأى أن العقوبات على إيران لم تأت أكلها بعد وأن محاولات الالتفاف لن تحمي طهران طويلاً، مضيفاً أن إيران تعيش صراعاً داخلياً نتيجة توظيف الدين في السياسة، كما إن القوة الإيرانية أخذت بالاضمحلال وهو ما يزيد من مؤشرات وجود ملامح لربيع قريب بطهران.وأكد أن الدول الكبرى توظف حقوق الإنسان سياسياً وتتعامل بازدواجية لتحقيق المصالح الشخصية وهو ما يفسر اضطراب المواقف الأمريكية بالمنطقة. وفيما يلي نص الحوار: بما تفسرون محاولة المعارضة إقامة علاقات في بعض الدول مثل مصر؟.فقدت المعارضة البحرينية قاعدتها في الداخل إلى حد كبير، حيث لمست من خلال زيارتي القصيرة للبحرين، استياء شعبياً من أعمال العنف وهو ما دفعها للبحث عن دعم عربي. وعندما زار وفد المعارضة مؤخراً مصر، أقيمت ندوة في أحد المراكز الدراسية ولم أحضرها لمقاطعتي المعارضة بعد أن حرفت ما قلته في ندوة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ونشرته. فأصدر مركز الأهرام بياناً أوضح فيه حقيقة ما دار، وصحح المعلومات المغلوطة وقطع المركز اتصالاته بالمعارضة. وهو ما دفعنا لقطع علاقتنا بأي خطوط تصلنا، ما عدا الخطوط الحكومية.هل توقيت زيارة الوفاق مصر بعد تقرير المراجعة الشاملة في جنيف كان موفقاً؟زيارة الوفاق لمصر، جاءت بعد اعتماد تقرير البحرين في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وانتخاب بحريني للجنة الاستشارية في المجلس في ذات الدورة وهو ما يعتبر تقديراً لدور البحرين في مجال حقوق الإنسان، وشهادة تقدير للبحرين.وادعاء المعارضة بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان في وقت يعترف العالم كله، بإنجازات البحرين، لا قيمة له فالاستمرار بادعاء المظلومية وتصوير البحرين بأنها بلد انتهاك حقوق الإنسان والحديث عن الاضطرابات لن يستمر للأبد.كيف يفسر اهتمام الدول الغربية بملف حقوق الإنسان في البحرين؟ السياسية الدولية قائمة على مصالح وليس على حماية حقوق الإنسان، فهم يريدون تحقيق أهداف سياسية واقتصادية من خلال هذا الملف، فحديث الدول الكبرى عن حقوق الإنسان حق يراد به باطل. كما إن معايير حقوق الإنسان لا تعاني من ازدواجية فقط، بل توظف سياسياً بشكل خاطئ أحياناً كثيرة. كما لا يوجد إطار فكري عالمي يجمع حقوق الإنسان رغم وجود مواثيق دولية تضم الأسس المشتركة المتفق عليها من المتجمع الدولي إلا أنه لا يوجد اتفاق نهائي أو معايير موحدة لحقوق الإنسان في دول العالم. وبمعنى آخر فإن حقوق الإنسان تجسيد واقعي للإطار الثقافي والاجتماعي لأي دولة، فعلى سبيل المثال، قضية زواج المثلين مسموح بها وفق الإطار الحضاري والثقافي للدول الغربية بخلاف الوضع في منطقتنا والأمر بالمثل لموضوع الإجهاض وهو ما يؤكد أن فكرة حقوق الإنسان، ليست مطلقة، وإنما تحكمها ضوابط فأي قانون تربطه نظم معينة تضبط الإطار العام لمصلحة المجتمع.