على وقع حملة تشنها جهات برلمانية إيرانية ضد الرئيس محمود أحمدي نجاد، بسبب إدارته للملف الاقتصادي في البلاد، سجلت العملة الإيرانية أمس، انتكاسة جديدة ومؤلمة، هي الثانية لها خلال 10 أيام، حيث سجل سعر صرف الدولار الأمريكي ارتفاعاً جديداً في سوق الصرف الحرة في طهران ليبلغ قرابة 40 ألف ريال إيراني، وهو أعلى مستوى له مذ فرضت عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إيران في بداية عام 2012، التي أدت إلى تدهور سعر العملة الإيرانية.وبينما توقع تجار إيرانيون أن تشهد العملة الإيرانية مزيداً من التدهور بدفعة من تراجع الثقة الحاد بها، يشهد سعر صرف المصرف المركزي الإيراني فجوة كبيرة جدا ومثيرة للاستغراب مع سعر الصرف الحر، ففي حين يصرف المركزي الدولار الواحد بـ12600 ريال، تصل قيمته في سوق فردوسي المعروف بمركز الصرافة في طهران إلى 40 ألف ريال.إلى ذلك يعاني التجار والمقيمون الإيرانيون في الإمارات من تداعيات كل ذلك على تجارتهم وحياتهم اليومية، بحسب صحيفة الشرق الأوسط، ففي كل يوم تغلق شركة إيرانية جديدة أبوابها وتزيد العقبات أمام من يرغبون في تحويل الأموال إلى إيران أو إلى أي وجهة أخرى، في ظل قطع الإمارات علاقاتها مع 17 بنكا إيرانيا تماشيا مع العقوبات الدولية، منها بنك صادرات إيران وبنك ملي إيران اللذان يملكان فروعا لهما في دولة الإمارات، ويعتمد عليهما الإيرانيون في كل تعاملاتهم المالية تقريبا.وسجل الدولار الأمريكي ارتفاعا تجاوز 4500 ريال إيراني دفعة واحدة وخلال يوم واحد، حيث جرى التداول بالدولار بين 39 ألف ريال و40 ألفا السبت، بعد أن عرض بـ35 ألف ريال 23 يناير الماضي، إثر انتكاسة سابقة بنسبة 8 في المئة، مما يعني أن الريال الإيراني فقد 30 في المئة من قيمته أمام الدولار في مدة لا تتجاوز 10 أيام.ويعتبر هذا الهبوط الإجمالي للعملة الإيرانية الأكبر من نوعه منذ هبوط الريال في سبتمبر الماضي 40 في المئة في بضعة أيام، على أثر مواجهة محافظ البنك المركزي الإيراني محمود بهمني، الذي عينه الرئيس محمود أحمدي نجاد في هذا المنصب في سبتمبر 2008، انتقادات عنيفة بشأن إدارته للعملة.وتعود حلقات الانخفاض المتتالية للعملة الإيرانية إلى عدة أسباب، على رأسها إدارة الحكومة للأزمة الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الدولية، وتحديدا أسلوب البنك المركزي في التعاطي مع القضية، الأمر الذي أشعل عاصفة انتقادات برلمانية حادة ضد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، يضاف إلى ذلك قرب انتخابات الرئاسة الإيرانية والتوقعات بتكرار ما يعرف بالثورة الخضراء في إيران، التي نشبت إبان الانتخابات الرئاسية السابقة المثيرة للجدل.وتتكرر الاتهامات للبنك المركزي الإيراني بسوء الإدارة الاقتصادية، والفشل في إمداد السوق بدولارات كافية لتلبية الطلب، مما ساهم في دفع الريال للهبوط، وفي محاولة لوقف هبوط الريال في سبتمبر الماضي استخدمت الحكومة قوات الأمن لاعتقال تجار عملة، وحاولت فرض سعر رسمي للصرف، وجعلت هذه الحملة من الصعب على كثير من تجار العملة مواصلة عملهم.ويواجه من يواصل الاتجار في العملة خطر الاعتقال والسجن، إضافة إلى مخاطر الخسائر، نظراً للتقلبات غير المتوقعة في الأسعار في السوق، في حين يبدو من الغريب بمكان أن يحافظ المركزي الإيراني على سعر صرف الدولار بين 12 إلى 13 ألف ريال، مما يعني أن سعر صرف البنك المركزي الإيراني أقل 70 في المئة عن سعر الصرف الحر.والدولار الذي كان سعره 12 ألف ريال في نهاية 2011 قبل تبني العقوبات المصرفية والنفطية الجديدة التي فرضها الغرب على خلفية برنامج إيران النووي، بلغ سعره في بداية أكتوبر الماضي 36 ألف ريال، قبل أن يعود إلى 32 ألفا، في حين يلجأ الإيرانيون المتضررون إلى ما يعرف بالحوالات بالباطن التي ازدهر سوقها مؤخرا، بحسب مشتغلين في قطاع الصيرفة الإماراتي، بحيث يمكن صرف الدولار بـ37800 ريال إيراني في هذا النوع من الحوالات غير القانونية، وفقا لأسعار مساء أمس.إلى ذلك، اشتكى إيرانيون من امتناع مراكز الصرافة الإماراتية عن التعامل بالريال الإيراني بيعا أو شراء أو تحويلا، مهما كان حجم المبلغ، يأتي ذلك في وقت يصعب على الإيراني المقيم في الإمارات تحويل الأموال إلى أي جهة في العالم، إلا ضمن ضوابط وشروط صارمة، إلا في بعض الحالات غير القانونية.وقال مشتغلون في قطاع الصيرفة الإماراتية إن العملة الإيرانية غير مرحب بها نهائيا حتى إننا ألغينا رمز العملة الإيرانية من على أنظمة التحويل، والإيراني غير قادر على تحويل 100 دولار لا إلى إيراني ولا إلى أي وجهة في العالم.وتعمل 8 آلاف شركة إيرانية في الإمارات بشكل رئيسي في قطاع المواد الغذائية والمواد الخام والحديد والفولاذ والإلكترونيات والإطارات والمعدات المنزلية، وغيرها من المواد، ويرى تجار إيرانيون أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه سيدفع شركات كثيرة للإغلاق، كما أنه تسبب في إفلاس الكثيرين، وهو ما بدا يظهر جليا من خلال عدد من رجال الأعمال الذين يصفّون أعمالهم ويغادرون الإمارات.