^ في الدول المتقدمة بعض الحضانات ورياض الأطفال تستخدم كاميرات مغلقة مرتبطة بالإنترنت ويمكن للآباء أن يتصلوا بموقع المدرسة على الشبكة في أي وقت من اليوم الدراسي لمشاهدة أطفالهم دقيقة بدقيقة، وذلك من أجل طمأنة الأهل على أبنائهم وطبعاً ليس لدى المدرسة ما تخفيه، خطر ببالي لو أن لدينا كاميرات خفية في المدارس لكنا رأينا العجب العجاب، وما يخرج للعلن هو رأس الجبل الجليدي فقط كما أعلم وتعلمون. قصة الطفل عمر التي جابت البحرين طولاً وعرضاً وتعدتها إلى الفضاء الإلكتروني والإعلامي الخليجي والعربي، والتي كذبناها مراراً وقلنا مستحيل، لماذا ترتكب معلمة فعلاً كهذا ومع طفل في الحضانة؟ ما الإشباع الذي يحققه بالنسبة لها امتهان طفل بريء؟ تمنينا أنها مزحة ثقيلة أو حملة كيدية أو أي شيء آخر إلا أن تكون واقعاً، لكن لا نار بلا دخان وللطفل وأسرته حق إنساني بديهي جداً في التحقيق واللجوء للقضاء إن لزم الأمر انتهاء بإنزال العقوبة العادلة في حال الإدانة. من الصعب تخيل حدوث أمر شنيع كهذا، ماذا قد يظن طفل في الرابعة نفسه فاعلاً حين يقبل حذاء معلمته وماذا قد يحل بنفسيته وهو يظن هذا نوعاً من الحب والتكريم لأنه أفضل وأشطر تلميذ، فقط تخيل نفسك وأنت تنزل طفلك أمام بوابة المدرسة كل يوم مؤتمناً المدرسة ومن فيها على أغلى ما تملك، تخيل أن طفلك كان يهان إلى حد تقبيل حذاء معلمته، لو كان عمر قد واجه هذا وحده فهذا الوقت الذي يتدخل فيه المجتمع بشتى فئاته للوقوف على حقيقة ما حدث ودفع قصة عمر إلى دائرة الضوء لينال كل ذي حق حقه. الموضوع لا يمكن حشره في دائرة الطائفية، وطفل في هذا السن لا يعرف أصلاً ما معنى اسمه ولو كان اسمه جعفر أو عبدالرسول ما كان شعر بالفرق -دعونا من الطائفية فهي جريمة منفصلة- فالجريمة أكبر وأعم ولا تحتمل التسييس، هذه جريمة قد تحدث لأي طفل سنياً كان أو شيعياً أو مسيحياً أو يهودياً أو بوذياً من قبل معلم من أي دين أو طائفة، لا يهم من الفاعل ومن المفعول به فالعقاب يجب أن يكون واحداً وحاسماً ورادعاً ولا يقبل أي مجتمع لديه ذرة إنسانية ولن يقبل المجتمع البحريني بأقل من العدالة الكاملة التي سينالها أي طفل أمريكي أو أوروبي أو ياباني أو من أي بلد آخر في حال أجبر على تقبيل حذاء معلمته مع سبق الإصرار ودون أي بادرة ندم أو خوف أو تراجع. القصة رواها والد عمر للإعلام بتفاصيلها ولم تكذب أو تفند رسمياً ولم يصدر بشأنها بيان للرأي العام وقد تم اتخاذ إجراءات ضد المعلمة وهذا دليل إثبات، وبالطبع هي إجراءات غير كافية أو رادعة. رغم أن اسلوب الإساءة هنا كان بمثابة قنبلة زلزلت الرأي العام، إلا أن هذه ليست أول حالة لمعلم يسيء لطالب ولن تكون الأخيرة، افرضوا رقابة جادة على العملية التعليمية، كفاكم أسلوبكم القديم، حيث يخطر المعلم عن زيارة الموجهين قبل الزيارة بأسبوع، وتوقفوا رجاءً عن التستر والتعتيم وتسيير الأمور بحسب قوة رد الفعل فتنصاعون أمام الضغوط وتهضمون حق الساكت، يجب أن تكون هناك سياسات ثابتة وقوانين، ويجب أن نتخلص من خوفنا المرضي من أن نبدو طائفيين حتى عندما نحكم على الصواب والخطأ فهذا يخل بميزان العدالة. ^ نقطة حبر.. يعتقد معظم المسؤولين وكثير من ساسة الجمعيات والنواب أن المواضيع التي تترك تموت من تلقاء نفسها وأن الناس سينشغلون أو سيفقدون الذاكرة بمعجزة ما، من الواضح أن العكس يحدث؛ ففي حين كان من الممكن احتواء حكاية عمر في إطار القانون فها هي قد وصلت خلال بضعة أيام إلى جولة جديدة من السجال الطائفي ومساحة مثالية للمتطرفين من الطائفتين، أين الوزارة والنواب والحقوقيون والإعلام، كثير من القضايا تنتشر على نطاق واسع ويعرفها الصغير قبل الكبير فيما يظل أهل الحل والربط يتظاهرون بالجهل.
حكاية عمر
15 أبريل 2012