ومن يطلع على وثائق حقوق الإنسان الحالية ويقارنها بالوثائق الصادرة عقب الحرب العالمية الأولى يجد اختلافاً كبيراًً وهو ما يؤكد أن حقوق الإنسان ليست مفهوماً مجرداً، وأن تطور النظرة العالمية لحقوق الإنسان، جاء نتيجة تطور العلاقات السياسية الدولية، فالموضوعات التي كانت تصنف بأنها اختصاص داخلي للدول تحولت إلى الاختصاص الدولي، ومنها بعض القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان. يرى البعض أن حصول البحرين على توصيات في مجلس حقوق الإنسان دليل وجود انتهاكات؟أولاً يجب أن نعلم أن تقارير حقوق الإنسان لأي دولة لا يقر بالإجماع وإنما بالأغلبية ثم يجب أن نلفت إلى أن بعض التوصيات التي تقدمت بها الدول متعارضة في حقيقتها مع الإسلام، وهو الأمر الذي بدأ المجتمع الغربي يتفهمه، فهناك خصوصية حضارية ودينية في بعض الحالات. ثم لماذا لم يقر المجلس بالإجماع بوجود انتهاكات في البحرين إن كانت التوصيات تعتني وجود انتهاكات.ما رأيكم في مساعي المعارضة لإيجاد حل خارجي لأزمة البحرين؟ حل أزمة البحرين في نظري يتطلب ثلاث خطوات متداخلة. الأصغر منها أن تصل جميع الأطراف، إلى توافق بينها حول ما ينبغي عمله من خلال الحوار وليس عبر الشوارع.وأن تحل مشكلة البحرين في الإطار العربي، حتى تأخذ دعماً عربياً للحل الذي توصلت إليه داخلياً وهو أمر طبيعي لارتباط الدول العربية باتفاقية الدفاع العربي المشترك. يجب أن نفهم وأن تفهم إيران أن مشكلة البحرين ليست داخلية، بل هي ذات بعد دولي، فمشكلة البحرين لن تقبل التدويل وهي مشكلة عربية، فالوطن العربي جزء كامل ولا يمكن أخذ جزء متقطع. ثم الحلقة الثالثة حوار عربي إيراني، لأن إيران لديها توجهات سياسية خارجية تجاه الخليج، تتعارض مع مصالح وسيادة دول العربية وتحديداً البحرين، ففي آخر 4 سنوات رصدنا 36 تصريحاً يمس أمن وسيادة البحرين وحده. فالسياسية الإيرانية الخارجية قائمة على التدخل من مدة طويلة، وتعتمد النظرة الصراعية، وفي مصر عانينا منها كثيراً ومازلنا نعاني، فعلاقتنا بإيران تعاني من شد وجذب وتوتر. فإيران دولة جارة مسلمة، لها مصالحها، كما إن لنا مصالحنا ويجب ألا تقوم العلاقات على صراعات إلا أن مشكلة إيران أنها تعاني من صراع داخلي ديني سياسي، نتيجة توظيف الدين في السياسة. كل هذه الأمور يجب أن توضع على طاولة الحوار بين إيران والعرب جميعاً بما تفسر إصرار إيران على جعل البحرين المحافظة الـ14؟اتفقنا على وجود توجهات تحكم السياسة الخارجية الإيرانية، فإيران أكبر دولة غير عربية مطلة على الخليج العربي، وهو ما ولد لديها شعوراً بالتناقض الداخلي رغم أن إيران دولة نفطية، إلا أن البترول أصبح حالياً أحد المصالح العالمية التي يتحكم فيه سوق المستهلكين أكثر من المنتجين، وهو ما حول النفط الإيراني من مصدر قوة لمصدر ضعف لعدم قدرتها على السيطرة على مواردها الطبيعية. ولا ننسى أن إيران يحكمها المذهب الشيعي الذي لا يتعدى أتباعه عالمياً 25% رغم أنه يشكل 52% في إيران ما يعني أنها أغلبية غير حاسمة فهذه العوامل عندما تتفاعل، تشعر إيران بأزمة ما جعلها تعاني من أزمة الدين والسياسة، وتوظف الدين لخدمة السياسة. المعارضة البحرينية انتقلت في الفترة الأخيرة من الحديث عن الحوار إلى التفاوض وطلب ضمانات دولية؟.