توقعت مؤسسة ستاندرد آند بوورز للتصنيف الائتماني أن تحل البنوك التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي محل البنوك الأوروبية في شراء موجودات وحصص البنوك في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وربما في مناطق أخرى من إفريقيا. وقالت مؤسسة التصنيف الأمريكية في تقرير بهذا الخصوص نشرته صحيفة الشرق الأوسط، إن البنوك الخليجية تستفيد في توسيع عملياتها الشرائية لحصص مصرفية في المنطقة العربية وما جاورها من قوة قاعدتها المالية ودعم مساهميها للتوسع مع انسحاب البنوك الأوروبية من المنطقة بسبب ضعف موازناتها المالية في أعقاب أزمة الديون الأوروبية. يذكر أن البنوك السعودية التي تعد الأكبر في دول التعاون أظهرت ارتفاعا ملحوظا في أرباحها خلال عام 2012، حيث بلغت الأرباح المجمعة 35.51 مليار ريال في عام 2012 بزيادة 9 في المئة على مستوياتها في عام 2011.وتستفيد البنوك الخليجية من التوسع الإقراضي في دول التعاون والسيولة المتاحة لها خاصة البنوك السعودية التي ستستفيد خلال العام الجاري والأعوام المقبلة من النمو الكبير المتوقع في سوق الإقراض الإسكانية. وفي هذا الصدد، قال جون ديفي البروفسور الزائر في جامعة لندن للأعمال التجارية إن الاقتصاد السعودي سيواصل التوسع خلال عام 2013 وفي السنوات المقبلة، لأنه إضافة إلى الموارد النفطية فإن السعودية لديها أعداد هائلة من الشباب الذين يبحثون عن فرص عمل حقيقية بعد تخرجهم في الجامعات، وبالتأكيد فإن الاقتصاد لا بد من أن يتوسع لتوفير الفرص الوظيفية لهؤلاء وكذلك للشابات اللائي تخرجن في الجامعات، وبالتالي فإن البنوك ستوسع عملياتها، ومن ثم سترتفع أرباحها.وقالت ستاندرد آند بوورز في التقرير الصادر أمس إن البنوك في دول الخليج لديها رأس مال فائض ولديها قاعدة مالية قوية وسيولة كافية ودعم من قبل المساهمين لتنفيذ عمليات شراء موجودات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث توجد فرص للنمو على المدى الطويل. ولاحظت مؤسسة التصنيف الأمريكية أن صفقات الاستحواذ التي نفذتها البنوك الخليجية في العام الماضي ارتفعت بشكل ملحوظ خاصة في تركيا ومصر، وقالت إن البنوك الأوروبية تخرج من السوق في هذه المنطقة وتدخل بدلا منها البنوك الخليجية كمشتر رئيسي. وقال التقرير "بالنظر إلى أسعار الصفقات التي أعلن عنها يلاحظ أن الصفقات التي نفذتها البنوك الخليجية لتملك حصص رئيسية في مؤسسات مالية في منطقة الشرق الأوسط منخفضة من حيث السعر مقارنة بمستويات الأسعار قبل الأزمة المالية كما أن هذه الصفقات تخلق فرصا لدخول هذه الأسواق والعمل فيها على المدى الطويل".ويرى التقرير أن النمو في اقتصادات الدول ذات المخاطر العالية ربما يرفع مخاطر متطلبات رأس المال للبنك المشتري وبالتالي يقلل من تقييمنا لكفاية رأس ماله، ولكن على الرغم من ذلك فإن بنوك مجلس التعاون لديها مساهمون داعمون وقوة داخلية لتفعيل رأس المال. وأضافت أن هذه الصفقات خارج مجلس التعاون توفر فرصا لهذه البنوك لتنويع عملياتها في أسواق غير مشبعة بنكيا يمكن أن تساعدها على النمو في المدى الطويل، لكن ستاندرد آند بوورز لاحظت أن البنوك في دول التعاون ليست لديها خبرة في الإقراض وعمليات الاكتتاب خارج منطقتها، وقالت إن ذلك يجعلنا ننظر له كعامل من عوامل المخاطر.وحول إمكانية توسع البنوك الخليجية في المنطقة العربية قال فضل البوعينين الخبير الاقتصادي السعودي، إن الإمكانات التي تملكها البنوك الخليجية تعطي لها الفرصة. وبين البوعينين أن البنوك الخليجية أخذت تصنيفا عاليا بين بنوك المنطقة، وهو ما يعكس قدرة تلك البنوك على عمليات التشغيل في المنطقة، في الوقت الذي استطاعت فيه مواجهة مختلف الأزمات خلال الفترات الماضية، مؤكدا أن قدرة بنوك «التعاون» ترتكز على عاملين يتمحوران في الملاءمة المالية والكفاءة الإدارية والتشغيلية.وشدد الخبير الاقتصادي السعودي على أن تلك القدرة للبنوك الخليجية تصطدم بعدد من التحديات، وقال "إذا لم تكن هناك تشريعات ودعم من الحكومات لمساعدة المستثمرين في دفعها إلى ذلك التوجه، فإن عملية التحفيز لن تكون بالشكل المطلوب ولن تتمكن من لعب أدوار البنوك الأوروبية التي كانت مساندة من حكوماتها للدخول في هذه الاستثمارات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".وتابع أنه قد تكون الفرصة من خلال إدارة العمليات من الداخل في الوقت الحالي أفضل من إدارتها كبنوك أجنبية مستثمرة، بحيث يعمل البنك الخليجي على تأسيس بنك محلي في دول شمال أفريقيا أو الشرق الأوسط، يتملك جزءا منه ويشارك الحكومة أو مستثمرين محليين في البلد، حيث إن ذلك سيعمل على تخفيف المخاطرة بشكل كبير.وذكر البوعينين أن الفرص في الوقت الحالي تعتبر مغرية للانخفاض الكبير في الأصول وفرصة تحقيق عوائد جيدة للبنوك المهتمة بالاستثمار في تلك الدول، مشيرا إلى أن ذلك التحرك بحاجة إلى مظلة حماية قانونية من خلال الدولتين، وهما بلد البنك والبلد المستضيف، ومشاركة هيئات دولية لحماية تلك الاستثمارات.