^ قدَّرت شركة “بريتيش أمريكان توباكو” أنَّ “تجارة السجائر غير المشروعة في مصر تمثِّل 20% من حجم سوق السجائر المصري، خلال الربع الأول من العام 2012، بزيادة ملحوظة عن الأرقام المسجلة لتلك التجارة في 2011”. وأظهرت أحدث الدراسات السوقية التي أجرتها تلك الشركة “أنَّ تجارة السجائر غير المشروعة كانت شبه منعدمة في مصر في نهاية عام 2010، حيث كانت نسبتها 0.03? فقط من حجم السوق”. وأشارت الدراسة إلى “أنَّ التجارة غير المشروعة للسجائر تسبّبت في خسارة قدرها 4 مليارات جنيه مصري، نتيجة عدم تحصيل الحكومة للرسوم الجمركية والضرائب، وتمثّل هذه القيمة 3% من عجز الموازنة الحالية و21? من قرض صندوق النقد الدولي (3.2 مليار دولار)”. من جانب آخر كان رئيس الشركة الشرقية للدخان نبيل عبدالعزيز، قد حذَّر من خطورة السجائر المهرَّبة والمنتشرة بالأسواق المصرية على الاقتصاد عموماً، ودخل الدولة على وجه الخصوص، عندما كشف أنه “كان من المقرر ضخُّ ما يقرب من 20 مليار جنيه مصري للخزانة العامة للدولة، من المنتج المحلي والأجنبي المصنع بالشركة الشرقية كضرائب وجمارك ورسوم للموازنة العامة للدولة، خلال عامي 2011 / 2012”. وليست مصر هي الدولة العربية الوحيدة الضحية لهذه السوق السوداء، ففي المغرب أعلنت عناصر فرقة مكافحة المخدرات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن وجدة كشفها، في مارس 2010، عن “أكبر عملية لترويج السجائر المهرَّبة من الجزائر في اتجاه أكبر المدن المغربية كتازة وفاس والرباط”. وفي المغرب أيضاً كشفت دراسة قامت بها شركة “ألطاديس” الإسبانية - الفرنسية التي تحتكر تجارة التبغ في المغرب “أنَّ التبغ المهرّب يشكِّل 28 بالمائة من حجم المبيعات في المغرب مقابل 0.6 بالمائة في إسبانيا”. ووفقاً لما أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء “نجحت مصالح الجمارك بالتعاون مع المصالح الأمنية الأخرى من وضع اليد على كميات تتراوح ما بين 12 مليوناً و948 ألفاً و960 سيجارة و52 مليوناً و237 ألفاً و700 سيجارة خلال الفترة 2004-2009م، بمعدّل سنوي يصل إلى 29 مليوناً و284 ألفاً و445 سيجارة، مضيفة أنَّ إدارة الجمارك أكَّدت أنَّ ذروة عمليات الحجز تمَّ تسجيلها خلال الشهر الأول من سنة 2010م، حيث بلغت أزيد من 80 مليوناً و764 ألفاً و380 سيجارة”. وفي تونس تمكَّنت فرقة الحراسة والتفتيش الديوانية بسيدي بوزيد، في أواخر عام 2011 من “القبض على سيارة في منطقة الفايض كانت محمّلة بكمية من السجائر المهرّبة، قدِّرت قيمتها بما يقارب 60 ألف دينار تونسي”. أما في سوريا، فنجحت عناصر المكافحة والقوى العاملة في المؤسسة العامة للتبغ، في منتصف عام 2010 من “مصادرة ما يقارب 13 طناً من السجائر الأجنبية المهرَّبة وحوالي 8.5 طن من التبغ والتنباك والمعسّل المغشوش خلال الربع الأول من عام 2010”. وفي اليمن “أتلف فرع الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين بتعز قبل أشهر 187.191 باكيت من السجائر المهرَّبة تقدَّر قيمتها بثمانية ملايين ريال يمني، أفقدت خزانة الدولة ملايين الريالات”. ولا يقتصر الأمر على البلاد العربية، إذ يبدو أنَّ سوق السجائر السوداء باتت ظاهرة عالمية، فبحسب بيانات الرابطة الألمانية لمصنِّعي السجائر فإنَّ “ما يزيد على خُمس السجائر المدخنة في ألمانيا في عام 2011، جاء من الخارج، وإنَّ نصف السجائر التي تُباع في برلين تدخل العاصمة مهرَّبة، ما يعني أنَّ الدولة لا تحصل على ضرائب عليها”. وأكَّدت المديرة التنفيذية للرابطة ماريانة تريتس “أنَّ تجارة السجائر المهرَّبة تسبّبت عام 2011 في خسائر للدولة، والشركات في ألمانيا، تقدّر بنحو 5.5 مليار يورو تحمّلت ألمانيا الاتحادية الجزء الأكبر منها، حيث ضاع عليها 4.2 مليار يورو من الضرائب”. وفي بريطانيا أكَّد رجال الجمارك البريطانيين أنَّ “قيمة شحنة واحدة من السجائر المهرَّبة من الصين عبر جزر الكناري بلغت أكثر من مليوني دولار”. ومن أوروبا، تتجه هذه السوق السوداء نحو آسيا، حيث أكَّدت هيئة الشؤون المالية والاقتصادية لمنطقة هونغ كونغ” أنَّ جمارك هونغ كونغ ضبطت 71 مليون سيجارة مهرَّبة قيمتها 168 مليون دولار هونغ كونغ فى عام 2011 بزيادة حوالي 51 بالمائة عن عام 2010”. ومن الثابت أنَّ أول أهداف اللاعبين الأساسيين في تلك السوق، هو تحاشي الضرائب المفروضة على المبيعات في الأسواق المعنية، لكن هناك عاملاً آخر هو عندما يعجز الإنتاج الوطني عن تلبية احتياجات السوق المحلية، حينها يتجه التجّار إلى البحث عن مصدر خارجي، ويعملون على التهرّب من الضرائب المفروضة، التي غالباً ما تكون مرتفعة بالنسبة لهم. ما هو أسوأ من التخريب الاقتصادي التي تلحقه تلك السوق السوداء بالاقتصاد الوطني، جرّاء التهرّب من الضرائب، هناك التلوّث الذي يضر بصحة من يدخنها، فوفقاً لما كشفت عنه مصادر رسمية جزائرية فإنَّ “السجائر المهرّبة إلى الجزائر ملوَّثة بنسبة كبيرة من الإشعاعات النووية، وقد تسبّبت في 200 حالة إصابة جديدة بالسرطان”. وهو أمر أكّدته أيضاً الجهات المختصة في سوريا، التي حذَّرت المواطنين من تدخين السجائر المهرّبة لاحتوائها- كما جاء على لسان مدير عام مؤسسة التبغ فيصل سمّاق- “على مواد مخدّرة ومسرطنة إضافة إلى مواد تالفة للأعصاب”. على أنَّ الأهم من كل ذلك هو أنَّ التبغ بكل أنواعه، بما فيه السجاير، وحتى غير المهرَّبة منها، مضرّة بالصحة للمواطن ونازفة للاقتصاد الوطني، والبعض منها مثل “الشيشة” مدمّرة للسلوك الاجتماعي، وبالتالي فهي تستحق المحاربة وعلى الصعد كافة.