أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الثلاثاء، مرسوماً جمهورياً بإنشاء وتشكيل لجنتين لمعالجة قضايا الأراضي والموظفين المُبعدين عن وظائفهم في المجال المدني والأمني والعسكري بالمحافظات الجنوبية.وأشار القرار إلى أنه حرصاً على معالجة القضايا المتعلقة بالأراضي والموظفين في المحافظات الجنوبية وفي سبيل إنجاز الحوار الوطني والمصالحة الوطنية ونظراً لما تقتضيه المصلحة العامة، فقد تقرر تشكيل لجنة لمعالجة قضايا الأراضي وهي مشكّلة من 5 قضاة ولجنة أخرى لمعالجة قضايا الموظفين الجنوبيين المبعدين عن وظائفهم وهي مكونة من خمسة قضاة وأربعة ضباط عسكريين.ونصّ المرسوم الجمهوري على أن يكون نطاق عمل اللجنتين الادعاءات بالانتهاكات التي وقعت على العقارات والأراضي العامة والخاصة أو على العاملين في المجال المدني والأمني والعسكري للفترة من 1990م "العام الذي تم فيه توحيد شطري اليمن" حتى صدور هذا القرار.وبدأت "القضية الجنوبية" في صورة إشكاليات بسيطة ومطالب حقوقية تتعلق بعمليات سطو ونهب على أراضي في الجنوب من قبل نافذين من القيادات العسكرية والأمنية والزعماء القبليين وأغلبهم من الشمال, إضافة إلى عمليات إقصاء لموظفين عسكريين ومدنيين وإحالتهم إلى التقاعد.غير أن نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح لم يعالج تلك المسائل بجدية وظلت الحلول التي تعلن عنها الدولة مجرد وعود حتى كبرت تلك المعاناة وازدادت حالة الرفض إلى أن شهد عام 2007 تشكيل ما أطلق عليه "الحراك الجنوبي" المنادي بالانفصال وفكّ ارتباط الجنوب عن الشمال لتتحول القضية من حقوقية مطلبيه إلى سياسية.وفي تعليق لـ"العربية.نت" قال المحامي والخبير القانوني خالد الآنسي: "أعتقد أن هذا القرار بتشكيل اللجنتين وبغضّ النظر عن تفاصيله يشكل خطوة في الطريق الصحيح حتى وإن جاءت متأخرة, ولكنها تحمل رسالة مفادها إن الرئيس عبدربه منصور هادي قرر أن يتعاطى مع الشارع الجنوبي ومع القضية الجنوبية بصورة مباشرة".وأضاف أن قضية المبعدين من وظائفهم يجب أن لا تقتصر على المبعدين الجنوبيين فقط، حيث "حدث إقصاء وظيفي لأسباب سياسية لكثير من الموظفين الشماليين بسبب انتمائهم السياسي أو وقوفهم مع علي سالم البيض والحزب الاشتراكي خلال حرب صيف 1994 والأزمة التي سبقت الحرب, وأوجه دعوة للرئيس هادي للتفكير في القيام بخطوة جريئة بتعيين أبرز القيادات العسكرية والأمنية والمدنية التي أبعدت بعد حرب 94 في مواقع قيادية في الجيش والأمن وسيكون قراراً جريئاً لو تم إعادة تعيين علي سالم البيض نائباً لرئيس الجمهورية.وفي المقابل تحدث لـ"العربية.نت" من عدن الناشط والمحلل السياسي الجنوبي عبدالرحمن أنيس قائلاً: "باعتقادي هذه القرارات بادرة طيبة لكن لا يمكن لقرار كهذا وحده أن يهيئ الأجواء لمشاركة الجنوبيين في الحوار الوطني.. فإذا كان الشمال احتاج لقرارات تلو القرارات التي استمر الرئيس هادي لأكثر من عام وهو يصدر سلسلتها آخرها قرارات الهيكلة، فكيف يكون الأمر بالنسبة للجنوب الذي في رأيي مشكلته أكبر من الشمال بكثير، كونه كان دولة لها علم ومقعد في الأمم المتحدة ودخل الوحدة طواعية قبل أن تبدّد أحلامه بهذه الوحدة وتجعل سياسة النظام شعبه يشعرون كأنهم يعيشون تحت الاحتلال".ولفت أنيس إلى أن هذه القرارات بإمكانها أن تخفف من الامتعاض الموجود لدى أبناء المحافظات الجنوبية الشاملة لكنها ليست حلاً كاملاً ولا حتى جزئياً للقضية الجنوبية؛ "لأن القضية الجنوبية الآن صارت قضية سياسية أكثر منها قضية حقوقية".وتمنى عبدالرحمن أنيس على الرئيس هادي إصدار مزيد من القرارات التي تردّ بعض مظالم الناس في الجنوب، والتي بلا شك لا تنحصر في الأراضي والموظفين المبعدين، فما عاناه الجنوبيون منذ انتهاء حرب صيف 1994م لا يمكن معالجته بقرار واحد.وتفاءل بأن تتجه قرارات الرئيس هادي بخصوص المحافظات الجنوبية إلى بُعد سياسي ويصدر الرئيس هادي قرارات بإعادة الاعتبار للقيادات الجنوبية التي حُوكمت في محاكم المنتصر بعد حرب 7 يوليو 1994 سيئة الصيت, وفي مقدمة هذه القيادات التي ينبغي أن يُعاد الاعتبار لها الرئيس علي سالم البيض، المقيم في بيروت والذي يحظى بأغلبية كاسحة في المحافظات الجنوبية.
International
الرئيس اليمني يصالح الجنوبيين قبل مؤتمر الحوار الوطني
09 يناير 2013