يبدو أن التشريعات التي صادق عليها الكونغرس الأمريكي مؤخراً لتفادي مئات مليارات الدولارات في الزيادات الضريبية وخفض الإنفاق، تمثل الجزء الأكثر سهولة في التصدي لتحديات البلاد المالية.وبنهاية فبراير المقبل، يترتب على صانعي القرار مواجهة تحدي رفع سقف الدين. كما عليهم في إطار ذات الوقت، تقرير ما سيفعلونه بخصوص حجم خفض الإنفاق البالغ نحو 110 مليارات دولار التي تمثل جزءاً من «الهاوية المالية». علاوة على ذلك، تنتهي صلاحية سلطة الإنفاق المُناط بها تسيير الشؤون الحكومية، في مارس المقبل.وعلى الرغم من أن تدابير الهاوية المالية، أنهت حقبة الرئيس بوش للخفض الضريبي للأسر التي يزيد دخلها السنوي عن 450 ألف دولار، وزيادة معدلاتهم الضريبية من 35% إلى 39,6%، إلا أنها جسدت القانون الضريبي ومعدلات الرئيس بوش الضريبية المنخفضة، وفقا لصحيفة "الاتحاد" الإماراتية.لكن أغفلت هذه التشريعات وضع القرارات الأكثر صرامة لخفض العجز الذي يتجاوز تريليون دولار سنوياً والديون الفيدرالية التي تزيد على 16 تريليون دولار. ويبدو أن مستشاري الاستثمارات على استعداد لاستقبال الأسوأ.يقول الرئيس الأمريكي باراك أوباما: «ليس بإمكاننا دفع فواتير تكبدنا خسائرها بالفعل. وفي حالة رفض الكونغرس جعل الحكومة قادرة على تسديد هذه الفواتير في وقتها، فستكون النتائج التي تترتب على الاقتصاد العالمي ككل، وخيمة للغاية».ويضيف الرئيس: «ينبغي أن يسير خفض الإنفاق جنباً إلى جنب مع المزيد من الإصلاحات في القانون الضريبي، حتى لا تستغل الشركات الغنية والأفراد الأثرياء، الثغرات والتخفيضات غير المتاحة لمعظم أفراد الشعب الأمريكي. وليس من الممكن الموافقة على زيادة حد الاقتراض، دون الموافقة على الإصلاحات التي من شأنها التقليل من ذلك الإنفاق الفائض الذي يتسبب في هذه الديون».واتفقت إدارة أوباما والكونغرس في صيف 2011 على مد سقف الدين، مع المصادقة على مشروع قانون يتم بموجبه خفض 1,2 تريليون دولار من الإنفاق المحلي على مدى 10 سنوات. وخلافاً لمشروع «الهاوية المالية»، الذي يتضمن معدلات ضريبية يمكن خفضها بأثر رجعي في حالة عدم التزام الكونغرس بالموعد النهائي، ربما يقود عدم الالتزام بسقف الدين، إلى خفض فوري لتصنيف السندات الأمريكية.وأدت الزيادة في مخاطر الصراع مع الديون، إلى أن يأمل المستشارون في المزيد من الكياسة السياسية في واشنطن خلال العام الحالي، مقارنة بالسنوات القليلة الماضية. ويقول روبرت مارتنيلي، مالك مؤسسة «غارديان لإدارة الثروات»: «تمر البلاد بحالة من الإفلاس وهذا ما يجب التركيز عليه في الوقت الراهن. وللخروج من هذا النفق، من المرجح أن تنعكس آثاره على العديد من القادة والناس. ويبدو أن المسؤولين يولون المزيد من الاهتمام لتحديد المشاكل بدلاً من حلها».وتأكيداً لذلك، يقول جيري ميكوليز، كبير مديري الاستثمار في مؤسسة «برينتون أيتون لاستشارات الثروة»: «يبدو أنهم عودونا على عدم الاعتماد عليهم وأنهم يقضون الكثير من الوقت في إلقاء اللوم لعدم اتخاذ رد الفعل المناسب، بدلاً من فعل شيء ملموس».لكن ينبغي على واشنطن أن ترتقي لمستوى الحدث، نظراً إلى أن محاولة الكونغرس لخفض الديون، ربما تُملي أداء استثمارياً طويل الأجل. ويرى سكوت موزر، المدير التنفيذي لمؤسسة «موزر لاستشارات الثروة»: «أن الصراع مع العجز والتصدي لتكاليف الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي ومعدل الزيادة في هذه التكاليف على مدى الـ10 إلى 20 سنة المقبلة، من الممكن أن يقود إلى إصلاح أو إفساد اقتصاد البلاد وليست الهاوية المالية».ومن المنتظر أن يُلمح الكونغرس، إلى مدى مقدرته على امتلاك الوسائل الكافية للتصدي لهذه القضايا خلال الشهرين المقبلين.وافق مجلس النواب الأمريكي الأسبوع الماضي على إجراء يتيح للحكومة الاتحادية مواصلة الاقتراض خلال الشهور الأربعة المقبلة وهو ما يزيل خطر إشهار إفلاس الحكومة الأمريكية مؤقتاً على الأقل.ووافق المجلس بأغلبية 285 عضوا مقابل 144 عضوا على تعليق العمل بسقف الدين الاتحادي الأمريكي حتى مايو المقبل بما يتيح للحكومة الاقتراض للوفاء بالتزاماتها المالية.وتقول وزارة الخزانة الأمريكية إنه يجب رفع سقف الدين العام الأمريكي الحالي البالغ 16,4 تريليون دولار بنهاية فبراير المقبل حتى تظل الوزارة قادرة على الوفاء بالالتزامات المالية للحكومة.في الوقت نفسه فإن الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب أقرت الاقتراح الخاص بتعليق العمل بسقف الدين العام بهدف تفادي إشهار إفلاس الحكومة لكنها صاغته بلغة تستهدف إجبار مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون على التصويت على مشروع ميزانية قبل التوصل إلى اتفاق طويل الأجل بشأن سقف الدين العام.وكان البيت الأبيض ومجلس الشيوخ قد ألمحا في وقت سابق إلى اعتزامهما الموافقة على الاقتراح الجمهوري.وتعتبر الخطة تنازلا من جانب الجمهوريين الذين لا يريدون تحمل مسؤولية تخلف محتمل للولايات المتحدة عن الدفع. وقلة مستعدة لتكرار استراتيجية صيف 2011 لدى وصول السقف السابق للدين إلى أقصاه.ورحب المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني بموافقة مجلس النواب الأمريكي على تمديد سلطة الاقتراض بمقتضى سقف الدين الاتحادي إلى 19 مايو.وكرر كارني القول إن إدارة الرئيس باراك أوباما كانت تفضل تمديدا لفترة أطول لتجنب استمرار حالة عدم اليقين بشأن المسألة.وما زال يتعين على واشنطن الاتفاق على مستوى النفقات العامة ويطالب الجمهوريون الديموقراطيين باقتطاعات كبيرة في البرامج الصحية والتقاعد.