المعروف في جميع أنحاء العالم أن الناس بذهبون إلى الأوبرا لمشاهدة المسرحيات، والإستماع إلى السمفونيات، والإستمتاع برقصات الباليه؛ أما في سوريا فالأمر يبدو أنه مختلفاً تماماً، فالناس هناك يذهبون إلى الاوبرا للتصفيق، والتطبيل، والتهليل، والرقص على نغمات "بافاروتي" الشام، وبيتهوفن سوريا "بشار الأسد" على طريقة "هز يا وز"! هذا على الأقل ما لحظته أثناء متابعتي عبر التلفاز لخطاب "الأسد" في دار الأوبرا بدمشق! فالأسد أدى سمفونيته، والجمهور بين الخاشع، والراكع، والمنبطح، والمغشى عليه على كلمات الأسد كأنها كلمات مقدسة نزلت من السماء لا يجب المساس بها، ولايجوز التشكيك فيها! وبدون الدخول فيما قاله الأسد في خطابه فهو كغيره من الأداميين رأيه يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب، إلا أن الخطأ الأكبر هو شكل السوريين أمام تلفزيونات العالم حيث أظهرتهم كأنهم شعباً لا يزال يعيش في العصور الحجرية أو الشجرية، فما فعلوه أمام الأسد لم يفعله حتى الإغريق (أيأم تعدد الألهة) أمام إلاههم الأكبر "زيوس" أو الإلهة "أرتيميس"! وتحول بذلك الخطاب إلى مسرحية ساخرة كوميدية يتابعها كل العالم مجاناً! طبعاً، الأسد معه الحق عندما يتكلم عن غيرة وحسد قادة الدول الكبرى منه، كيف لا؟ وهم يشاهدون كل هذه الشعبية لرئيس يقطع الماء والكهرباء طول النهار على شعبه، ويعاقب بالمؤبد كل من لا يمارس الخدمة العسكرية، ويضرب بالعصا كل من يقف في وجهه، ويحرق لسان كل من يقول كلمة ضده، في حين يستنجد رؤوساء الغرب بالجن الأزرق والأخضر والأحمر لإرضاء شعوبهم، ويسمحون لنسائهم بحق الدعارة، ويوفرون لرجالهم حق فض بكارة العذارى، ومع ذلك المساكين يتم لعنهم وضربهم بالبطاط والبنادورا! كيف لا يغار مثلاً "أوباما" أو "ساركوزي" أو "هيج" وهم يشاهدون رئيساً يحكم بالوراثة، في حين يتصارعون هم في حملات إنتخابية ويتعاركون صباحاً مساءً لإقناع شعوبهم بالسماح لهم بالحكم لفترات رئاسية أكثرها ست أو ثمن سنوات ثم يعودون لبيوتهم لتربية الحيوانات الأليفة وزراعة البصل والبقدونس في حدائق بيوتهم! كيف لا يحسدون رئيساً كان والده رئيساً، وقد يصبح إبنه رئيساً، وممكن إبن إبنه كمان؟! في حين كان يشتغل أبوهم على أبو أبوهم بين بائع بدنجان وراعي أبقار وزارع ورود! كيف لا يقفون في وجه رئيس صارت شعبيته (كما ظهرت في دار الأوبرا) تفوق شعبية فرقة "البيتلز" الغنائية؟! بعد كل هذا كيف لا يتأمر العالم على رئيس له كل هذا الحظ يا ناس؟!
International
مسرحية بشار الأسد في دار الأوبرا!
10 يناير 2013