الفرق بين التفاوض والحوار معروف للجميع ولن أتكلم عن فرص الحوار التي ضاعت ولكن ما أريد التأكيد عليه أنه لا بد من إطلاق حوار داخلي دون أي ضمانات وإلا لخرج عن مفهوم الحوار لفرض الإرادة والرأي وتفريغ الحوار من فحواه. وطلب الضمانات لن يحل أي مشكلة فلن نجد حالة واحدة حلتها الضمانات ويجب أن نجلس في حوار داخلي، دون مطالب بضمانات من الشرق والغرب، لأن مجرد أن تقول ضمانات أجنبية فأنت تدول القضية.هل يمكن أن تؤثر العقوبات المفروضة على إيران؟ وأن يكون هناك ربيع إيراني؟ وأن يؤثر أي تغيير على وضع البحرين؟العقوبات الدولية لها تأثير على إيران، إلا أنها أنما لم تأت أكلها بعد فإيران تغلبت على العقوبات بطرق ملتوية بمساعدة بعض الجهات إلا أن هذا الوضع لن يستمر طويلاً فقد رصدنا مؤشرات تدل على مصاعب في إيران نتيجة العقوبات. وينبغي أن ندرك أن الهدف ليس العقوبات في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لتغيير سياسية بعض الدول والجماعات. كما إن الحديث عن العقوبات هو ذات الحديث عن استغلال حقوق الإنسان، فما إن تحقق الدول أهدافها يتم تعديل جوهر العقوبات، إذ لا شيء دائم في السياسة. وفيما يخص الربيع الإيراني فإن هناك ملامح له داخل إيران نفسها والقوة الإيرانية آخذة في الاضمحلال بحسب مؤشرات عديدة في الوقت الراهن، ومن الطبيعي أن ما يحدث في إيران ينعكس على البحرين والخليج.هل ستعود العلاقة بين مصر وإيران خصوصاً مع الحديث عن وجود علاقة بين الإخوان وإيران؟يجب أن ندرك أن عملية اتخاذ القرار بإرجاع العلاقات المصرية الإيرانية في مصر أصعب من أن يتخذها شخص واحد، فاتخاذ القرار يخضع لعملية مؤسسية صعبة، صحيح أن الرئيس له دور لكن ليس الدور الأكبر، فهناك مؤسسات قائمة بالمجتمع تشارك في اتخاذ القرار من هنا تكمن صعوبة القرار، فالقوات المسلحة أقوى المؤسسات المصرية، ودورها لا يمكن إغفاله في صنع قرار السياسة الخارجية، ولا ننس أن العلاقات المصرية الإيرانية ستكون في إطار عربي إيراني، ويتضمن جميع مشكلات إيران في المنطقة العربية.هل ترى أن الاتحاد الخليجي قد يشكل قوة أمام الأطماع الإيرانية؟رغم المدة الطويلة التي مرت على إنشاء مجلس التعاون الخليجي مازال أمامه الكثير ليصل إلى مرحلة الاتحاد رغم إنجازاته وحضوره. كيف ترى تأثير الانتخابات الأمريكية على المنقطة، سواء فاز التيار الموجود حالياً أم الآخر؟ علاقة أمريكا بالمنطقة قائمة على مصالح سواء كان الفائز جمهورياً أم ديمقراطياً فالخلاف بين الأحزاب لن يكون في المصالح.أسلوب الإدارة الأمريكية قائم على المصالح، مثل مصالح أمريكا في البحرين، فأمريكا اتخذت موقفاً معيناً من البحرين أثناء الأزمة، ثم أخذت موقفاً مناقضاً.وبعيداً عن دول الخليج مصدرة النفط إذا نظرنا لموقف أمريكي من القضية الفلسطينية نجد أنها لا تعترف بالمستوطنات الإسرائيلية وتعتبرها غير شرعية، في الوقت الذي تتوسع فيه إسرائيل في المستوطنات، ونرى أمريكا تقول، ينبغي الأخذ بالمتغيرات التي على الأرض في الاعتبار ما يعني تأييداً للمستوطنات بأسلوب مختلف. والخلاصة نقول إن السياسة الأمريكية ستستمر كما هي، ولن تحدث تغيرات جذرية حال تغير الرئيس كما يتوقع العرب فالمصالح دائمة.