كتب - هشام الشيخ:وصف خبراء إعلان قادة دول مجلس التعاون الخليجي تشكيل قيادة عسكرية موحدة لدول «التعاون»، خلال قمة المنامة التي اختتمت أعمالها أمس الأول، بـ»رسالة عسكرية وسياسية إلى من يهمهم الأمر»، مشيرين إلى أنها «خطوة متقدمة لإنجاز الاتحاد الخليجي المنشود، وتطور مرحلي استراتيجي لقوات درع الجزيرة المنشأة منذ 20 عاماً، فرضته المتغيرات والتهديدات الإقليمية والدولية».وتمهد هذه الخطوة التاريخية، بحسب الخبراء، الطريق أمام «اتخاذ خطوات أخرى ملموسة وصولاً لإنجاز الاتحاد الخليجي، بوصفه مطلباً شعبياً طال انتظاره، وتطلعت إليه شعوب دول الخليج العربية منذ الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود».ويقول الخبير في الشؤون الاستراتيجية والدولية د. محمد نعمان جلال إن «الإعلان عن قيادة عسكرية موحدة يعد خطوة متقدمة استراتيجياً، وتبعث برسائل سياسية وعسكرية واضحة لجميع من يعنيهم الأمر في المنطقة والعالم»، مشيراً إلى أن «إعلان الصخير تضمن محاور أكثر تقدماً في المجالات الأخرى غير العسكرية».وانتقلت الدعوة الاتحادية الصادرة عن القيادة السياسية لدولة خليجية بوزن السعودية، وترحيب معظم دول الخليج، بتطلع شعوب الخليج للوحدة من نطاق الآمال المجردة إلى الواقع الملموس، ما يبشر بمستقبل واعد لدول الخليج وأن يتجاوز دور قوات درع الجزيرة أكثر من كونها قوة رمزية، وإن ظل مرهوناً بقدرة هذه الدول على استكمال تحدي العمل المشترك وتوفر الإرادة السياسية لتحقيق الاتحاد في نهاية المطاف. ويؤكد د. جلال أن «الخطوات الأخيرة تعكس وجود إرادة سياسية لتحقيق مزيد من التنسيق والتعاون إعمالاً للفقرة الأولى من المادة 4 من النظام الأساسي لدول مجلس التعاون»، موضحاً أن «استكمال جوانب الاتحاد الخليجي يتطلب وقتاً ولا يتم بين عشية وضحاها نظراً لطبيعة الأوضاع السياسية والاجتماعية القائمة في دول الخليج».ويضيف لـ»الوطن» إن «ما تتخذه دول الخليج من خطوات متدرجة لتطوير التنسيق والتعاون فيما بينها يماثل النهج الذي سارت عليه الدول الأوروبية للوصول إلى الاتحاد».ولاشك أن قيادة عسكرية موحدة لدول مجلس التعاون تبعث مبدئياً برسائل متعددة تعيد صياغة التوازنات الاستراتيجية في المنطقة، وتشكل سداً منيعاً في وجه مختلف تهديـــدات الأطمــــاع الإقليميــــــة وتداخلات مصالح القوى العالمية، وذلك حسبما يرى الخبير في الشؤون العسكرية، عضو مجلس الشورى البحريني حمد بن مبارك النعيمي.ويؤكــــد النعيمــــي فـي حديثــــــه لـ»الوطن» أن «دول الخليج لن تكون قادرة على حفظ أي استقرار سياسي أو اقتصادي أو معيشي إلا بوجود الأمن الذي يتحقق عبر تقوية وتوحيد إمكانات التسليح والأفراد، لافتاً إلى الحاجة الملحة للقيادة المنظمة التي تستطيع إدارة الاستجابة لأي تهديد».وحظي القطاع العسكري باهتمام قادة دول مجلس التعاون منذ بداية تأسيسه إذ عقد الاجتماع الأول لرؤساء أركان القوات المسلحة بدول المجلس في الرياض في عام 1981 وهو العام الذي أنشئ فيه مجلس التعاون، انطلاقاً من الإيمان بوحدة المصير، ثم صدر قرار بتشكيل أول قوة عسكرية مشتركة هي قوة درع الجزيرة. ويوضح النعيمي أن النظرة العالمية تتجه نحو الخليج بسبب ما تتمتع به المنطقة من أمن واستقرار وحياة كريمة في منأى عن صراعات وأزمات بدأت تزعزع استقرار مناطق أخرى، داعياً دول الخليج الإسراع في استكمال الإجراءات والخطوات اللازمة لإظهار هذه القيادة العسكرية الموحدة لحيز الوجود التي اعتبرها بداية الإنجاز لما بنته دول الخليج طيلة عقود.وفي عام 1995 أقر مجلس التعاون مشروع الاتصالات المؤمنة بهدف ربط القوات المسلحة في دول المجلس بشبكة اتصالات مؤمنة، واستمر تطوير التعاون العسكري المشترك وفي عام 2006 تم تطوير قوات درع الجزيرة بتعزيزها بجهد بحري وجوي وفقاً للمفهوم العملياتي المعتمد لرفع كفاءتها القتالية، ثم تم تعزيز قوات درع الجزيرة المشتركة بقوة للتدخل السريع في عام 2009وهو العام الذي شهد إقرار الاستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.وأثناء حرب العراق قررت دول مجلس التعاون في عام 2003 نقل قوات درع الجزيرة إلى الكويت بناء على طلب الكويت كإجراء احترازي، كما ساهمت قوات درع الجزيرة في حماية المنشآت الحيوية خلال فترة الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين في عام 2011، ويعتقد المواطنون في البحرين أن دخول قوات درع الجزيرة بناء على طلب البحرين واستناداً للاتفاقات المشتركة ساهم في حفظ الاستقرار والشعور بالأمان.ويشير النعيمي إلى أن قادة دول مجلس التعاون ارتأوا اتخاذ خطوة أفرحت الجميع بتطوير التعاون العسكري لتسهيل التواصل والقيادة لهذا القطاع المهم، مؤكداً أن دول الخليج تسير في الطريق الصحيح نحو تحديث وتعزيز قدراتها العسكرية.