لليوم الرابع على التوالي، يعاني اللاجئون السوريون من الظروف الجوية السيئة التي تضرب الأردن، حيث داهمت مياه الأمطار مئات الخيام، ودفعت الأهالي إلى مغادرتها، فيما تواصل إدارة مخيم الزعتري في شمال الأردن التعامل مع الحالة الطارئة لمحاولة تأمين المنكوبين. وناشد آلاف اللاجئين السوريين بالمخيم، دول العالم، مد يد العون لهم بعدما فاقمت الأحوال الجوية السيئة معاناتهم وتركتهم يصارعون مياه الأمطار والرياح العاتية والبرد القارس، حيث انخفضت درجات الحرارة إلى درجة الصفر المئوية، بحسب تقرير من فرانس برس، الخميس. وداهمت مياه الأمطار الغزيرة، التي تهطل على الأردن منذ أيام، مئات الخيام في مخيم الزعتري، الذي يقع في محافظة المفرق شمالي المملكة على مقربة من الحدود السورية، والذي يأوي حوالي 65 ألف لاجئ سوري. كما أدت الرياح العاتية، التي تجاوزت سرعتها 100 كيلومتر في الساعة، إلى اقتلاع وتمزيق العديد من الخيام، ما حدا بساكنيه من الرجال والنساء إلى حفر خنادق صغيرة حول خيامهم لحمايتها من الأمطار والأوحال التي باتت تغطي كافة أرجاء المخيم. ويقول يوسف الحريري (38 عاما)، الذي فر إلى المخيم من محافظة درعا (جنوب سوريا) قبل نحو أربعة أشهر، بغضب: "لا أحد يشعر بنا، أو يمد لنا يد العون، نشعر وكأن لا أحد يكترث لحالنا، نحن نادمون على مجيئنا إلى هنا، لو بقينا في منازلنا تحت القصف لكان أفضل لنا من هذه الحال المزرية". ولم تبق مياه الأمطار في خيمة الحريري شيئا وإلا وطالته من الأرضية والأفرشة والأغطية، وحتى الملابس التي كان يرتديها أطفاله الأربعة وزوجته. وتساءل "من يقبل بهذا الذل؟ من يرضى بهذه الحال؟ حتى الحيوانات تعيش أفضل حالا منا". طلبات عودة إلى سوريا أما عبدالمجيد محمد (35 عاما)، وهو من درعا أيضا، فقد أمضى شهرا واحدا فقط في المخيم هو وأبناؤه الأربعة، وهو اليوم ضاق ذرعا ولم يعد يتحمل، وتقدم بطلب إلى السلطات الأردنية لإعادته إلى بلده. ويقول، وهو يرتجف وقد غطى رأسه ببطانية: "الحياة هنا مأساوية، لو نظرت إلى المخيم ليلا سترى الخيام وكأنها نصبت وسط البحر، وضعنا تعيس جدا". ويضيف، وقد بدا عليه اليأس: "أريد العودة إلى بلدي سوريا، على الأقل هناك الموت، إن أتى، فهو سريع دون أن تشعر بكل هذه المعاناة، أما هنا فالموت بطيء، والنتيجة واحدة لذلك الأفضل لي أن أموت في بيتي وببلدي". ويضم المخيم نحو 4500 خيمة من المفترض أن تأوي كل منها 5 أشخاص كحد أقصى، كما يضم حوالي 4 آلاف عربة متنقلة (كرفان) وزعت على لاجئين بحسب الأقدمية والأحقية، وذلك تبعا لشروط معينة. وتقول الحاجة صبحة (60 عاما): "ولدي في الجيش الحر، وقضينا خمسة أشهر في المخيم، لكننا لم نحصل حتى الآن على كرفان". وأضافت، وهي ترنو بناظرها إلى وجوه الأطفال الذين كانوا ينظرون من باب الخيمة: "كنت أخشى أن تطير الخيمة من شدة الرياح، وكنت طوال الوقت أدعو الله أن ينجينا ويسترنا"، مشيرة إلى أن "لا شيء يقينا البرد القارس هنا. يعطون كل شخص غطاءين خفيفين فقط وليس لدينا مدافئ". وعلى مسافة قريبة كان حسين الحوراني (42 عاما) يتعاون مع زوجته وأبنائه الثمانية على مد طبقة من الحصى تحت الخيمة ليرفعها عن مستوى مياه الأمطار، ويقول حسين الذي كان يرتدي قبعة سوداء "ثلاثة أيام ونحن على هذه الحال، غرقنا بالمياه، لم نستطيع أن ننام الليل كل شيء تبلل". وتشهد معظم مناطق المملكة منذ نحو أربعة أيام تساقطا غزيرا للأمطار فيما تساقطت الثلوج (الثلاثاء) على بعض مناطق المملكة، مع تعمق تأثير المنخفض الجوي القطبي وانخفاض درجات حرارة إلى الصفر. أعمال شغب وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، الثلاثاء، إن الأمطار داهمت نحو 500 خيمة في المخيم، فيما وقعت بعض أعمال الشغب عند توزيع مساعدات على اللاجئين، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف عمال إغاثة. ويستضيف الأردن أكثر من 290 ألف لاجئ، منهم حوالي 65 ألفا في مخيم الزعتري. وتفيد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بأن عدد اللاجئين السوريين المسجلين والذين ينتظرون التسجيل في الأردن يبلغ 142 ألفا و664. ويعبر مئات السوريين يوميا الحدود مع الأردن وبشكل غير شرعي، هربا من القتال الدائر بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة منذ 22 شهرا، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 60 ألف شخص، بحسب الأمم المتحدة. ويقول فصل إسماعيل (40 عاما) وهو أب لثلاثة أطفال بألم وحسرة، رافعا كفيه إلى السماء "لم يبق لنا إلا الله، هو الذي نجانا من الحرب وسينجينا من هذه المحنة".