وأرى أنه لابد من تعديل المعادلة، فالولايات المتحدة الأمريكية، تخضع في الوقت الراهن لعوامل تغير كبيرة جداً، فالوضع الاقتصادي يؤثر سلباً بشكل كبير. فأمريكا التي كانت تقود العالم منفردة بعد الحرب العالمية الثانية لا تستطيع اليوم أن تقود العالم باعتراف قيادتها أنفسهم، هناك اضمحلال في القوى وهناك في المقابل قوى صاعدة بشكل متطور، وهي الصين ورغم كل ما يقال عن قوتها الاقتصادية والعسكرية، إلا أنها أكبر المشترين في العالم لأصول وسندات الخزانة الأمريكية، فلو قررت الصين بيع السندات سينهار الاقتصاد الأمريكي، فتأثير الصين على أمريكا أقوى 1000 مرة من تأثير أمريكا على الصين. ففكرة الوهم الأمريكي يجب ألا ننساق خلف تأثيرها، أنا أعتقد أن العرب يعطون أمريكا أكبر من حقها وقدرها. إذا كان هناك نسبة من الرشادة لدى القيادة الأمريكية، لما قدمت العراق على طبق من ذهب لإيران التي تحاربها الآن وتقف ضدها. التدخل الخارجي بالدول العربية ومنها البحرين. ألا يخالف الأعراف الدولية ويتعارض مع اتفاقات جنيف؟.أتفق مع هذا الرأي بالنظر لواقع السياسات نجد أن الاتفاقات وضعت في ظل ظروف معينة اختلفت اليوم إذ تستخدم دول هذه الاتفاقات وسيلة للتأثير لتحقيق مصالحها بعيداً عن الوثائق الدولية.الأعراف والبروتوكولات الدولية تدين اعتداء دولة على أخرى، وفي ذات الوقت العراق احتل ودمر تحت أنظار الأمم المتحدة، وسوريا تدمر بنفس المنطق لماذا لأن هناك مصلحة في ذلك. ويجب أن نتعامل بطريقة لتأخذنا أمريكا في الاعتبار كما فعل الملك فيصل إذ استعمل البترول العربي سلاحاً في حرب 1973. واستطاع التأثير على المصالح الأمريكية من الداخل وبالمثل الآن لدينا ثلثا بترول الخليج يمر من قناة السويس.كيف ترى المستقبل وخارطة المنطقة الجديدة في ظل الصراع بين القوى الدولية وبروز قوى جديدة؟العالم كله تعرض منذ منتصف السبعينات لحالة من التغيير، وكانت بداية رصد ملامحه هذه الحالة من التغير في حدثين تواكبا في عام واحد بينهما فارق حوالي 4 أشهر، ولكن لم تلتفت الأنظار حينها. أحداث ميدان السلام في الصين، عندما احتل من الطلاب، والثاني اجتياح حائط برلين في نفس العام. الحدثان اتسما باجتياح جماهيري لخطوط حمراء وضعها المجتمع الدولي، ولم ننتبه كثيراً لتحليل الحدث حينها، فخرجت كتب تتحدث عن انهيار الاتحاد السوفيتي، وكل كتاب يتحدث عن الاتحاد السوفيتي يضع له مدى ما بين 40 إلى 50 سنة، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي حدثت تغيرات حادة في وسط وشرق أوروبا، هذه كانت موجة من التغيير ونحن الآن نعيش الموجة الثانية للتغيير.. تغيير ثقافي بالدرجة الأولى، نتيجة انتشار تكنولوجيا المعلومات، فنحن الآن من سوء حظنا لدينا ثلاث ثورات تتزامن في وقت واحد، ثورة المعلومات، تسببت في إسقاط جميع الحواجز السياسية، وأدت لزيادة التواصل بين شباب