قد يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشرف على أكثر الحكومات استقرارا في تاريخ إسرائيل، إلا أن السنوات الأربع الماضية التي حكم فيها شهدت ركودا لم يحصل من قبل في عملية السلام مع الفلسطينيين.اتجاه يبدو أنه سيستمر بعد الانتخابات التي من المتوقع أن تعيد نتنياهو إلى رئاسة الحكومة، ما يعني استمرار الوضع على ما هو عليه في ما يخص القضية الفلسطينية.نتنياهو الذي عزز خلال فترة حكمه "عالم الغيتو" من خلال عزله إسرائيل بجدران تفصلها ليس فقط عن الفلسطينيين، بل عن جارتيها مصر والأردن، اختار في هذه الانتخابات، العزف على وتر الخطر القادم من إيران والصعود الإسلامي في المنطقة، مع تجاهل ذكر الفلسطينيين. ورسم لنفسه صورة الرجل القوي القادر على التعاطي مع التحديات الأمنية الخارجية، وبالتالي حماية أمن إسرائيل، تحت شعار "رئيس وزراء قوي، إسرائيل قوية".كما أن خياره الترشح على لائحة واحدة الى جانب "إسرائيل بيتنا"، الحزب اليميني المتطرف بزعامة افيغدور ليبرمان، وشريكه الحالي في الائتلاف الحكومي، يزيد من المخاوف حول ابتعاده أكثر فأكثر عن اليمين الوسط. ويعزز ذلك تجاهل الحزبين بشكل كامل قضية السلام مع الفلسطينيين، والتطرق عوضا عن ذلك الى دعم بناء المستوطنات ورفض الرضوخ للقوانين الدولية حولها.هذا كله يبدو أنه يشكل عاملا جاذبا للناخب الإسرائيلي الذي لم تعد القضية الفلسطينية على رأس اهتماماته. وتشير الاستطلاعات الى أن تكتل ليكود – بيتنا قد يحصل على أربعة وثلاثين مقعدا في الكنيست من أصل 120، ويكون أكبر تكتل نيابي، وبالتالي يعود إليه تشكيل الحكومة.ولكن رغم التوقعات بفوز هذا التكتل، فإن مقاعد الحزبان يبدو أنها ستتقلص، علما أن الليكود يحظى حاليا بسبعة وعشرين مقعدا، مقابل خمسة عشر لإسرائيل بيتنا، أي مجتمعين يحظيان باثنين وأربعين مقعدا.تغييب الليكود-بيتنا الحديث عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي دفعت بالإسرائيليين الى الشارع عام 2011 في تظاهرات غير مسبوقة، قد تكون سببا في هذا الانخفاض المتوقع لعدد مقاعد الحزبين في الكنيست. ويبدو أن حزب العمل اليساري الوسط بزعامة شيلي ياشيموفيتش استدرك أهمية هذه القضايا بالنسبة الى الناخب، ليبني حملته الانتخابية بشكل شبه كامل على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن بات الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة في طليعة اهتمامات الناخب بحسب الاستطلاعات. وقد يفسر ذلك العودة المتوقعة لحزب العمل كثاني أكبر تكتل في الكنيست بحسب الاستطلاعات، بعد غياب طويل عن الساحة السياسية الرئيسية. وتشير الاستطلاعات الى أن عدد مقاعده في الكنيست قد يرتفع من 8 الى 18.وعودة حزب العمل قد يكون سببها أيضا ضعف حزب كاديما الوسطي الذي يشكل أكبر كتلة في الكنيست حاليا مع ثمانية وعشرين مقعدا. إلا أن الاستطلاعات تشير الى أن كاديما قد لا يفوز بأي مقعد في الانتخابات، بالتالي يختفي عن الخريطة الحزبية.ويعود ذلك الى الانتكاسات المتتالية التي ضربت قيادات الحزب بعد مرض زعيمه ومؤسسه أرييل شارون عام 2006، والذي خلفه ايهود اولمرت في الزعامة ورئاسة الحكومة، ليستقيل بعد توجيه تهم فساد إليه. وحلت مكانه تسيبي ليفني التي نجحت بقيادة الحزب للفوز بأكبر تكتل في الكنيست عام إلفين وتسعة، ولكنها عجزت عن تشكيل حكومة، فعادت الى صفوف المعارضة.الا أن ليفني انشقت عن كاديما العام الماضي بعد أن خسرت معركة الاحتفاظ بالزعامة لصالح شاؤول موفاز، لتؤسس حزبا وسطيا جديدا هو "الحركة" بعد أن انضم إليها عدد من المنشقين عن كاديما. ويخوض حزبها الانتخابات بأجندة إصلاحات اقتصادية، شبيهة بحزب العمل. كما ان حزب الحركة هو الوحيد تقريبا الذي يتطرق الى القضية الفلسطينية، ويدعو الى إعادة إحياء مفاوضات السلام للتوصل الى حل الدولتين. وتشير استطلاعات الرأي الى إمكانية فوز هذا الحزب بأحد عشر مقعدا في الكنيست.