كتب عبدالرحمن الشيخ: تحولت قصة العامل الآسيوي الذي عوقب لأكله ثلاث حبات من فاكهة الكنار إلى قضية رأي عام في البحرين، وتداولها البحرينيون على نطاق واسع بمختلف وسائل النشر والتواصل، وشهدت كثيرا من الإسقاطات على قضايا أخرى. وكانت محكمة قضت بتغريم عامل آسيوي دينارا بعد توقيفه 22 يوما، بناء على شكوى تقدم بها صاحب مزرعة في منطقة "باربار" اتهم فيها العامل "بسرقة ثلاث حبات من فاكهة الكنار". وأبدى بحرينيون تعاطفا كبيرا مع العامل الآسيوي الذي حضر للبحرين قبل "الواقعة" بـ 25 يوما للعمل كصياد على مركب، ولم يكن قد حصل على أول راتب له، والتقط ثلاث حبات من الكنار كانت على الأرض قرب مزرعة لا يحدها سور ليسد جوعه، حسب إفادته، فطارده صاحب المزرعة حتى سقطت محفظة العامل وبها هويته الشخصية، فتوجه إلى الشرطة مدعيا على العامل، ورفض التنازل عن القضية حتى النهاية. انتشرت القضية في المجتمع البحريني كالنار في الهشيم، وباتت من المواد الدسمة للمعلقين والمغردين وكتاب الأعمدة ورسامي الكاريكاتير، وطبعا حديث المجالس. وظهرت مئات التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي منددة بسلوك صاحب المزرعة، ومذكرة بما عرف عن أهل البحرين والعرب عامة من طيب وكرم وإغاثة للمحتاج، كما أكد كتاب أعمدة في الصحف المحلية أن ما حدث في "قضية الآسيوي" ليس من عادات أهل البحرين "المعروف عنهم الإنسانية. ويشهد للبحرين الدول الخليجية والعربية والأجنبية بالطيب والكرم والأخلاق الحميدة مع كل المقيمين". وغردت المواطنة موزة الحادي حول القضية بالقول: " بعيداً عن نظر القضاء لمثل هذه القضية التافهة، كيف يتجرأ صاحب القضية بتقديم مثل هذه الشكوى ؟؟؟!!". فيما ذهب بوصالح في صفحته على موقع "تويتر"، إلى السخرية قائلا: "قضيه سرقة الكنار ذكرتني بحلقه طفاش يوم عنزة بوعذاري كلت الجت مال حجي مكي والمحامين جسوم وطفاش". وقال صالح، القارئ لموقع الوطن، في معرض تعليقه على مقال للكاتب هشام الزياني حول القضية إن "البحريني معروف بالطيبة والتسامح، فعجبي و يا عجبي من الشكوة ومن ثم عدم التنازل، هل كل هذا من اجل ان يعطى هذا الفقير جرعه من الذل والعقاب؟ اين هذا وذاك من احاديث النبي في كل كبد رطبا صدقه، وغيره من الاحديث. ومن ثم كيف لهم ان يطالبوا بالعفو عن الذين ارادوا ان ينقلبوا على النظام وان يعفى عن القتلة والذين يحرقون ويروعون الامنين وكم وكم مرة تم العفوا عنهم للأسف الشديد؟ ". وسخر بومحمد في تعليق على مقال للكاتب فيصل الشيخ قائلا: "عيل ألحين آنه شاسوي في فريجنا شجرة كنار وكنارها لذيذ بالمرة، لكن لسوء الحظ أنه يسقط في الشارع وتدوسه السيارات (راحوا فيها اصحاب السيارات ) وفي هذا الشهر وقت لكنار وآنه أطلع من الصبح قبل السيارات علشان أتلقط من ذاك لكنار، يعني إذا حطوا لي أهل البيت كميرا سرية رحت فيها وطي، ثلاث شهور ماكلها بالراحة". إسقاطات لم يكن التعاطف إلا رد الفعل الأولي من البحرينيين على القضية والحكم فيها، فتحول الموضوع إلى حجر حرك مواضيع أخرى كثيرة، خصوصا ما يتعلق بالفساد والسرقة والإرهاب والقضاء. المواطن حمود قال في صفحته على "تويتر" عن القضية: "مادامت سرقة الكنار تعد من اكبر الجرائم في البلد، فسأعطي كل سارق ومفسد كنارة، وأصورهم وهم يمضغونها، فأسرع الى حضرة القاضي ليسجنهم جميعا". وقال حسن خالد على "التويتر" أيضا: لحد يحاول ياكل كنار مفلوت، ترى عقوبته أقسى من اللي يفلت ملتوفات على رجال الأمن، الحذر ثم الحذر يا قوم !! واستغربت المواطنة مي الزياني تطبيق مبدأ "عفا الله عما سلف" على "حوادث الإرهاب" ورفضه على "سرقة الكنار"، والاستغراب نفسه أعرب عنه فيصل المناعي على "تويتر" بقوله إن "من سرق من أموال الوطن لم يحاسب. من حرق وطننا الغالي لم يحاسب. أما من أكل 3 كنارات تم تغريمه وحبسه". وانضم عمار إلى المستغربين على "تويتر": "تحقيق، وإفادات وفتح قضية، وتحويلها إلى النيابة ومن النيابة لي القضاء، وآخر شي سرقة 3 كنارات، واللي حرق الوطن وقتل مازال حيٌ يُرزق". من جهته، تساءل " قروب الفاروق": هل معقولة ان يتم سجن آسيوي جائع 22 يوم ويدفعونه غرامة بس عشان اكل 3 كنارات؟؟!! لهالدرجة قضاءنا صارم؟!". وفي الجانب ذاته، قال خالد فهد في "تويتر": "صج حالتنا حالة إذا كل القضايا الجنائية في محاكمنا تأجيل وعفو و تخفيف، بس قضية سرقة الكنار قضية مستعجلة و مهمة جدا جدا!!". وأغرى الموضوع كثيرا من كتاب الأعمدة في الصحف المحلية لمشاركة الشارع في استغرابه ومطالباته خلال الأيام الماضية، وظهرت عناوين مثل: "فليحكمنا قانون الكنار"، و"بوق أي شيئ غير الكنار ولا تخاف" وغيرها، وتفاعل معها المعلقون بكثرة، وكتبت تحت هذه المقالات قصائد في "قضية الكنار" منها قصيدة حسن المرزوقي:
جا كومار في ديرتي يبغي شغل** شغلوه بحار بس من دون اجر***
جاع كومار و الحال منه ما يسر** لا تمر موجود ولا حتى بسر***
شاف كومار لكنار و ضاع منه الفكر** و التهم منهم ثلاث فيهم صفر***
و جرجره راعي الحلال وقت الظهر** و قال للشرطه هذا حرامي من الصغر***
و حبسوه يومين و عشرين بالأمر** و عاش كومار ياكل و حاله مستتر***
و قال كومار لكنار و لا عيشة الفقر** و من لقى لكنار عنه لا يفر***
من أكل لكنار بيعيش حاله تسر** بياكل المجبوس ولا هو يفتكر***