العالم، والتفكير فيما يطلق عليه «المواطن العالمي»، إضافة إلى ثورة التكنولوجيا القائمة على أساس إنتاج، أو الوصول لصيغة معينة لإنتاج مواد غير موجودة في الطبيعة وأكثر صلابة وأكثر كفاءة في الاستخدام. ما يعني توفير موارد طبيعية لم تكن بحاجة إليها. أما الثورة الثالثة، هي ثورة التكنولوجية، ولنا أن نتخيل إلى ماذا ستؤدي كل ثورة فهي ستغير من طبيعة العلاقات الاجتماعية، وستغير من جوهر الحياة ونمطها، ويبقى أن نعرف إلى ما سيؤدي تفاعل الثورات الثلاث ولكن من المؤكد أننا دخلنا في طور جديد من أطوار الحياة الإنسانية، فبعد أن كان هناك ثورة الزراعة والتجارة والصناعة. نحن الآن ما بعد المتجمع الصناعي كما يقولون.كيف ترى العلاقات المصرية الخليجية في ظل وصول الإخوان للسلطة، وتخوف دول من وصولهم ذلك؟المنطقة العربية تأخذ مؤشرات وهمية وتبني عليها ردود الأفعال، فزيارة الرئيس المصري محمد مرسي لإيران لم تتجاوز بضع ساعات، في إطار مؤتمر دولي ما يعني أن تأثير الزيارة محدود،. والمشكلة ليست في زيارة طهران، وإنما أن تياراً إسلامياً يحكم، كما في إيران، فهل هناك تقارب أو تباعد هذا ما نتحدث عنه، وينبغي أن نعرف أن علاقة مصر بالخليج علاقة استراتيجية لا فكاك منها، فعندما نتلكم عن العلاقة، نتكلم عن علاقة دولة عربية بمنطقة عربية، وعن دولة عربية ومجموعة دول عربية تربطهم مصالح عديدة، أحدها الاقتصاد، فالتبادل التجاري بين مصر والخليج أكبر من غيره، كما إن ثاني أكبر جالية مصرية في العالم بالخليج، إضافة إلى المصالح الاستراتيجية، فكما قلت ثلثي بترول الخليج يمر عبر قناة السويس، ما يجعل المراكز الاستراتيجية تعتبر مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس، ممرات مائية متكاملة، وليست متصارعة، هذه المصالح لا يوجد أدنى مبرر لجعل وصول التيار الإسلامي الإخواني للسلطة مصدر قلق عربي. وأثبتت التجربة والواقع أن تيار الإخوان لا يستطيع حكم مصر بمفرده، إذاً لا بد من تعاون جميع التيارات الفكرية، فعملية صنع القرار في مصر معقدة، ولهذا عوامل الاستمرار فيها أكثر من عوامل التغير.كيف يقرأ مستقبل المنطقة بعد الربيع العربي، وإلى متى سيستمر الغليان؟نحن نمر بمرحلة انتقالية سقطت فيها أنظمة تونس ومصر، وليبيا إضافة إلى اليمن، كما إن النظام السوري، بصدد السقوط وفي ذات الوقت هناك نظم عربية لديها مشكلات عديدة داخلية، كالأردن والمغرب، فالبيئة الاستراتيجية والمناخ يتغير، وبالتالي على الدول الواقعة في هذه المنطقة أن تتواءم مع التغيرات الجديدة لاستيعابها، وإلا ستعاني. والفترة الانتقالية ليست أشهر، أو سنة، هي سنوات، وفي الفترة الحالية، من 2012 إلى 2015، سيتبلور شكل المنطقة بوضوح أكبر، فلديك مرحلة انتقالية تتعدى بضع سنوات، ولابد أن نفكر ماذا سنعمل.في ظل الدعم الروسي الإيراني لسوريا ووجود معسكر ثانٍ بالمقابل، كيف ستكون الموازنة، وهل ستباع سوريا ويتنازل طرف لصالح طرف؟الدعم الخارجي دائماً عامل مساعد، وليس أساسياً فالأساس هو حركة المجتمع السوري نفسه، فالثورة مستمرة، رغم عملية الإبادة للمجتمع السوري، هذا الإصرار عنصر يجب الالتفات إليه، ولنعلم أن أي تغير في سوريا، سينعكس على إيران والعراق ولبنان والأردن والمشرق العربي كله. في المنطقة العربية هناك قضية يمكن أن ترصد بسهولة، فحركة الشعب المصري في ميدان التحرير، لم ترتبط بتصنيف إخوان أو تيارات إسلامية أو علمانية أو قوية، كما كانت التوصيفات سابقاً، ولم تبق إلا عند النخبة، فالجيل الأحدث يرى مصلحة مصر أين، فأصبحت الرؤية تتعدى القوالب الأيديولوجية والسياسية، وأعطتنا تفسيرات لأمور لم ننتبه لها وقت حدوثها. فالشعب بدأ يتحرك ووضع الأحزاب جنباً، فكما حصل في مصر. فإن التجربة قابلة للتعميم على الدول العربية. والخلاصة أن رؤية الشعوب، أضحت في تباعد عن رؤية النخبة في كثير من الحالات، النخبة وظيفتها كانت إنارة الطريقة وقيادة الشعوب، الآن أصبحت الشعوب تقود نفسها. وقعت اشتباكات كثيرة بين المسلمين والمسيحيين بالقاهرة والعجيب عودة الأمور لطبيعتها بينما في البحرين هناك انشقاق بين طرفين؟مصر طوال عمرها قائمة على نوع من التسامح والتعايش، ولا ينظر للدين نظرة تمييزية، لدرجة أن وزير خارجية بريطانيا بعث المندوب السامي أو سفير بريطانيا في مصر، وسأله عن مظاهر الخلاف بين المسلمين والمسيحيين في مصر ليدخل فيما بينهم وينفذ سياسية التميز بين الاثنين. فرد عليه بأن المسلمين والمسيحيين لا يفترقان والفارق الوحيد بنيهما أن المسلم يصلي يوم الجمعة في الجامع، والمسيحي يوم الأحد، في الكنيسة. فلا يوجد فرق في السلوك بين المسلم والمسيحي، هو ما انعكس على نمط الحياة المصرية، فلا يوجد مناطق يعيش فيها المسيحيون فقط، نعم يوجد مناطق فيها أغلبية مسيحية، كمنطقة شبرا، إذ أن هناك اختلاطاً لأن التمركز في مكان يؤدي لإشكالية. ما أريد قوله، إن الثورة رسخت المبدأ الاجتماعي، واكتسبت قيمتها من جمعها الثلاث ثورات وعبرت فكرة العدالة الاجتماعية. هذه هي شعارات الثورة، وتجسد هذه المبادئ فكرة أن تمركز طائفة معينة، أو ديانة معينة، أو أقلية أثنية معينة في منطقة معينة، يعتبر ضد اعتبارات الأمن القومي لأي دولة.كيف تتعامل الدولة مع الحريات؟نتفق أن الحرية لها ضوابط، فوظيفة الدولة بمنتهى البساطة أن توفق بين المجتمع.. والمجتمع الذي لديه رغبات متعارضة، وعلى الدول أن توجد التوافق أو الحد الأدنى من التوافق العام في المجتمع، وهذا يتم عن طريق إصدار تشريعات معينة وقوانين معنية، هذه وظيفة الدول وليست وظيفة الأفراد. إبان أحداث 2011 أصبحت الأماكن المختلطة، أخطر الأماكن. أنا أتكلم انطلاقاً من مجموعة تجارب تاريخية حدثت أمامنا، فتركز مجموعة أثنية في جنوب السودان أدى لفصل السودان، قضية الصحراء في المغرب سببها تركز طائفة أثنية معينة. إذا دور الحكومة فرض سطوتها، التي تراعي اعتبارات المجتمع، واعتبارات الأمن القوي، هذا دور قد يتغير، وقد تتوافر لديها وسائل وإمكانات مختلفة للقيام بها حسب الزمان والمكان، لكن الدور احتكاري لأي حكومة لأي منطقة ويجب أن نعترف بهذا، وإذا لم نعترف بهذا فعلى الوطن السلام.